ماريا غراتسيا

كريستيان ديور بنظراتها الحادة، التي تبرز من ذلك البورتريه الزيتي الذي يصورها في ثياب مؤطرة بالفضة، وهي تجلس تحت بساتين الفاكهة البيضاء، تلك الصورة الموضوعة في مكتب الاستقبال في مقر ديور في شارع ديمارجين، تتولى منصب المديرة الإبداعية اليوم في هذا البيت العريق امرأة، ماريا غراتسيا، التي ستعمل على إعادة اختراع كريستيان ديور.

ذلك البيت الذي اعتاد على بيع سحر الأنثى منذ عام 1947، والذي يبد أن ماريا لديها شيء مختلف وجديد عن ذلك الذي اعتاد أن يقدمه لعالم المراة، فبعد 70 عامًا من الأناقة، بيت ديور يقف الآن على شيء آخر، ألا وهي النسوية، حيث لأول مرة في التاريخ في متحف رودان في سبتمبر من العام الماضي، أرسلت ماريا غراتسيا إلى المنصة تي شيرت يحمل شعار "كلنا مع النسوية"، وهو الشعار المأخوذ من عنوان لمحاضرة نغوزي أديشي، لذا قررت الجارديان سؤالها لماذا أرادت أن تضع النسوية على منصة باريس.

وقالت ماريا: "ديور أصبحت نسوية" هذا ما ظللت أسمعه عندما قلت الناس أنني توليت المنصب، ولكن كامرأة مشجعة للفكر النسوي، فهذا يعني شيئًا مختلفًا بالنسبة لي من يعنيه للرجل، وقلت لنفسي هل النسوية  تدور في فلك كونك امرأة؟ بالطبع لا، لذا فإن ديور ستدور في فلك الأنوثة، وستبرز المرأة ليست كما كانت قبل 50 عامًا، ولكن في هذا الزمان".

وناقشت ماريا، في الأيام التي سبقت أول عرض لديور، من خلال سلسلة من الأفلام الصغيرة على حسابات في وسائل الإعلام الاجتماعية لديور، تحت عنوان "المرأة وراء ملابسي وتصميماتي"، وعرضت أن ديور قامت بتصميم ملابس العديد من النساء التي تعتبر قدوة للجميع، ومن بين الأسماء الأميرة ديانا والسيناتور الأميركي إليزابيث وارن،  بالإضافة إلى ريهانا، وجنيفر لورانس، وبيانكا جاغر، وكارلا بروني ونغوزي أديشي كل هؤلاء النساء الذين أخذوا مقاعدهم في الصف الأمامي.

وأصدر ديور بيانًا، "لدراسة مسألة العنصرية ومكانة المرأة في المجتمع"، وتحدثت  ماريا غراتسيا للمحررين خلال التحضير عن تأثير النساء اللواتي يعملون مع الذئاب، كلمات أخذتها من كتاب كلاريسا إستيس "كتاب عن محاولات النظام الأبوي لقمع قوة المرأة في المجتمع".

وأضافت غراتسيا، أن النساء اللواتي يقمن بتصميم الأزياء للنساء، لا ينظرون إلى الموضة فقط عن كيف ستبدي المرأة، وكيف تظهر المرأة بل يقمن بالتصميم وفي داخلهم سؤال أعمق، وهو كيف تشعر المرأة وكيف تفكر.

وعندما سُئلت غراتسيا، عن وقع النسوية لها وما تعنيه، قالت "إنها غير مهتمة بالأفكار النمطية القديمة، كيف تبدو النسوية أو لا تبدو، فلا أعتقد أن هناك طريقة واحدة لتكون نسوية"، متابعة أن "النسوية تتجاوز شعارًا على تي شيرت، فأنا امرأة ولي حياة مهنية ناجحة جدًا، بالإضافة إلى تربية طفلين.

 وأكدت غراتسيا، "أنها تجد نفسها في منصب يمكنها من خلاله اغتنام فرصة جديدة في بلد جديد، تعيش وحدها في باريس اعتبارًا من يوم الإثنين إلى الجمعة، وتعود إلى الوطن لزوجها في روما في عطلة نهاية الأسبوع"، مضيفة أن النسوية بالنسبة لها هي تكافؤ الفرص.

وكانت ماريا غراتسيا قد وُلدت في روما، ودرست الأزياء وقضت ثلاثة عقود في العمل في المدينة، لأول مرة في فندي، ثم لمدة 17 عامًا في فالنتينو، وذاعت سمعتها على لمسة ميداس جزءًا من الفريق الذي خلق بيوجتي دي فندي، ويرجع إليها الفضل في الأحذية والحقائب، التي لعبت دورًا كبيرًا في رفع كلا سمعة وأرباح فالنتينو، على مدى الأعوام الثمانية الأخيرة من فترة فالنتينو، وكانت مسؤولة عن الملابس أيضًا، خلال ذلك الوقت ولدت ابنهما نيكولو، الذي يدرس الآن الهندسة في روما، وابنتها راشيل، طالبة الفنون البصرية في صاغة الذهب في لندن.

وأوضحت غراتسيا، "بالنسبة لأي امرأة تعمل ولديها عائلة، ليس الأمر سهلًا، حيث تأتي من العمل إلى المنزل وبعد ذلك تكون بحاجة إلى مزيد من الطاقة لعائلتها"، إلا إنها تشير إلى أنها كانت محظوظة حيث كان زوجها يدعمها دائمًا، مؤكدة أن طوظيفة ديور قرارًا أُخذ على محمل الجد، فنحن عائلة إيطالية تقليدية، أكلنا معًا كل ليلة، لذلك كانت تلك فكرة غير عادية جدًا بالنسبة لنا، ولكن عندما حصلت على الدعوة اعتقدت في تلك اللحظة أنني من الممكن أن أقدم شيء جدير بالاحترام في حياتي، وإنني يمكن أن أقوم بذلك. في الماضي، ربما لن يكون ممكنًا وفي المستقبل، وأيضًا، من يدري، الآن، لدي الطاقة للقيام بذلك "لافتة إلى أنها تركت وراءها في روما أسرتها وشراكة خلاقة قامت ببنائها.

وكان أول تحد حقيقي لها في ديور ركيك، "كان أصعب شيء مكتبي، هذا المكان ليس مجرد مبنى، بل هو قرية، في أحد المرات غادرت مكتبها، وتتذكر ضاحكة، أنها قامت باستدعاء مساعد لها من الشارع ليحدد لها الاتجاهات، مضيفة أن "ديور أكبر مما كنت أدرك، ورسمية جدًا، إلا أنني مرتاحة جدًا، حيث الجو مألوف ".

وكشفت ماريا، عندما قبلت هذا المنصب، ولكن قبل أن انتقل إلى باريس، قرأت كريستيان ديور: "عندما تحدث عن وظيفته، كان يقول، فإن هذا اللباس يكون مثاليًا لهذه المرأة، ولم يكن يصنع الثياب لإرضاء نفسه، بل لإرضاء النساء، فكانت فكرته، مساعدة النساء في التعبير عن أنفسهم".

 كما أنها قرأت عن كيفية إدارته للمؤسسة، وفي الوقت نفسه، راشيل يمكن أن تكون في مكان ما وراء الكواليس في يوم العرض الأول، وتتناول الغداء مع أمها، التي تستمع إليها لأنها تمثل الجيل الجديد، ولأنها لا تقول أي شيء لإرضائها على حد تعبيرها، وهي بحاجة، كما تقول، إلى رأي صادق، فمن المستحيل أن تعمل إذا لم تكن تفهم العالم الجديد