أحمد أبو الغيط

اكد أحمد أبو الغيط ،الأمين العام لجامعة الدول العربية إن الموقف العربي بشأن القرار الأمريكي حول القدس .. واضحٌ لا لبس فيه وهو ان القدس الشرقية أرض محتلة، وهي عاصمة للدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام والاستقرارُ في المنطقة إلا بقيامها حرة مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وفق قرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.

واكد ان وزراء الخارجية العرب سيجتمعون أول الشهر القادم لمناقشة الإجراءات التفصيلية والخطوات المُحددة التي ستقوم بها الدول العربية لدعم القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، والحفاظ على هذا الزخم العالمي المؤيد والمُساند وتصعيد الحملة الداعية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

جاء ذلك في كلمته أمـــام مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس اليوم ،الذي انطلقت أعماله اليوم بالقاهرة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر.

واكد ابو الغيط اهمية المؤتمر والدور الذي يقوم به الازهر الشريف لدعم القدس ، منوهاً بمُسارعته إلى الرد بقوة على القرار الأمريكي من خلال هيئة كبار العلماء ومُشيداً بمبادرته المحمودة بعقد مؤتمر حول القدس في هذا التوقيت الدقيق.

وقال إن الأبعاد المتشابكة لقضية القدس، القانونية والتاريخية والسياسية، لا ينبغي لها أن تُنسينا البعد الديني، بشقيه الإسلامي والمسيحي ،موضحا إن القدس ليست بقعة جغرافية من الأرض، وإنما قطعة من الروح والوجدان والوعي الديني للعرب والمسلمين مؤكدا إن قراراً لدولة، مهما كانت مكانتها، لا يغير من هذه الحقائق شيئاً.

واضاف إن إعلان الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامها نقل سفارتها إليها مدانٌ ومرفوض وليس له من أثر قانوني أو سياسي سوى إدانة الدولة التي اتخذته، وعزلها، ووصم سياساتها بالظلم ومواقفها بالانحياز وقراراتها بالبُطلان .

ونوه ابو الغيط بموافقة الوزراء العرب في اجتماعهم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في 9 ديسمبر الماضي على خطة عملٍ من أجل التصدي لهذا القرار الأمريكي الجائر، والإبقاء عليه في دائرة البطلان والرفض الدولي، والحد من تبعاته السلبية، والحيلولة دون إقدام أية دولة على خطوة مماثلة.

وقال إن هذا الجهد المبذول على الصعيد الرسمي مهمٌ وضروري إلا انه اكد في الوقت ذاته أن القضية أكبر من أن تُحصر في المجال الرسمي أو أن تحمل لواءها الحكومات وحدها، مؤكدا ان القدس قضية كل عربي ويتعين على القوى الحية في هذه الأمة أن تحتضن هذه القضية احتضاناً كاملاً، وأن تحتشد لها، وتنافح عنها .

ونوه بما يعاني منه سكان مدينة القدس تحت نير واحدٍ من أشد أشكال الاستعمار بطشاً وقسوة، وأكثرها إمعاناً في التنكيل ،مشيرا الى انه في القدس نحو ثلاثمائة ألف فلسطيني يمارسون كل يوم صموداً أسطورياً ووجودهم في المدينة هو العنوان الحقيقي على عروبتها ،وصمودهم شرفٌ على جبين هذه الأمة، كما ان إستمساكهم بالأرض وصلاتهم في الأقصى هو ما يحول بين المحتل الغاشم وبين تحقيق مخططاته لتهويد المدينة.

وقال إن لدى إسرائيل سياسة مُمنهجة لتهميش الوجود العربي في المدينة وحصاره، عبر منع تصاريح البناء لتحجيم النمو العمراني الطبيعي وسحب الهويات وعدم تجديدها، وزرع المستوطنات بين مدينة القدس وبقية مناطق الضفة الغربية، بل وفي قلب الأحياء العربية في القدس، فضلاً عن المخططات الخطيرة للحفر أسفل المسجد الأقصى بحثاً عن الهيكل المزعوم وإدخال جماعات من اليهود المتطرفين كل يوم إلى باحات المسجد الأقصى بحجة الصلاة وانتهاءً بالقانون الباطل المدعو "القدس الموحدة" الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي، وهو الحلقة الأخيرة في سلسلة من القرارات والإجراءات والقوانين العنصرية التي تهدف إلى إجراء عمليات تهجير قسري للمقدسيين، من أجل الإبقاء على أغلبية يهودية في المدينة.

وشدد ابو الغيط علي إن مساندة المقدسيين هو واجبٌ على كل عربي ومسلم .

وقال "واهمٌ من يظن أن وضعية القدس ومكانتها يُمكن أن تتغير بقرارٍ أو إجراء ، و مخطئٌ من يعتقد أن انتزاع القدس من وعي المسلمين والعرب هو أمرٌ ممكن ، مشددا علي إن قضية القدس لن تموت ما بقيت حية في الوعي والوجدان ،كما إن للأزهر الشريف دوراً أساسياً في تحصين وعي الأجيال من أي عبث بهذه القضية الهامة، وفي صيانة هذا الوعي من أي تشويه أو تحريف ،مضيفا "كلنا ثقة في أن الأزهر –كما هو العهد به – لن يُضيع القضية ولن يخذل القدس أبدا" ً.