موقع "يوتيوب"

 قضت الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، السبت، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة، وعضوية سعيد القصير وممدوح وليم ومحمود وشيد وعمرو المقاول نواب رئيس المجلس، بعدم قبول الطعون المقامة، لإلغاء حكم أول درجة بغلق موقع "يوتيوب" لمدة شهر وأمرت بالاستمرار في تنفيذ الحكم،

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إن قضاء المحكمة جرى على أن الدستور المصري كفل حرية التعبير في مدلوله العام ومجالاته المختلفة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وجميع وسائل التعبير، وضمان من الدستور أن حرية التعبير من عرضها ونشرها بأي وسيلة، إذ أن هذه الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية، وأن ما توخاه الدستور من خلال ضمان حرية التعبير هو أن يكون التماس الآراء والأفكار وتلقيها عن الغير ونقلها إليه غير مقيدة بالحدود الإقليمية على اختلافها ولا تنحصر على مصادر بذاتها بل قصد أن تنتشر وأن تتعدد مواردها.

وأشارت المحكمة إلى أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور، ومنها حرية الفكر والتعبير ليست حريات وحقوق مطلقة وإنما هي مقيدة للحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده والتراث التاريخي للشعب والآداب العامة، وقد ناط القانون تنظيم الاتصالات للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ووزير الاتصالات، وتنظيم وسائل إرسال أو استقبال المعلومات بمختلف طبيعتها بين المستخدمين في مصر والدول الأجنبية، وذلك بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومي للبلاد .

وأوضحت الحيثيات أن المشرع لَم يحدد الحالات التي تستدعى حجب المواقع الإلكترونية إلا أن ذلك لا يخل بحق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في حجب بعض المواقع على الشبكة الدولية للإنترنت، حينما يكون هناك مساسًا بالأمن القومي أو المصالح العليا للدولة، وذلك بما له من سلطة في مجال الضبط الإداري لحماية النظام العام، وأن المحكمة لا تتناول الفيلم المسيئ وما تضمنه من خرافات هي من نسيج خيال مريض لمصورها، إذ أن الإسلام والرسول الكريم ليس في حاجة للمحكمة أو لغيرها للدفاع عن قدسيتهما وسماوية رسالتهم وإنما تراقب تأثير ذلك العمل المثير على الأمن القومي الداخلي وتماسك الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي والمواطنة.

وأكدت المحكمة أنه تبين أن عرض الفيلم المشار إليه على موقع يوتيوب وغيره من المواقع الإلكترونية كان له بالغ الأثر على الأمن القومي الداخلي، حيث انتهز بعض أعداء الوطن من مثيري الفتن عرض هذا الفيلم لتغذية الطائفية وضرب الوحدة الوطنية في مقتل للنيل من سلامة الوطن ومواطنيه، واكتسحت المظاهرات وأعمال العنف الكثير من أرجاء البلاد تنديدًا بهذا الفيلم المثير مما أدى إلى حدوث اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، الأمر الذي كان يتعين معه على الجهاز القومي للاتصالات أن تسارع بحجب هذا الفيلم المسيىء من موقع اليوتيوب وكافة المواقع الإلكترونية، وإن لم يكن هذا في استطاعته فكان عليه أن يقوم بحجب موقع اليوتيوب كاملًا لحفظ الأمن والسلام الاجتماعي للبلاد والحفاظ على مشاعر العالم الإسلامي كافة .

والمحكمة تضع أمام بصرها أن هذا القضاء ليس لمواجهة الظرف الحالي فقط وإنما ردعًا وتقويمًا وإنذارًا لتلك المواقع والعبث بالمعتقدات والثوابت الدينية للشعب المصري بحجة حرية الفكر والتعبير لإثارة البغضاء والكراهية بين أبناء الشعب الواحد وتقسيمه لأحزاب.