عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية

عاصر عمرو موسى، الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك كثيرًا، ورافقه في كثير من الأماكن حول العالم، ولم تخل مذكرات موسى "كِتَابِيَهْ"، الصادرة عن "دار الشروق"، من مواقف كثيرة بينهما لا يعلمها إلا دائرة كانت مقربة من مبارك آنذاك. ويكشف موسى في مذكراته عن أحد هذه المواقف، والذي شهد خلافًا حادًا بينهما وصل إلى درجة أنه أغلق الباب بقوة وجه مبارك، واحتد عليه بشدة ورفع صوته عليه، وفق وصف زكريا عزمي، بسبب مقابلة أجراها مبارك بدون علمه أو حضوره. وقال موسى في مذكراته: "بعد اجتماع مع وزيرة الخارجية الأمريكية، آنذاك، مادلين أولبرايت، عن القضية الفلسطينية بحضور صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، كانت أولبرايت تدفع إلى تفاهم سياسي غير متوازن يسلم بأولوية موضوع الأمن الإسرائيلي، وهو ما لم يمكن أن أقبله أخلاقيًا، وانتهى الاجتماع بعد أن قرر الأميركيون أن لا داعي لاستمراراه".

وأضاف: "بعد هذا الاجتماع اعترضت أولبرايت صراحة على طريقتي في تسيير الأمور بوصفي رئيسًا للوفد المصري في الاجتماعات، وقالت إن عمرو موسى سيفسد العلاقة مع إسرائيل، وما جعلني أستشيط غضبًا هو استجابة الجانب المصري للضغوط الأميركية، ومحاولة إبعادي عن ما يجري في مؤتمر شرم الشيخ، بل وصل الأمر إلى عقد اجتماع منفرد للرئيس مع أولبرايت سرًا وبدون إخطاري، وقبول مقترحاتها في كيفية وقف القتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وهنا يوضح موسى كيف كان رد فعله على هذا الاجتماع، قائلاً: "توجهت للرئيس وأنا في قمة الغضب، تحدثت بلهجة فيها شيء من الحدة، بدون أن أتجاوز حدود اللياقة، وقلت كيف يُعقد اجتماع مع وزيرة الخارجية الأميركية دون حضوري؟، أليس من الطبيعي أن أكون في الصورة كاملة بما يجري؟، واحتد النقاش ثم غادرت الغرفة غير مقتنع، ولخروجي مسرعًا أغلق باب الغرفة بقوة خلفي، فاعتبر المحيطون بالرئيس أن هذا كان استكمالاً للهجتي الحادة مع الرئيس، ولكن الواقع أنني خرجت دون أن أغلق الباب، تاركًا ذلك للحاجب الذي كان واقفًا ولم أعلم بأنه أغلقه بصوت مسموع، ربما سببه تيار الهواء".

واستطرد: "علمت فيما بعد من السفير أحمد أبوالغيط، الذي كان يشغل منصب المندوب الدائم لمصر في الأمم المتحدة آنذاك، أن زكريا عزمي التقاه أثناء زيارة له (أبوالغيط) للقاهرة، وقال له إن موسى احتد على الرئيس بشدة وخبط الباب جامد في وجهه، فقلت لأبي الغيط بالحرف لعلك تذكر أنني كثيرًا ما أخبرتك بأنني اقتربت من 10 أعوام في منصبي، ويبدو أن النهاية قد اقتربت يا صديقي".