احتضنت العاصمة البلجيكية مهرجان "التغذية/العالم" للعام الرابع على التوالي، والذي يهدف إلى تعريف جمهور واسع بملف الزراعة وخاصة كيفية تأمين الحصول على الغذاء الكافي لجميع سكان الكرة الأرضية وطرق الزراعات البديلة. ويشكل المهرجان، الذي يقام في عدة بلدان في العالم، منصة للنقاش المفتوح بين منظمات المزارعين وممثلي الجمعيات الاستهلاكية والمواطنين العاديين. كما يقترح دورات تكوينية للاطلاع على نماذج للزراعة الأكثر عدلا والأكثر احتراما للبيئة والنظم الإيكولوجية. ويقول جون جاك غرودون، المتحدث باسم  منظمة إس أو إس مجاعة، المنظمة للمهرجان، إن "المنظمة تدرك أهمية الصورة وأثرها لذا تهتم بتنظيم مثل هذه الملتقيات". وأضاف أن "الفيلم الوثائقي يعد أداة جيدة لإيصال الرسائل وطريقة ممتازة للتعبير والتبليغ. فعبر فيلم وثائقي جيد يمكن للجمهور أن يفهم بشكل أفضل المسائل المعقدة المتعلقة بالزراعة والغذاء". وأشار إلى أن المنظمة تسعى أيضا عبر "هذا المهرجان السينمائي إلى دعم إنتاج أفلام ملتزمة بالعلاقات الجيدة بين شمال وجنوب الكرة الأرضية، وتنهج منحى فنيا يحمل معاني معينة". ويعد الفيلم الوثائقي "حصاد المستقبل" للفرنسية ماري مونيك روبين حدث هذا المهرجان، ففيه عرض لأول مرة قبل أن يجد طريقه للعرض في مجموعة من القنوات التلفزيونية وقاعات العرض. وماري مونيك روبين معروفة بأعمالها المنددة بكبريات الشركات الزراعية في العالم، على غرار شركة مونسانوتو التي تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية الزراعية وتعد بلا منازع أكبر منتج للبذور العادية والمعدلة وراثيا. وكانت مونيك قد أنتجت من قبل فيلما تنتقد فيه شركة مونسانتو بسبب خطورة منتجاتها المعدلة وراثيا وتأثيرها على صحة المواطنين وتعامل الشركة مع المزارعين الصغار. ويعد فيلم مونيك الجديد "حصاد المستقبل" مرافعة ضد الزراعة الصناعية التي فشلت، بحسبها، في إطعام العالم واستنفدت التربة الزراعية والموارد المائية والتنوع البيولوجي وساهمت إلى حد كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري، إضافة إلى دفع الملايين من الفلاحين إلى الأحياء الفقيرة في المدن. وقد تمكنت في تحقيقها من جمع شهادات لمزارعين ومهندسين زراعيين واقتصاديين وصانعي قرارات سياسية وممثلي منظمات دولية من القارات الأربع. وتحاول ماري مونيك الدفاع، في "حصاد المستقبل"، عن فكرة مفادها أن وجود نموذج آخر للزراعة والتجارة، يعتمد على الابتكار والإنتاج، ممكن. بل إن هناك العديد من الأمثلة في العالم تؤكد ذلك وتعيد للمزارعين الدور الرئيسي في مستقبل البشرية. ويقول أحد الخبراء في المجال الزراعي، مارك دوفومييه، الذين التقتهم المخرجة، "هناك زراعة عالمية تتطلب معرفة جيدة بالتربة والمنتجات المحلية". ويضيف "بدل زراعة مادة وحيدة واستعمال مبيدات للحشرات خطيرة يتم زرع مجموعة مختلفة من المنتجات الفلاحية في نفس الحقل، يمكنها أن تلعب بنفسها دور مبيدات الحشرات لبعضها بعضا". وحتى لا يعتقد المشاهد بأن الكلام هذيان نظري توجهت مونيك إلى مجموعة من الدول كالمكسيك ومالاوي وكينيا وحتى اليابان حيث يتم تطبيق هذا النوع من الزراعة، في محاولة لإقناع المشاهد بإمكانية ممارسة زراعة بديلة تحترم الإنسان والطبيعة وتحقق الاكتفاء الغذائي. من جانبه يقول باتريك بيستيو، الذي يحضر المهرجان للمرة الأولى "من الصعب قبول فكرة زراعة بديلة تؤمن التغذية لكل المواطنين في العالم". ويضيف "ولو لم أر الفيلم والتجارب الزراعية التي صورها لما قبلت الفكرة أيضا. لكن يبقى معرفة إن كان ذلك ممكنا على مستوى أكبر من مستوى التجارب التي قدمت".