القدس المحتلة

رغم تبادل رسائل التطمين عبر وسطاء من مصر وقطر وتركيا، أعلنت كل من حكومة إسرائيل وحكومة حماس في قطاع غزة، عن حالة تأهب لمواجهة خطر نشوب حرب أخرى بينهما، على خلفية مسيرة الأعلام الاستيطانية في القدس، وإصرار المنظمين وأجهزة الأمن والوزراء اليمينيين في حكومة نفتالي بنيت على أن تمر في باب العامود والحي الإسلامي بغرض استفزاز الفلسطينيين.
وكشفت مصادر في تل أبيب، الخميس، أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، توجهوا إلى نظرائهم في الحكومة الإسرائيلية، وطلبوا إعادة النظر في مسار هذه المسيرة. وأعرب المسؤولون الأميركيون عن قلق شديد من التصعيد الذي قد ينتج عن مسيرة الأعلام. ولهذا، فإن السفارة الأميركية، أصدرت تحذيرا لرعاياها في القدس، حظرت بموجبه على الموظفين الأميركيين وعائلاتهم زيارة البلدة القديمة في القدس بالتزامن مع «مسيرة الأعلام»، الأحد المقبل، كما حظرت عليهم الدخول إلى البلدة القديمة حتى مساء يوم الاثنين المقبل، وكذلك في أيام الجمع.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد أقرت السماح للمستوطنين اليهود بتنظيم المسيرة السنوية لمناسبة «يوم أورشليم»، الذي تحتفل فيه إسرائيل بانتصارها في حرب 1967 وسيطرتها على بقية «أرض إسرائيل» (فلسطين الكاملة). وأصر المنظمون على أن تمر المسيرة من باب العامود، ومنه إلى طريق الواد مرورا بالحي الإسلامي داخل أسوار البلدة القديمة في القدس، وصولا إلى حائط المبكى (البراق). وأقرت وزارة الأمن الداخلي والشرطة هذا المسار، رغم أنه معروف كمسار استفزازي وسبق أن قررت الحكومات الإسرائيلية تجنبه، وعندما لم تتجنبه وقعت صدامات دامية.
وعلى أثر ذلك، خرج الفلسطينيون في حملة شعبية واسعة تدعو للتصدي للمستوطنين. وهددت حماس والجهاد الإسلامي، بإطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه القدس، كما حصل في السنة الماضية ما قاد إلى عملية حربية وانفجار صدامات يهودية عربية في جميع أنحاء البلاد، دامت 11 يوما.
وفي مساء الأربعاء، بدا أن الحكومة الإسرائيلية تنوي تغيير المسار وتجنب باب العامود والحي الإسلامي. وحسب القناة الرسمية «كان 11»، نقل وسطاء من مصر وقطر وتركيا، رسائل تطمين متبادلة، يؤكد فيها قادة الحكم في غزة أنهم غير معنيين بالتصعيد وتؤكد فيها إسرائيل أنها غير معنية هي الأخرى بالتصعيد. وقال مصدر إسرائيلي إن حكومة بنيت اتخذت عدة قرارات تهدئة، فالمسيرة لن تمر من باب العامود ولن تدخل الحي الإسلامي. والحكومة توجهت إلى المحكمة المركزية في القدس باستئناف على قرار محكمة الصلح السماح للمصلين اليهود بإقامة صلوات في باحة الحرم القدسي، وفي ساعة متأخرة من مساء الأربعاء قررت المحكمة منع هذه الصلوات.
لكن صباح أمس الخميس، كشفت مصادر سياسية، أن قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية أعربوا عن رفضهم تغيير مسار «مسيرة الأعلام»، وأوصوا الحكومة بالامتناع عن ذلك، باعتبار أن «تغيير المسار في اللحظة الأخيرة سيفسر على أنه ضعف إسرائيلي». ونشروا معلومات تفيد بأن الجيش أقام غرفا محصنة متنقلة في بلدة سديروت في النقب، تحسبا من إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة ردا على تصعيد محتمل في القدس. كما تم استدعاء ثلاث سرايا احتياط تابعة لقوات «حرس الحدود» تضم نحو 200 عنصر، لتنضم إلى القوات الشرطية التي سينشرها الاحتلال في القدس.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن قادة الجيش والشرطة والشاباك، أبلغوا بنيت أنهم قادرون على حماية المسيرة «بهدف الحفاظ على السيادة الإسرائيلية في القدس»، على حد تعبير بنيت. وأعلن الجيش عن نصب بطاريات القبة الحديدية حول قطاع غزة وفي محيط القدس. ورفعت شرطة الاحتلال في القدس حالة التأهب في صفوف قواتها إلى درجة واحدة دون الدرجة القصوى، وألغت الإجازات وأمرت بحشد جميع العناصر الذين يخدمون في منطقة القدس، وفي المدن التاريخية المسماة في الخطاب الإسرائيلي بالمدن المختلطة، فيما تقرر نشر أكثر من 3 آلاف شرطي في القدس، وسط توقعات بنشر مئات عناصر الشرطة في المدن التاريخية، «مع التركيز على عكا واللد».
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي «لا يجازف ويستعد لاحتمال خروج الأحداث في القدس عن السيطرة»، وهو في حالة تأهب مرتفعة في ظل المناورات العسكرية الواسعة التي تقوم بها قواته بما في ذلك في محيط بلدات عربية في وادي عارة.
في الطرف الفلسطيني، حذرت أوساط رسمية وحزبية من عواقب «مسيرة الأعلام» الاستفزازية. وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية «إصرار» الحكومة الإسرائيلية على المضي في تنظيم ما تسمى بمسيرة الأعلام، واعتبرتها «جزءا لا يتجزأ من تصعيد العدوان الإسرائيلي على المدينة المقدسة ومواطنيها ومقدساتها».
وحذرت حركة حماس، إسرائيل، من أنها تخاطر بحرب أخرى إذا سمحت بـ«مسيرة الأعلام» الاستفزازية، المرور في باب العامود والحي الإسلامي. ودعا رئيس دائرة السياسة والعلاقات الخارجية في حماس، باسم نعيم، حكومات دول العالم للضغط على إسرائيل لتغيير مسار المسيرة الاستفزازية. وقال: «أتوقع أن حماس والفصائل الأخرى مستعدة لبذل كل ما في وسعها لمنع هذا الحدث بغض النظر عن التكلفة»، وفق ما نقلت عنه وكالة رويترز.
وأضاف نعيم أن «القرار بيد الإسرائيليين والمجتمع الدولي. يمكنهم تجنب الحرب والتصعيد إذا أوقفوا هذه (المسيرة) المجنونة». وقال نعيم إن «أي مواجهة قد تأخذ شكلا مختلفا»، مضيفا «من قال إن رد الفعل سيكون من غزة فقط؟ ربما سيكون هناك انتحاريون داخل القدس، لا أعلم. لا يعملون بأوامر منا»، مشيرا إلى سلسلة العمليات في الشهرين الماضيين التي نفذها فلسطينيون لا ينتمون إلى فصائل.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

نتنياهو أمام مهمة صعبة بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة

القسّام يستخدم صورايخ أرض جو لإحباط غارة اسرائيلية وتدنيس الأقصى يعجّل المواجهة