مدينة العلا

تُراهن السعودية على أن تكون مدينة العلا (شمال غرب) أحد أهم الوجهات السياحية والتاريخية للزوار والسائحين خلال الأعوام القليلة المقبلة، وذلك لما تمتلكه من مقومات تراثية وزراعية وثقافية وحضارية وطبيعية، ستضعها على خريطة السياحة العالمية.

ووفقا لـ"رؤية السعودية 2030" يؤكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، عزم الحكومة على تطوير مواقع سياحية وفق أعلى المعايير العالمية، والعمل على تيسير إجراءات إصدار التأشيرات للزوار، وتهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها.

ويؤكد المهندس سلطان الغري، مدير مكتب الهيئة العامة للسياحة والتراث والوطني في محافظة العلا، أن "برنامج التحول الوطني" أدرج العلا وجهةً سياحيةً نظراً لما تتميز به من موقع على المستوى العالمي بالإمكان الترويج له بحكم تسجيلها في اليونيسكو.

ويضيف الغري أن العلا تتميز بالتنوع الكبير في البيئة والجيولوجيا والمناطق الزراعية، إلى جانب سياحة المغامرات التي تستقطب الكثيرين من رواد المغامرات في الوقت الراهن "رغم عدم نضج الخدمات السياحية، ومع تطوير البنية الأساسية السياحية والخدمات المقدمة سوف نجد العلا المقصد الأول في المملكة لأي زائر، وبخاصة مع التوجه لإصدار التأشيرات السياحية قريبا".

وقامت العلا بدور الوسيط بين حضارات الهند وجنوب شبه الجزيرة العربية جنوبا، وبين حضارات الشام ومصر والعراق شمالاً منذ القدم وحتى القرن الأول قبل الميلاد. وتأكيدا على الأهمية التي تحظى بها العلا، صدر أمر ملكي في 20 يوليو/ تموز 2017، بإنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وعُيّن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان محافظا للهيئة.

وفي أول مبادرة أطلقتها الهيئة أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت إطلاق برنامج للابتعاث الخارجي في تخصصات السياحة، والتقنيات الزراعية، وعلم الآثار والتاريخ لأبناء وبنات محافظة العلا.

وأكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن البرنامج يعكس حرص القيادة السعودية على إعداد جيل يمتلك المعرفة العلمية المتخصصة ومقومات القيادة وريادة الأعمال والابتكار، لدعم مساهمة المحافظة في تحقيق أهداف "رؤية المملكة 2030"، وذلك بما تمتلكه المحافظة من مقومات تراثية وثقافية وحضارية وطبيعية، ستضعها على خريطة السياحة العالمية، متعهدا بالعمل على تطوير محافظة العلا بما يتناسب مع مكانتها المتميزة.

مدائن صالح (دار الحجر)
تعدّ دار الحجر أشهر مَعْلم أثري وتاريخي تشتهر به محافظة العلا، واشتهرت بـ"مدائن صالح"، وتقع في شمال غربي السعودية بين المدينة المنورة وتبوك، وعلى بعد 22 كيلومترا شمال محافظة العلا.

ويشير سلطان الغري، مدير مكتب الهيئة العامة للسياحة والتراث والوطني بالعلا، إلى أن أهم المواقع في المحافظة هو مدائن صالح المسجلة ضمن مواقع التراث العالمي بصفتها أول موقع سعودي يدخل هذه القائمة عام 2008. ويضيف: "مدائن صالح هي الجوهرة الفريدة في العلا، هناك كذلك سلسة من الجواهر بما يخص الآثار، فهناك موقع الخريبة وهو موطن الحضارة اللحيانية القديمة. وبالنسبة إلى مدائن صالح فهي تشمل عددا كبيرا وهائلا من الواجهات الصخرية المنحوتة بما يقارب 168 واجهة تتجمع في محيط 11 كيلومتراً مربعاً، هناك خدمات للزوار من المعلومات والمطويات ومسار لحركة الزوار".

ويمكن تصنيف الآثار الباقية بموقع الحجر إلى ثمانية أنواع، هي: واجهات المدافن المنحوتة، المنطقة الدينية، المنطقة السكنية، الآبار والقنوات المائية، آثار طريق الحج الشامي، آثار سكة حديد الحجاز، آثار قرية الحجر والمدافن الركامية على رؤوس الجبال.

ولا تزال عمليات التنقيب جارية حاليا في المنطقة السكنية للأنباط، وحسب عاملين في الموقع وجدت منطقة مطمورة تكفي لأكثر من 5 آلاف شخص، وهي مشابهة لمباني الحمراء بالأندلس من حيث التصميم الهندسي الفريد وتصريف المياه.

وعادة ما حرص الأنباط على استخدام الرموز والأشكال للتعبير عن طقوسهم الدينية، ومن ذلك تكرر شكل زهرة اللوتس التي ترمز للوعاء الذي يوضع فيه الدم قرابين للآلهة لجلب البركة، إلى جانب النسر الذي يرمز للقوة، والفازة التي ترمز للجمال والفن.

يبين سلطان الغري في حديثه أن موقع الخريبة وهو موطن الحضارة اللحيانية يعود تاريخه إلى نحو 2600 عام من الآن، لافتاً إلى أن أشهر ما يميزه هو مقابر الأسود التي تقع بين نقشين من نقوش الأسد، كذلك المنطقة السكنية والمعابد المقدسة والمنطقة الإسلامية تحتوي على عدد من الحضارات في مكان واحد. وتابع: "وادي القرى غني بالحضارات، حيث ينتهي الوادي في مدينة تسمى (قرح)، وهي إسلامية كانت تشتهر بصناعة الزجاج تقع جنوب العلا".

أقدم نقش إسلامي في العالم
تحتوي العلا على أقدم نقش إسلامي مؤرخ يعود تاريخه للفترة الإسلامية المبكرة، يقول الغري: "لدينا مواقع نقوش منتشرة، ولا يكاد يخلو جبل من الجبال منها، لكن أبرز النقوش لدينا هو نقش قديم يعد أول نقش إسلامي مؤرخ يسمى (نقش زهير) ونصه: (أنا زهير كتبت يوم توفي عمر سنة 24 هجرية)، وهذا أقدم نقش في الفترة الإسلامية المبكرة، كان في سورية نقش مؤرخ وبعد اكتشاف نقش زهير أصبح هو الأقدم"، كما تتميز العلا باحتوائها على أول نقش للانتقال من الكتابة النبطية إلى العربية.

البلدة التراثية ومسجد العظام
في إطار زيارتنا للعلا توجهنا نحو البلدة التراثية التي تعد تاريخيا أحدث من الخريبة ومدائن صالح، لكنها نشأت على أطلال حضارة قديمة، حيث كانت نشأتها الفعلية بهذا الشكل عام 684 هجرية.

وتحتوي البلدة التراثية على أكثر من 900 بيت، تتكون من دورين، البيوت متلاصقة والممرات ضيقة نظاماً للحماية، ولها 14 بوابة، ولديها اكتفاء ذاتي للمياه هناك في ظل وجود عيون عدة بداخلها.

وتحوي البلدة أيضا مسجد العظام، وهو موقع مرور الرسول عليه الصلاة والسلام ومصلاه أثناء ذهابه إلى تبوك، وخُط بالعظام؛ ولذلك سمي بمسجد العظام.

الطنطورة
هي بناء مثلث مدروس بشكل رياضي وفلكي، حيث يسقط ظل في يوم من السنة الساعة الثانية عشرة على قمة المثلث، مشكلاً علامة في الأرض إعلاناً لدخول مربعانية الشتاء.​