تعتبر الطائرات دون طيار من أهم الوسائل الحربية الحديثة التي تضمن أقل الخسائر البشرية بالنسبة لمستخدميها. بعد التجارب الناجحة لهذه الطائرات المقاتلة، كثرت أيضا التصريحات المطالبة بضرورة تزويد الجيش الألماني بها.  قضى الملازم كارستن إندمان ثلاث سنوات في أفغانستان. وتمثلت مهمته هناك في تشغيل طائرة "درون" أو ما يعرف بالطائرة دون طيار. وجاء ذلك بعد أن أنهى الأخير فترة تدريبية في إسرائيل. وتظهر بعض الصور التي تم التقاطها بواسطة تلك الطائرات منازل وأسواقا "لإرهابيين محتملين"، حسب إندمان. وهو ما تمّ " تأكيده بالفعل"، إذ أظهرت الصور عملية نقل للأسلحة، ما دفع بالجيش الألماني إلى إطلاق أعيرة تحذيرية. وكان ذلك  "كافيا بالنسبة لهؤلاء المقاتلين لإبعاد أسلحتهم" حسب إندمان. وما يظهر على شاشات مركز القيادة يشبه بكثير ما يظهر على شاشة ألعاب الكمبيوتر. غير أن هناك فارق بين الصور أمام شاشة إندمان والصور على شاشة الألعاب الوهمية. وهو ما يدركه الملازم الألماني جيدا، مضيفا أن "الأشخاص الذين ترونهم الآن على الشاشة، كنت قد تحدثت إليهم البارحة" وفي حال تعرضهم إلى هجوم "فإن ذلك سيشكل بالنسبة لي صدمة نفسية كبيرة".حتى الآن لا تعتمد ألمانيا على طائرات مقاتلة من دون طيار، وذلك على عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي تستخدمها منذ عام 2001 في إطار ما يسمى بحربها على الإرهاب.   وتوضح يوتا فيبر أستاذة محاضرة بجامعة بادربورن الألمانية في شعبة الفلسفة التقنية أن "تلك الطائرات لا تستخدم من قبل الجيش فحسب، وإنما من قبل أجهزة الاستخبارات أيضا وأيضا في البلدان التي لا تتوفر على غطاء جوي آمن. وتعتبر أن استخدام تلك الطائرات يهدف عمدا الى قتل أشخاص دون منحهم الحق في محاكمات عادلة". كما تعتبر الخبيرة أن طائرات "درونز" تمثل "إشكالية كبيرة". فوفق مؤسسات حقوقية دولية، تم قتل مدنيين بطائرات "درونز" فقط لأن سلوكهم لم يكن متطابقا مع الصورة النمطية التي استهدفت أساسا المقاتلين الإسلاميين. وحسب منظمة ميدكت الطبية فقد لقي منذ عام 2001 ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف وخمسمائة شخص حتفهم في باكستان وصوماليا واليمن بعد استهدافهم  من قبل تلك الطائرات. من جهته، صرح توماس ديميزيار وزير الدفاع الألماني أنه لا يرى "أيّ مانع أخلاقي أو قانوني ضد استخدام طائرات درونز"، بل إنه يرى "ضرورة ذلك، بالنظر إلى الوضع الأمني والتقني وما تقتضيه علاقات التحالف الدولية". غير أن الجيش الألماني يستخدم طائرات استكشافية من طراز هيرون،  وهي طائرات استطلاعية من دون طيار توصف بالجيل الأول لتلك الطائرات. وهي إسرائيلية الصنع. وقد تمّ اعتمادها منذ عام 2009 في أفغانستان. وطائرة هيرون مجهزة بتقنيات حديثة، وبأشعة فوق بنفسجية وبكاميرا عالية الجودة، كما إنها تستطيع الطيران لمدة ثماني عشرة ساعة متواصلة. ومن المنتظر أن ينتهي خريف عام 2014 العقد القائم بين الشركة الإسرائيلية والجيش الألماني بهذا الشأن. وهناك ما يشير إلى أنه سيتم التخلي عن طائرات هيرون لتعويضها بطائرات بريداتور المقاتلة الأمريكية الصنع. ولم يحسم الجانب الأمريكي موقفه من هذه الرغبة الألمانية. كما إنه من غير الواضح معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل بيع تقنيتها المتطورة للجيش الألماني أم أنها ستكتفي تصدير نسخة أصغر من تلك الطائرات لحليفتها. وفي داخل ألمانيا نفسها لا يزال النقاش دائرا حول مدى الأهمية الأمنية لتلك الطائرات ومدى إمكانية اعتبارها وسيلة أخلاقية أو غيرأخلاقية عند توظيفها للمهمات. وهو نقاش سيستمر بكل تأكيد إلى فترة ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة في أيلول/ سبتمبر القادم ، حيث تم توقيف صفقة شراء طائرات أوروآواك الاستطلاعية والتي قدرت تكلفتها بحوالي مليار يورو وربما أكثر من ذلك، حسب المراقبين.