الدكتور أحمد كريمة

وصف أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، ما يحدث من انتهاكات ضد أقلية “الروهينغا” المسلمة في ميانمار، بأنها مذابح ضد الإنسانية وأحد أعمال العنصرية البغيضة، قائلاً “بلا شك مذابح يندى لها جبين الإنسانية، إن كانت هناك إنسانية”. 

وأضاف كريمة، أن العالم المعاصر يكيل الأمور بمكيالين، بمعنى أنه لو اعتدى بعض المسلمين على غير مسلمين في أي منطقة أخرى تقوم الدنيا ولا تقعد، بينما هناك مسلمون مستضعفون في ميانمار وفلسطين المحتلة ولا يتحرك لهم أحد، مؤكدًا أن أعمال العدوان والاعتداء على غير المحرم في الشريعة الإسلامية وكل الشرائع السماوية. 

وأوضح كريمة، أنّ هناك حملات كراهية ضد المسلمين في الغرب، ويكفي أن أي امرأة مسلمة تلبس خمارا وليس نقابا تقابل بنظرات الكراهية والتمييز والإهانة. 

ويرى كريمة أن ذروة المأساة بالنسبة لمسلمي “الروهينغا” أنهم فروا لبلد فقير جدا هو بنغلاديش، وتساءل "إذا كان ذلك البلد الفقير ذو الأغلبية المسلمة فتح حدوده لهؤلاء المستضعفين، فأين منظمات الإغاثة الإسلامية لتوفر لهم إيواء وإعاشة على الأقل، وأين أموال المسلمين؟ وأين أصحاب المليارات؟ وأين الفنانون ولاعبو الكرة؟ هل فكر أحدهم أن ينفق زكاة ماله بمصرف اسمه "في سبيل الله"".

وأشار كريمة إلى أن المسلمين أعطاهم الله أسباب القوة والعزة وفرطوا فيها، مؤكدا أنه ينبغي نصرة المستضعفين بالقوة، سواء بالقوة الفكرية أو القوة المسلحة، إعمالاً لقول الله تعالى في سورة الأنفال "وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ". 

وتابع بقوله إنّ "هذه المآسي تكشف زيف ودجل وخداع فصائل العنف المسلح مثل داعش وطالبان والقاعدة"، لافتا إلى أن المأساة على قرب من أفغانستان، فلماذا لا تهب القاعدة أو طالبان لنصرة المستضعفين وهم قريبون جدا منهم، وإن أمكن أن نلتمس العذر لأنفسنا لأن بيننا وبينهم آلاف الكيلومترات، ولكن “الكاذبين الدجالين من القاعدة وطالبان في أفغانستان أين هم؟”، وأكد أن "داعش" ليس لديه أي استعداد للرحيل بأسلحته بدل إراقة دماء الناس في العراق وسوريا واليمن وسيناء وليبيا، ويتوجه لنصرة المستضعفين في ميانمار، لأنه ببساطة لم يفكر يوما أن ينظر إلى إسرائيل، لافتًا إلى أن “كل هذا يوضح أن المسلمين يصدق عليهم قول الرسول: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا: ومن قلة نحن يا رسول الله، قال: لا، كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل"“. 

ولفت إلى أن دور العلماء والدعاة هو التذكرة العلمية، والأمر بالمعروف واستنهاض الهمم بدون إثارة، قائلاً: “نحن لا نملك إلا اللسان، لأن النبي وزع ونوع الجهاد المشروع فقال: جاهدوهم بأبدانكم، وأموالكم، وألسنتكم”، مشيرًا إلى أن “المستضعفين في الأرض في ميانمار وفلسطين لهم رب يحميهم”.

 يذكر أن ميانمار تشهد تصاعدًا في التشدد الديني البوذي، واضطهاد أقلية “الروهينغا” المسلمة التي تعتبرها الأمم المتحدة الأقلية الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم، أدى إلى اشتباكات عنيفة تسببت في فرار عشرات الآلاف من “الروهينغا” إلى بنغلاديش المجاورة منذ 25 أغسطس الماضي، وحسب الأمم المتحدة فإن قرابة 270 ألف شخص من “الروهينغا” فروا إلى بنغلاديش، وتشتبه بنغلاديش في أن السلطات البورمية تزرع الألغام لمنع اللاجئين من العودة إلى قراهم في أراضيها، ولم يصدر عن السلطات البورمية أي تعليق رسمي حول هذه المسألة.