امسك الرئيس الايطالي جيورجيو نابوليتانو الجمعة بزمام الامور في محاولة لتسوية ازمة معقدة بين مطالب اليسار من جهة واليمين من جهة اخرى والمحتجين بقيادة الكوميدي السابق بيبه غريلو. وفي محاولة حلحلة مقاربة سياسية معقدة، سيلتقي الجمعة رئيس حزب الحرية سيلفيو برلوسكوني ورئيس حزب حركة خمس نجوم بيبه غريلو ثم زعيمي الوسط ماريو مونتي واليسار بيير لويجي بيرساني. وقد حصل اليسار على الغالبية المطلقة في مجلس النواب في الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير، ولكن حصل اليمين بقيادة برلوسكوني وحركة خمس نجوم على الغالبية في مجلس الشيوخ حيث حصلت ثلاث قوى متنافسة على عدد متقارب من المقاعد وهي اليسار، واليمين بزعامة سيلفيو برلوسكوني وحركة خمس نجوم بزعامة بيبه غريلو. ولدى خروجه من لقاء مع الرئيس نابوليتانو قال برلوسكوني انه اقترح مرة اخرى تحالفا بين اليسار واليمين لحكم البلاد. وصرح "باسم العقلانية ومصلحة البلاد، يجب ايجاد صيغة لتشكيل حكومة، ما زلنا مستعدين لتشكيل حكومة ائتلافية". لكن بيرساني يرى ان مثل هذه الحكومة التي يطلق عليها اسم "ائتلاف كبير" غير مقبولة لانها ستثير غضب ناخبيه وقد تتسبب في تفجير حزبه. من جهة اخرى نفى برلوسكوني اي مساومة مع اليسار تتمثل في دعم غير مباشر (عبر الامتناع عن التصويت مثلا) خلال اول تصويت على الثقة في البرلمان مقابل الموافقة على اسم يختاره اليمين لرئاسة الحكومة. واكد انه "لم تحصل اي مفاوضات ولم يصدر موقف من طرفنا لتعيين رئيس الحكومة". وافادت الصحافة ان ثري وسائل الاعلام (برلوسكوني) الراغب في الحصول على اكبر حصانة ممكنة لتفادي مشاكله القضائية، قد يكون هو المرشح الى رئاسة الحكومة او ذراعه الايمن جياني ليتا، وقد تكون الاستطلاعات التي تفيد بارتفاع شعبية حزبه، زادت في اقدامه. وتوقع معهد اس.دبليو.جي ان يفوز ائتلاف برلوسكوني اذا جرت انتخابات اخرى، ب32,5% من الاصوات متغلبا بفارق كبير على اليسار 29,6% وتراجع حركة خمس نجوم الى 24,8%. ويبدو ان برلوسكوني بات يدافع عن موقف "كل شيء او لا شيء" اي رئاسة الحكومة لحزبه او العودة الى صناديق الاقتراع في حزيران/يونيو او تموز/يوليو وهي فرضية غير محتملة تقنيا لانه يجب ان ينتخب البرلمان اولا خليفة نابوليتانو بحلول 15 ايار/مايو. ويواجه الرئيس وضعا شديد التعقيد الى حد ان الحزب الديموقراطي (يسار) وحزب الحرية الديموقراطي (يمين) يرفضان في الوقت الراهن فكرة حكومة سميت حكومة "الرئيس" تقودها شخصية محايدة يقتصر عملها على بعض الاجراءات (القانون الانتخابي والميزانية وخفض تكاليف السياسة) قبل انتخابات جديدة بعد تسعة الى 12 شهرا. وقال روبرتو ماروني من رابطة الشمال حليفة برلوسكوني في الندوة الصحافية التي عقدها الاخير "لن نقبل ابدا في المستقبل بحكومة تشبه حكومة (ماريو) مونتي لتضع فقط ضرائب وتقتل المؤسسات". وتوقعت صحف عدة ان تتولى وزيرة الداخلية انا ماريا كانتشيليري، وهي محبذة لدى اليسار واليمين على حد سواء، رئاسة حكومة انتقالية. لكن في الوقت الراهن واثناء المشاورات التي يقوم بها نابوليتانو باتت المهمة التي كلفها الرئيس السبت الماضي لبيرساني لتشكيل حكومة "مجمدة". وفي مسلسل دراماتيكي معهود في ايطاليا صعد بيرساني مساء الخميس الى المنصة وقال بوجه عابس انه "فشل" في مفاوضات استغرقت اياما عدة مع القوى الاخرى، لكن امام وسائل الاعلام التي تحدثت عن اخفاق، سارع الحزب الديموقراطي الى التوضيح ان بيرساني لم ينسحب و"لا يتخلى" عن تشكيل حكومة. وندد رئيس الحزب الديموقراطي "بعراقيل وظروف غير مقبولة" في اشارة الى الموقف المناهض لحزب الحرية الديموقراطي ولحركة خمس نجوم، والى رفض حزب بيبه غريلو رغم انه منبثق من ناخبين اقرب الى اليسار. ويعلم الرئيس بان الوقت يداهمه بينما يتخبط الاقتصاد الايطالي وهو ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، في ركود كبير مع قلق ينتاب الشركاء الاجانب. وعنونت صحيفة ايل سولي 24 اوري، اكبر صحيفة اقتصادية على صفحتها الاولى "كفى لعبا" وذكرت في افتتاحيتها بان "شابا من اثنين عاطل عن العمل" وان "عشرات من الشركات تغلق ابوابها يوميا".