انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من البرامج الصحية والتي تروّج للعديد من الأطباء بحسب يطلقون عليهم عبر برامجهم وفي الحقيقة معظم هؤلاء هم أطباء مزيفين لأنهم لا يستطيعون تقديم نصائح طبيّة بل يتطرق الأمر إلى بعض الوصفات العشبية من اختراعهم ويروّجون إليها.  بالطبع تكون هذه البرامج دعائيّة مدفوعة الأجر ويقع المشاهد في فخها. وهذا يعد تدليسًا من القنوات الفضائية وغش بهدف جمع الأموال وبغض النظر عن الرسالة الإعلاميّة.
ويؤكدّ أستاذ الإعلام الدكتور عدلي رضا أنه "بالفعل انتشار تلك البرامج الصحيّة أصبح أمرًا مستفزًا بشكل كبير، وقد قمت بمتابعة أحد تلك البرامج بهدف التعرف على المضمون الإعلامي لها، وفوجئت أنه أمامي ضيف يدّعي أنه طبيب وأنا أعرفه جيدًا، إنه عطار ويقدمه مذيع بجواره الطبيب "فلان الفلاني"، وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي وقلت أواصل مشاهدة الحلقة حتى استطيع أن أحكم هل سيقدم هذا الرجل نصائح طبيّة أم لا، وفوجئت انه يصف للمتصلين وللمشاهد العديد من الوصفات العطاريّة والعشبية، ويقول أن لديه هذه الوصفات ويظهر على الشاشة أرقام تليفونات لهذا الشخص للاتصال به للحصول على تلك الوصفة". وأوضح "أنّ هذا الأمر في منتهى الخطورة، فهو أشبه بالذهاب إلى الدجالين والنصابين بالضبط، لأن المشاهد ينخدع في هذا الأمر ويتابع تلك البرامج بشغف ليريد أن يتعرف على العديد من الوصفات من أجله، ولكن الأمر لا يتوقف عند هذا، بل إنه يعطي نصائح للطفل الرضيع أيضًا وهو أمر خطير للغاية".
واستكمل "فمن ضمن العبارات التي صدمتني كثير، أنّ المذيع يسأله، أن هناك أم تشتكي أن طفلها الرضيع يعاني من الانتفاخ وكان رده، تجيب شاشة وتحط فيها ينسون ونعناع وبعدين تربط الشاشة وتسخن على النار ثم توضع على بطن الطفل"، وكان هذا الرد الذي جعلني في غاية الانفعال، لذا يجب التصدي لتلك البرامج ويجب على القنوات الفضائيّة التي تعرض هذه البرامج أن تعطي إشارة للمشاهد أن هذه البرامج برامج دعائيّة وليست برامج إعلاميّة، كما أنه يجدر بالقنوات الفضائيّة ضرورة التحقق من هويّة هذا المعلن ويجب للأمانة الإعلاميّة أن يقدم بمهنته الأصليّة دون أي تدليس أو تزييف، فمن حق المشاهد أنّ يعرف ما هو الشخص الذي يقدم لهم تلك الوصفات".
ويؤكد الخبير الاعلامي ووكيل كليّة الإعلام الدكتور محمود علم الدين أنّ ظاهرة انتشار البرامج الصحية ظاهرة خطيرة، ونحن لا نتحدث على البرامج الصحية التي يتم مناقشة قضايا صحية من خلالها، بل نتحدث عن البرامج الصحية التي يتم استضافة أطباء لا نعرف عنهم شيئًا ولا يتحدثون في الأمور الطبية السليمة أو يتم استضافة خريجي كليات التربيّة الرياضيّة وتقديمهم على أنهم أطباء، وهذا الأمر يُعد في غاية الخطورة، فنحن أمام عملية نصب متكاملة وعلانية".
ويواصل "فمن أجل التشهير بهذا الرجل مدعي الطب يقع كثيرون ضحية، ولاشك أن هذا التزييف يشكل استهانة بالمشاهد واستنزافًا لأمواله، لأنه ينفق العديد من الأموال من أجل تنفيذ وصفات الطبيب المزعوم دون أي جدوى". وأشار إلى أنّ "أبرز تلك البرامج هي تكون خاصة بالتخسيس، حيث أن معظم الشعب المصري يعانون من شبح البدانة والذي أصبح يسيطر على عقولهم بشكل كبير ومعظم تلك البرامج تقدم هذا الشخص على أنه طبيب ولكنه يكون خريج كلية التربية الرياضيّة. وهذا الأمر لكي نتوقف عنده ونتصدى إليه يجب أن يكون هناك رقابة على ما تبثه تلك القنوات الفضائية سواء المتخصصة في الطب أو المتخصصة في الدراما والأفلام والتي يعرض من خلالها تلك البرامج".
وتشير الخبيرة الإعلاميّة وأستاذ الإعلام الدكتورة مروة هاشم أنّ "هناك شئ خطير جدًا في تلك البرامج الصحيّة وهي محاولة المزج بين الدين والطب بهدف التأثير على المشاهد، وللأسف المشاهد البسيط يقع في فخ تلك البرامج ويتصلون بهؤلاء المدعين الطب والدين بهدف التوصل لحل لبعض المشكلات الصحية مما يؤدي إلى الترويج بشكل كبير لهذا الرجل ورفع مصداقيته عند المشاهدين فنجده ينتشر عبر العديد من القنوات  ويحقق الشهرة على أكتاف هؤلاء البسطاء". وتوضح "لذا فنحن نناشد وزيرة الإعلام الدكتورة دُريّة شرف الدين بأن تعطي لهذا الأمر أهمية وأن تنظر إليه بعين الاعتبار حتى لا تتحول الرسالة الإعلامية إلى وسيلة تزييف وخداع للمشاهد المصري وغير المصري".