عجز الميزان التجاري في تونس يسجل رقمًا قياسيًا

سجل عجز الميزان التجاري التونسي رقمًا قياسيًا جديدًا، بتجاوزه عتبة 14 مليار دينار تونسي (أكثر من 5 مليارات دولار) مع نهاية شهر نوفمبر / تشرين الثاني 2017، ولم تنجح سياسات الحكومة التونسية، خصوصًا على مستوى ضبط إجراءات الحد من استيراد نحو 220 مادة من الخارج، أو تعليق التعامل مع الجانب التركي باتفاقية التبادل الحر لمدة خمس سنوات، في العمل على انفراج الوضع التجاري وكبح الصعود الصاروخي للعجز التجاري، من شهر إلى آخر.

وتوقع خبراء تونسيون في مجالي المال والاقتصاد أن يبلغ العجز التجاري أرقامًا غير مسبوقة، بالوصول إلى عجز بنحو 15 مليار دينار (نحو 6 مليارات دولار) مع نهاية السنة الجارية. ووفق المعهد التونسي للإحصاء (معهد حكومي)، قُدر العجز التجاري في نهاية تشرين الثاني الماضي بنحو 14.3 مليار دينار (5.798 مليار دولار)، وكان خلال شهر أكتوبر / تشرين الأول في حدود 13.2 مليار دينار (5.2 مليار دولار)، وهو ما طرح أكثر من تساؤل عن الطريقة المثلى للسيطرة على الانفلات الكبير الذي شهدته تغطية الصادرات للواردات التونسية.

وفسّر المعهد التونسي للإحصاء هذا الارتفاع على مستوى الميزان التجاري العام، بارتفاع الواردات بنسبة 19.2%، وزيادة الصادرات بنسبة أقل، قدرت بنحو 17.3%. وأدى هذا الفارق بين الصادرات والواردات إلى انخفاض نسبة التغطية من 69.4% إلى 68.3%. ويمثل العجز المتنامي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه حكومة رئيس الوزراء التونسي، يوسف الشاهد، حيث اقتصرت معدلاته على 10.7 مليار دينار تونسي في الفترة نفسها من العام قبل الماضي، و12.6 مليار دينار في 2016. وكشفت الحكومة التونسية، خلال الشهر الماضي، عن مبادرة حكومية هدفها دفع الاقتصاد للانطلاق وتحقيق الإقلاع الاقتصادي، الذي وعدت به التونسيين، وتعتمد هذه المبادرة على محاور عدة، من بينها تطبيق برنامج استثنائي لدعم الصادرات، بجانب تحسين تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتيسير العقبات التي تقف في طريق الاستثمار العام والخاص.

وبشأن هذا العجز التجاري المتنامي، قال سعد بو مخلة، الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، إنه بات يهدد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي كان من بين أهم شروطه على الحكومة التونسية التخفيض في العجز التجاري، لمواصلة الحصول على الدعم المالي. وأضاف أن الحكومة مدعوة لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا وتلاؤمًا مع الظرف الاقتصادي الحالي، من بينها التحفيز الكامل للصادرات، والحد الكبير من الواردات، إلا أن النتائج الإيجابية لمثل تلك الإجراءات قد تتطلب بعض الوقت، وهو عامل ليس في صالح الحكومة التونسية، على حد تعبيره.

وخلال الشهر الماضي، أصدر البنك المركزي التونسي قائمة شملت 220 منتجًا لا يحظى بالأولوية. وأكد الشاذلي العياري، محافظ البنك، الحد من استيرادها من خلال عدم منح قروض للموردين، مما يضطرهم إلى توفير ضمان من أموالهم الذاتية لتغطية قيمة تلك الواردات. وتضمنت قائمة المنتجات مواد التجميل، والأجهزة المنزلية، وبعض الخضراوات والغلال والفواكه الجافة، والأدوات المدرسية، والملابس الجاهزة، إلا أن تأثير تلك الخطوة ظل ضعيفًا على نتائج العمليات التجارية التونسية مع الخارج.