السياحة في مصر

نشرت وكالة الشرق الأوسط دراسة عن دعم الصينيين والروس نهوض القطاع السياحي في الشرق الأوسط خلال العام الماضي، وذلك بعد أن سجل عام 2016 نتائج سيئة. وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن إقبال السياح الصينيين والروس على المنطقة يأتي في حين أن السياح الأوروبيين لا يزالون مترددين وقلقين حيال الأوضاع الأمنية وانعدام الاستقرار السياسي.

وحسب حصيلة منظمة السياحة العالمية، جذب الشرق الأوسط 58 مليون سائح أجنبي في 2017، أي أكثر بـ4.8% من عام 2016. وفي 2016 تراجعت السياحة 2,4% بسبب الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في تونس ومصر وتركيا واستهدفت معالم سياحية. وقال التونسي جلال قاسمي، المسؤول عن وكالة "غرانادا ترافل سيرفيسز" للسفر، في المعرض العالمي للسياحة الذي ينظَّم هذا الأسبوع في مدريد: "مع الوقت ينسى الناس الأحداث ويعودون".

وباتت دول الشرق الأوسط تحدد أهدافاً طموحة مستندة إلى 3 ركائز أساسية لجذب زبائنها، وهي روسيا والصين والسياح من الدول المجاورة. وحذر ماركوس لي، رئيس مجلس إدارة "ويلكوم تشاينا" التي تنضوي تحت مجموعة "آي سي آي إف" التي تضم 11 ألف شركة في القطاع، من أنه بالنسبة إلى السياح الصينيين يجب ألا نعتمد على النجاحات السابقة.

وأوضح أنه عندما يجب اختيار وجهة فإن الصينيين يعطون أولوية للمسائل الأمنية والمطالب المتعلقة بتأشيرات الدخول، ويعربون عن القلق من الرحلات الجوية غير الكافية مع دول الشرق الأوسط. لكن سلوكهم تغير، خصوصاً مع زيادة أسفارهم وقدراتهم الشرائية. وقال لي: "قبل عقدين مثلاً عندما كان الصينيون يزورون أوروبا كانوا يريدون زيارة 10 بلدان في 10 أيام. ولم يعد الأمر كذلك اليوم، وبتنا الآن نركز على بلد واحد لـ10 أيام". وترى وكالة الصحافة الفرنسية أن مصر، التي بات رئيسها عبد الفتاح السيسي منذ 2014، خير مثال على تغير جنسيات السياح.

في عام 2010 قبل الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك "كانت السوق الأوروبية التي تشمل روسيا تمثل نحو 80% من السياح. أما الآن فباتت النسبة 52%"، كما قال مدير الهيئة المصرية للسياحة هشام الدميري في معرض مدريد. وأضاف: "كانت الهند والصين تسهمان بنسبة 5% في 2010، وباتتا الآن تسهمان بأكثر من 12%... والسوق من الدول العربية ارتفعت نسبتها من 15 إلى 30%".

أما تركيا فيأمل رئيسها رجب طيب إردوغان أن تتجاوز بلاده نهائياً آثار الاعتداءات وانعدام الاستقرار السياسي جراء محاولة الانقلاب في يوليو/تموز 2016، أو حملة التطهير التي أعقبتها. وعدد السياح الذي تراجع بنسبة الثلث في 2016 زاد العام الماضي 33%. وفي 2018 تأمل البلاد أن يزورها 40 مليون سائح. وتعتمد أنقرة على السياح الروس -أول جنسية للسياح في 2017- وأيضاً على القادمين من جورجيا وبلغاريا وإيران وأوكرانيا.

لكن نوعية الزوار القادمين من هذه الدول "تفيد بأنهم لا ينفقون الكثير من المال على أي حال، لا ينفقون كأوروبي أو أميركي" كما قال أحمد أوكي، المسؤول عن وكالة "غوستو توريزمو" للسفر. من جهته قال باريس أوشكار، مساعد مدير المبيعات في شبكة فنادق "تايتانيك"، إن سوقها الرئيسية المؤلفة من زبائن أميركيين وأوروبيين تراجعت بـ25 إلى 30% في 2017. وزادت نسبة السوق من الشرق الأوسط، ما سمح لأنشطتها بأن تبقى مستقرة.

وتتفق وكالات السفر في تونس على أن الروس والصينيين، وبدرجة أقل الفرنسيين، عادوا بأعداد كبيرة إلى البلاد، حيث زاد عدد السياح 23% العام الماضي. لكن الإسبان يرون أن "الهدف لعام 2018 هو استعادة كل الأسواق التقليدية، أي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا"، حسب جلال قاسمي.

وكشف عادل عبدالرازق ، عضو اتحاد الغرف السياحية السابق، أن تراجع السياحة في معظم الدول العربية يأتي بسبب عدم الامان وثورات الربيع العربي كان لها تاثير حقيقي على دول كثير حتى التي لم تحدث بها ثورات. وأضاف أن، تحسن الأعداد السياحية الوافدة في 2017 إلى تحسن صورة مصر بالخارج وحالة الأمن والأمان التي تشهدها البلاد، مشيراً إلى أن ألمانيا حافظت على صدارتها لأعداد السياح الوافدين إلى مصر للعام الثاني على التوالي، منوهاً بأنه حال استأنفت بريطانيا رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ، وألغت حظر سفر رعاياها إليها، فإن أعداد السياح الإنجليز ستتضاعف خلال الفترة المقبلة.

وأشار عضو اتحاد الغرف السياحية السابق إلى أنه رغم أن السعودية احتلت المركز الثالث عالمياً في تصدير السياح لمصر، فإنها لم تحقق حتى الآن ذات الأرقام التي حققتها عام 2009، التى وصلت إلى 720 ألف سائح، لافتاً إلى أنهم تكراريون، أي يزورون مصر أكثر من مرة في العام، كما أنهم من أكثر السياح إنفاقاً في العالم.

ووصف أحمد بلبع، رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال، أعداد السياح التي زارت مصر العام الماضي إلا أن الإيرادات لم تكن على المستوى المأمول نظراً للانخفاض الشديد في أسعار البرامج، مطالباً وزارة السياحة بأن تعلن عن تفاصيل مجملة لأعداد السياح طبقاً للجنسيات، وطبقاً للمدن السياحية كل على حدة.

وأضاف بلبع في تصريحات صحافية  أنه يتحتم على الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن يعلن عن حقيقة الإيرادات بكل منطقة سياحية على حدة وليس في المجمل، وذلك حتى يستطيع القطاع تحليل الأرقام وحل الأزمات للمدن التى حققت أعداداً منخفضة، وتحتاج إلى الدعم وزيادة حملات التنشيط.

وأكد رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال، أن السوق العربية تعتبر من أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر، ولذا يجب التوسع في استخدام التأشيرة الإلكترونية للسائحين الوافدين منها، وهو ما يسهم في تعظيم الحركة السياحية من هذه البلاد، خاصة دول المغرب العربي، مشيراً إلى أنه حتى الآن لا يستفيد من استخدام التأشيرة الإلكترونية سوى دول قليلة والكثير من الدول لا تدخل ضمن المصرح لها بالدخول من خلال التأشيرة الإلكترونية، ولذا يجب الإسراع في تعميمها على كل الدول لمضاعفة الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال الفترة المقبلة.

ومن جانبه يقول  مجدي حنين رئيس لجنة السياحة بالغرفة المصرية البريطانية إن كل المؤشرات تشير إلى أن عام 2018 سيكون عام جني الثمار وانتهاء أزمة الانحسار السياحي الذي عانت منه مصر على مدار 7 سنوات عجاف. وأشار إلى أن هناك شواهد للانفراجة السياحية أهمها زيادة الرواج السياحي الملحوظ وارتفاع أعداد الأفواج السياحية يوما بعد الأخر بالإضافة إلى تزايد معدل الوصول والسفر والحجوزات وارتفاع تواجد وسائل النقل في المناطق السياحية.

وأشار حنين إلى أن أزمة السياحة الحقيقية خلقت من داخلنا بتقصير فكري والبكاء على اللبن المسكوب دون التفكير في حلول خارج الصندوق بدليل أن البعض رأي أنه بفقدان السوق الروسية فقد أسدل الستار على السياحة في مصر وهذا تفكير خاطئ وهو ما يؤكد أننا لم نستطع الخروج من عباءة السياحة الروسية.

ولفت إلى أن انتظار عودة السوق الروسية تحت سيطرة الشركات التركية يعد خطأ فادحا، لذلك كان يجب التوجه للاستثمار السياحى في مختلف بلاد العالم بأيدى مصرية أو بشركات تساهم في رأسمالها الشركات المصرية، وهذه الشركات العالمية بفكرها وبالتكنولوجيا الحديثة والمعلومات التسويقية تستطيع النهوض بالمنتج المصري.

وأكد حنين أن الطيران هو مفتاح زيادة الحركة السياحية لمصر ولذا يجب دراسة خطوط الطيران واختيار العواصم والبلاد السياحية التي تتناسب مع حجم الطيران والحركة السياحية المنتظرة منها، لافتا إلى أنه ليس المقصود بذلك فقط هو رحلات الشركة الوطنية بل يجب تشجيع الخطوط العالمية في البلاد التى ترغب في مد خطوط لمصر على زيادة عدد رحلاتها والسماح لها بالهبوط في أكثر من مطار.

وعن السياسة التى يتبعها البعض والتى ساهمت في انخفاض أسعار بيع المنتج السياحي المصري، أوضح رئيس لجنة السياحة بالغرفة المصرية البريطانية أن سياسة حرق الأسعار أصبحت هي السائدة في مجال السياحة بمصر لأن التسويق السياحي ليس مبنيا على دراسة بل يعتمد على وصول السائح ومحاولة بيع الرحلات من مزارات والتسوق بأسعار مبالغ فيها لتعويض فرق السعر بين التكلفة الفعلية وسعر البيع.

وأكد أن معالجة ظاهرة حرق الأسعار يجب أن يكون من خلال تكثيف الرقابة على الفواتير الصادرة لكي تتلاءم مع تكلفة الخدمة، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة ستنتهي عندما يزيد الطلب على مصر وأيضا عندما يتم تكثيف الرقابة من قبل وزارة السياحة على الإيرادات السياحية التي تتناسب مع قيمة الخدمات المتاحة والتي يجب ربطها بضريبة القيمة المضافة والمبيعات.

وحذر حنين من حدوث كارثة تؤثر بالسلب على سمعة السياحة المصرية في حال عدم الإسراع بعمليات الاحلال والتجديد لهذه الفنادق التى أصبحت متهالكة تماما وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى جودة الخدمات المقدمة للسائحين مما يضع مصر خارج المنافسة بين المقاصد السياحية العالمية، رغم المقومات المتميزة التي تتمتع بها مصر وغير الموجودة في أي مكان بالعالم.

وطالب بالتفعيل الحقيقى لمبادرة البنك المركزى والخاصة بمنح المنشآت السياحية والفندقية قروضا بفائدة ميسرة لإعادة تأهيلها لاستقبال السائحين، وقال إن البنوك وضعت شروطا يصعب تنفيذها قبل الحصول على التمويل وأهمها رخصة التشغيل السارية لأن السبع سنوات الماضية التي صاحبها توقف هذه الفنادق لم تجدد رخصها وعند تجديد الرخص يتطلب ذلك أعباء مالية كبيرة.

أضاف أنه يجب التوسع في برامج التوعية السياحية باستخدام جميع الآليات والوسائل التقليدية والمستحدثة مثل اللقاءات والدورات التدريبية لبعض الفئات كسائقي التاكسي بالمطارات والموانئ وباعة الهدايا التذكارية والمشغولات اليدوية بالمناطق السياحية والأثرية.