"كنا نتمنى لو أن الصورة كانت أكثر إشراقا، لكنَّ قليلا من القبح يطغى على الكثير من الجمال"، بهذه الكلمات أنهى المخرج وسام قهوجي، فيلمه (عصي الهوان)، الذي يصور واقع حال اللاجئين السوريين في دول الجوار، لاسيما لبنان. الفيلم الذي يمتد لتسع دقائق، يروي على قصره، قصة واقعية متكاملة لمعاناة عائلة سورية، لم يبق من أفرادها إلا أب وابنته، اضطرا للهروب من مخيم اللاجئين السوريين في لبنان، بسبب سوء المعاملة، ليتجها إلى المناطق التي تتركز فيها العمالة السورية، طارقين باب الحاجة ، لثري لبناني، الذي أمر عامله السوري بعد جدال، أن يسمح لهم بالمبيت في معمله المهجور ، ريثما يستأجرا بيتا، حيث يجتمع الذل والهوان مع التفضل الزائف. ولأن الأقدار تجمع في كثير من الأحيان، شاءت الصدفة أن يكون من استقبلهما في معمله بتلك الطريقة المجحفة، هو الشخص ذاته الذي لجأ إلى منزل العائلة المنكوبة في دمشق إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان سنة 2006، لتكون صدمة استرجاع الذكريات، التي قرأها منكوب اليوم السوري، في وجه منكوب الأمس اللبناني، وكيف اختلفت طريقة التعامل، بين من فتح باب بيته لضيف دمشق قبل أعوام ومن أغلق باب بيته بوجه ضيف لبنان هذه الأيام. ولأنه ليس صعبا أن نعود بذاكرتنا الى الوراء، لكن الصعوبة تكمن بما يعتري هذه الذكريات من وصمات تشوه صورتها كما يقول قهوجي. فإن جرح السوري مضياف الأمس محتاج اليوم، لا يكمن بالرفض والتعالي الذي تعرض له من قبل إخوانه العرب فحسب، بل لأن هذا الحاضر الذي رسمه الإخوة العرب، سيكون حديث المستقبل السوري المقبل لا محال، وعندها، لن ينفع النظر بنصف الكأس الملأى، بقدر ما سيكون النظر مركزا على النصف الفارغة. فنيا، اعتمد المخرج على الموسيقى التصويرية التي أدت المعنى المناسب لأجواء الفيلم ، إضافة لبعض العبارات المكتوبة، التي استوحاها من الحوار الطبيعي الذي يدور في مثل هذه الأحوال. ولعب أدوار الفيلم كل من (ياسر وانلي ، مخلص برازي ، رزان زريق ، فراس الرواس والطفلة مريم شورى).