حريق مستشفى الحسين الجامعي

لم يكن وقع نبأ نشوب حريق في مستشفى الحسين الجامعي خبرا مأساويا كغيره من الأخبار التي نطالعها بأسى وحسرة في صفحات الحوادث. فالحادث كشف عن المعدن الأصيل للمصري الذي وإن تكالبت عليه الهموم يظل هو ابن البلد الأصيل الذي يمكن فعليا أن يلقي بنفسه في النار من أجل غيره، وهو ما فعله الأطباء والممرضون والإداريون وأهالي المرضى في هذا المستشفى الجامعي العريق من أجل إنقاذ كل من كانوا في مباني المستشفى بالقرب من النار أو بعيدا عنها، فكان مشهد الخروج من المبنى المحترق منظما إلى حد كبير وتعاون فيه الجميع بصورة تدعو للفخ، ليبرز في النهاية ملحمة إنسانية لا تقل في عظمتها عن عملية إنقاذ الصبية التايلانديين الذين كانوا محتجزين في كهف مع مدربهم وتابع العالم قصتهم.

ويقول الدكتور إبراهيم الدسوقي، مدير عام مستشفى الحسين الجامعي: إنه فخور بكل طاقم العمل في هذا المستشفى العريق وإنهم يستحقون أعلى التكريمات، مشيرا إلى أن هذه هي الروح السائدة في المستشفى لمن لا يعرفها. وأوضح أن المستشفى يعمل حتى الآن فيما عدا الأقسام التي أصابها الحريق وهي قسم الرمد والقلب والعصبية. وأضاف أن العمل سوف ينتظم بكامل الأقسام بعد صدور قرار النيابة العامة وأوضح أن مشكلة مستشفى الحسين الجامعي ليست مشكلة امكانات على الإطلاق وأنه قادر على تدبير ميزانيته، لكنه في حاجة ماسة لإعادة البنية التحتية به وهو الأمر الذي سيكلف الدولة تقديريا حوالي 400 مليون جنيه، لافتا إلى أن المستشفى يقع في 5 مبان كبيرة بمساحة تتعدى 10 آلاف متر مربع وتشتمل على 1200 سرير، ونسبة الإشغال تتعدى 100%.

أما الدكتور محمود الجبالي طبيب مقيم ـ أمراض القلب ـ في مستشفى الحسين الجامعي، فحكى أنه أثناء خروجه من وحدة قسطرة القلب وجد الناس يقومون بالجري إلى خارج المستشفى وعرف أن حريقا نشب في قسم الرمد فتوجه إلى هناك، وقال إن خروج الناس بشكل منظم ودون خسائر في الأرواح كان بفضل الله أولا ثم جميع الموجودين وليس الأطباء فقط، وأن الجميع تحولوا إلى فريق للإنقاذ بمن في ذلك الممرضات والإداريون وأهالي المرضي.

وقال إن أهالي المرضى على سبيل المثال كان من الممكن أن يخرج كل منهم المريض الذي يصحبه في المستشفى، لكنه رأى شبابا كانوا يدخلون في النار بمعنى الكلمة من أجل إنقاذ آخرين لا يعرفونهم، وتابع أن المسألة كانت أشبه بلجنة إدارة أزمة كبيرة شارك فيها الجميع بسلاسة و “كأنهم” مدربون عليها.

وحكى أيضا أن كل حكيمة في كل قسم بدأت من نفسها تنظيم خروج المرضى خاصة في الأقسام القريبة من قسم الرمد والمرضى أصحاب الحالات الحرجة. فيما أكد طبيب آخر من الذين شاركوا في عملية الإنقاذ أن أهم درس نستخلصه مما حدث هو ضرورة تدريب طاقم العاملين في أي مستشفى على كيفية الخروج من مثل هذه الأزمات.