قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي

تحاول أجنحة النظام الإيراني تبرير حملة القمع الدموية للاحتجاجات الأخيرة ضد رفع أسعار البنزين والضغوط الاقتصادية والمعيشية، بإعطاء الأولوية للأمن ودواعي الحفاظ على البلاد، مما دأبت على وصفها بـ"أعمال الشغب".

وفي هذا السياق، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، إن الاحتجاجات على رفع سعر البنزين كانت "مؤامرة كبرى" وزعم أن القتلى في صفوف المتظاهرين سقطوا برصاص بعض المحتجين الذين كانوا يحملون مسدسات، حسب ادعائه، رغم أن المقاطع العديدة التي نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل أظهرت بوضوح إطلاق النار مباشرة على المتظاهرين من قبل قوات الأمن.

كما اعتبر فدوي أن " الإنترنت أداة أميركا للشر"، قائلاً إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته مايك بومبيو "ارتعبا" من قطع الإنترنت في إيران أثناء الاحتجاجات، على حد تعبيره.

وقال نائب قائد الحرس الثوري علي فدوي "خلال التظاهرات الأخيرة تعرض الكثير من المواطنين لإطلاق النار من الخلف ومن مسافات قصيرة لا تتجاوز المتر، وهذا يعني أن إطلاق النار جرى من داخل الاحتجاجات".

"حرفوا مسار الاحتجاجات"

وأوضح أن "الاحتجاجات لو استمرت بشكل طبيعي لكانت هناك ظروف أفضل لمتابعتها ولكن نزلت حفنة من الأشرار الى الساحة وقاموا بأعمال ضد الشعب وحرفوا مسار الاحتجاجات"، وقال إن "الأشرار" قاموا بتدمير وحرق الممتلكات العامة ولدينا أفلام الكاميرات التي صورت الأحداث وتم بالطبع تحديد هويتهم.

وفي نفس السياق، ألقى رئيس تكتل المستقلين في مجلس الشورى الإيراني، الأحد، باللوم على الولايات المتحدة، وما وصفه بالتدخلات الأميركية، في مسألة قطع الإنترنت خلال التظاهرات التي اندلعت الأسبوع الماضي. وقال غلام علي جعفر زاده، بحسب ما أفادت مواقع موالية لإيران، الأحد، إن التدخل الأميركي في إيران سبب قطع الإنترنت.

يذكر أن الإنترنت عاد تدريجياً، الخميس الماضي، إلى إيران، مع استمرار حجب مواقع التواصل. وفي هذا السياق، اعتبر أحمد خاتمي، عضو مجلس الخبراء، أن "المجلس قرر حجب جميع شبكات التواصل الاجتماعي الأجنبية في إيران لأن هذه التطبيقات، بحسب تعبيره، كانت تعلّم التدمير والفوضى" خلال الاحتجاجات الأخيرة.

الأمن قبل الاقتصاد

وفي نفس السياق، الذي يقدم "الأمن ومجابهة المؤامرات" على ما عداه من مطالب معيشية واقتصادية، سألت صحيفة "إيران" الحكومية بعض الخبراء الاقتصاديين عما سيحدث للاقتصاد بعد ارتفاع أسعار الغاز، وما الذي ينبغي عمله لتجنب ضغط أسعار الوقود على المواطنين والمنتجين، فأجاب النائب الأصولي السابق، محمد خوش تشهره، وهو خبير اقتصادي، أن أولوية البلاد هي الأمن وليس الاقتصاد.

كما رأى أن الاقتصاد يأتي في المرتبة الثانية من الأهمية، لأن أساس اتخاذ القرارات السياسية والتشريعات يجب أن يستند الآن إلى اعتبارات أمنية، حسب قوله.

إلى ذلك، انتقد الخبراء الاقتصاديون والسياسيون الذين ينتقدون سياسة الحكومة الاقتصادية، محملينها مسؤولية إشعال غضب الشارع.

"الاقتصاد يتبع للولي الفقيه"

بدوره قال أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، إن الاقتصاد مثل السياسية يجب أن يتبع توجيهات الولي الفقيه، أي المرشد الأعلى علي خامنئي. ورأى رضائي وهو القائد السابق للحرس الثوري أن "نجاح" إيران في الاقتصاد مرهون بـ "الامتثال لتعليمات المرشد".

وأتى حديث رضائي خلال مؤتمر للجمعية الإسلامية للمهندسين السبت، حيث قال "الاقتصاد في بلدنا، يجب أن يخضع لولاية الفقيه مثل السياسة حتى نضمن النجاح بنفس المستوى الذي وصلنا إليه في مجالي الأمن والدفاع".

احتمال تجدد الاحتجاجات

يذكر أن تبريرات قمع الاحتجاجات المطلبية هذه، أتت بعيد تحذير أئمة الجمعة ووسائل الإعلام وبعض السياسيين من احتمال تجدد المظاهرات في أية لحظة.

وبالتزامن يؤكد ناشطون أن أسباب الاحتجاج ما زالت قائمة كرفع أسعار الوقود والبنزين وارتفاع أسعار السلع الأساسية بما فيها المواد الغذائية تبعا لذلك، فضلا عن عمليات القمع وقتل مئات المحتجين واعتقال الآلاف منهم، بالإضافة إلى الحملة الأمنية المتواصلة التي خلقت ردة فعل وغضب عارم في الشارع.

وكانت احتجاجات عارمة انطلقت في معظم المحافظات الإيرانية، الجمعة، (15 نوفمبر)، واستمرت أكثر من 5 أيام، احتجاجاً على قرار الحكومة الإيرانية رفع أسعار البنزين. وأدت الاشتباكات بين الأمن والشرطة إلى مقتل العشرات، بحسب منظمة العفو الدولية، في حين أكدت المعارضة الإيرانية في الخارج مقتل أكثر من 300.

وقالت المعارضة الإيرانية في الخارج، ليل السبت، إن حصيلة قتلى الاحتجاجات تجاوزت 300 قتيل، وثقت أسماء 99 منهم. وأشارت إلى أن عدد جرحى الاحتجاجات تجاوز 4000 جريح، فيما زاد عدد المعتقلين عن عشرة آلاف شخص.

وأعلن عدد من نشطاء المجتمع المدني الإيراني، الأحد، عن دعمهم للاحتجاجات الشعبية الأخيرة في إيران ووصفوها بـ "انتفاضة الفقراء والمهمشين وجياع العشوائيات ضد الفقر والحرمان والفساد والمحسوبية في إيران".

ودعا كوكبة من النخب والكتاب والفنانين، سلطات النظام في طهران إلى إرضاء المتضررين والاعتذار من أسر قتلى الاحتجاجات، بسبب "المعاملة العنيفة واللاإنسانية وغير القانونية" التي قامت بها القوى "القمعية"، حسب ما جاء في البيان في موقع "ملي-مذهبي".

وتساءل النشطاء في البيان: "لماذا عاد أولئك الذين كانوا يدعون ويتباهون بأنهم حقوقيون ومحامون وليس قمعيين لماذا عادوا اليوم إلى طبيعتهم وسيرتهم الحقيقية الأمنية العسكرية؟ أي مسؤول هذا الذي يتباهى بقمع وقتل المحتجين من أبناء شعبه المحرومين المهمشين ويعلنه انتصاراً؟ في إشارة إلى المرشد الأعلى خامنئي والرئيس روحاني الذي كان يتباهى في الانتخابات، إنه رجل حقوقي خلافاً لمنافسه قاليباف الذي يعتبر رجلا قمعيا، وله سجل أسود في قمع حركة الطالب في جامعة طهران.

واستطرد البيان: "وبعد هذا القمع والقتل الوحشي بأي وجه وبأي حياء تطلبون في المستقبل من الناس أن تأتي إلى صناديق الاقتراع وتشارك في انتخاباتكم".

سياسات متهورة

وأكد نشطاء المجتمع المدني أن الأسباب الرئيسية للاحتجاجات الأخيرة، أولاً: ليس كما يدعي البعض إنها "مؤامرة" من الخارج وإنما بسبب الاضطرابات والأزمات الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن السياسات المتهورة وغير الكفؤة للحكومات المتعاقبة، ولا يمكن حل هذه الأزمة من خلال قمع وقتل المحتجين بل الحل الحقيقي يأتي من خلال الإصلاحات الهيكلية الشاملة عبر حوار وطني صادق فى داخل البلد.

ثانيا: "معظم المحتجين كانوا إيرانيين غير قادرين على إعالة أنفسهم وأسرهم وناقمين على هذا الوضع المتدهور، كما أنهم ثائرون بسبب "الفقر" و"الفساد" و"التمييز" والمحسوبية، فعلى مسؤولي النظام تقديم "الاعتذار" للشعب لما تسبب في فرض مثل هذه الظروف المأساوية للبلد وهذه تعتبر مسؤولية دينية وإنسانية.

رفض قاطع

وأكد نشطاء المجتمع المدني على إدانتهم ورفضهم القاطع على المعاملة العنيفة والسيئة وغير المشروعة واللاإنسانية ضد المحتجين، مطالبين السلطات بالإفراج عن كافة المعتقلين والمخطوفين ومعالجة الجرحى والاعتذار من أهالي وأسر القتلى واسترضاء كل من تضرر في هذه الاحتجاجات.


الموقعون: هاشم آقاجری، قربان بهزادیان‌نجاد، علي رضا بهشتي، علي رضا بهشتي شیرازي، حبیب‌الله بیمان، علي رضا رجایي، حسین رفیعي، رضا رییس طوسي، فریدون سحابي، إحسان شریعتي، فیروزه صابر، کیوان صمیمي، طاهره طالقاني، أبوالفضل قدیاني، نظام‌الدین قهاري، فاطمة كوارایي، محمد محمدي اردهالي وسعید مدني.

كما اعتبر المفكر الإيراني البارز، عبد الكريم سروش، أن المتظاهرين المحبطين في إيران قد يحملون السلاح إذا رفضت الحكومة تلبية مطالبهم.

وقال سروش الذي يعيش في كاليفورنيا في كلمة له، السبت، إن القمع العنيف للاحتجاجات سيولد عنفاً مضاداً، والناس سيجدون طرقاً أخرى للاحتجاج.

كما ندد في حديثه بالعنف الذي مارسته السلطات لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت إيران لأكثر من أسبوع، قائلاً إن ذلك يدفع بالناس أيضاً نحو العنف عندما لا يجدون أي طريق آخر للتعبير عن إحباطهم.

"حرب عالمية ومؤامرة"!

وكان العميد سالار آبنوش، قائد العمليات في قوات الباسيج، التي شاركت في قمع المتظاهرين، قد وصف الاحتجاجات بأنها "حرب عالمية شاملة" ضد ايران، قائلا إنها "عمت البلاد بشكل مفاجئ".

كما وصف كل من المرشد الأعلى، علي خامنئي، والرئيس، حسن روحاني، سابقاً بعض المتظاهرين بالـ "سفاحين" و"قطاع طرق"، بينما دعت أطراف متشددة في طهران إلى إعدام المحتجين.

إلى ذلك، وصف نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، الأحد، الاحتجاجات التي عمت معظم أنحاء البلاد الأسبوع الماضي بالمؤامرة. وقال فدوي، بحسب ما نقلت وكالة مهر للأنباء "أعمال الشغب كانت عبارة عن مؤامرة كبيرة، تم احتواؤها خلال 48 ساعة"، مضيفاً "جميع الأعداء ضالعون بهذه المؤامرة وكانوا على يقين بأنها سوف تنجح".

وشهدت إيران منذ 15 نوفمبر، وعلى مدى 5 أيام متواصلة، احتجاجات عارمة عمت معظم المحافظات الإيرانية، ضد قرار الحكومة رفع أسعار البنزين.

وفي حين أكدت منظمة العفو الدولية أن عدد قتلى الاحتجاجات أكثر بكثير مما أحصته برقم 115 متظاهراً، ذكر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض، أن الحصيلة بلغت 300 شخص حتى الآن وقد تم التعرف إلى أسماء 99 منهم. كما أشار إلى أن عدد الجرحى تجاوز الـ4000 وعدد المعتقلين الـ10 آلاف.

قد يهمك أيضا :  

انقلابيو اليمن يبدأون مرحلة جديدة لابتزاز ونهب المغتربين وأهاليهم

جنرال "الحديدة" يُحذر من أي إجراءات عدائية تتعارض مع "استوكهولم"