الجهاز المركزي للتعبئة العامة

يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والبنك المركزي المصري، في يوم 10 من كل شهر، معدل التضخم السنوي للشهر السابق، ولكن بعد صدور البيانين، نجد أن المعدل المعلن من قبل جهاز الإحصاء يزيد عن ذلك الذي يعلنه البنك المركزي، ليبدو الأمر وكأن هناك تضاربًا في البيانات المعلنة من الجهتين.

في الحقيقة أنه لا يوجد تضارب بين البيانات التي يعلنها جهاز الإحصاء عن معدل التضخم والتي يعلنها البنك المركزي، ولكن كل ما في الأمر أن كل جهة منهما تعتمد على منهجية معينة في احتساب معدل التضخم، فجهاز الإحصاء يرى في منهجيته أن حساب التضخم يجب ألا يخرج منه السلع الاستهلاكية التي يعتمد عليها المواطن يوميا وبشكل أساسي في معيشته، فيما يحتسب "المركزي" التضخم الأساسي فقط بعيدًا عن تلك السلع التي تتأثر أسعارها بالعرض والطلب، لذا نجد أن معدل التضخم المعلن من البنك المركزي شهريًا أقل من المعدل المعلن من جهاز الإحصاء، وذلك لاستبعاده السلع التي يضيفها "الإحصاء" في منهجيته، وبالتالي إذا احتسب جهاز الإحصاء معدل التضخم بعيدا عن السلع "المضافة" ستخرج النتيجة نفس المعدل المحتسب من البنك المركزي، إذن لا يوجد تضارب بين المعدلين.

 ووفقا للمنهجية التي يعتمد عليها كل جهة من الجهتين، ننشر أبرز الفروق بين طريقة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في احتساب معدل التضخم السنوي، والبنك المركزي المصري، بشكل مبسط.

يحسب جهاز الإحصاء معدل التضخم السنوي، بعد قياس نسبة التغير في أسعار السلع الاستهلاكية، ويقيس الجهاز نسبة التغير في أسعار 1000 سلعة وخدمة شهريًا، فيما يعتمد البنك المركزي المصري في حسابه معدل التضخم السنوي على قياس السلع والخدمات مستبعدا منها تلك التي تتأثر بتقلبات مستمرة في أسعارها، وذلك حتى لا تعكس ضغوطا تضخمية مستمرة في الاقتصاد.

وتدخل السلع الاستهلاكية بشكل كبير بين السلع والخدمات التي يقيس جهاز الإحصاء مستوى التغير في أسعارها شهريًا، حيث يقوم الجهاز أسبوعيا بقياس أسعار نحو 333 سلعة معظمها الخضروات والفواكه والمنتجات الغذائية، فيما يستبعد البنك المركزي تلك السلع والعناصر في منهجيته، لرؤيته إنها أكثر تقلبًا، ولا تشكل من السلة السلعية للمستهلكين سوى 8.8% فقط، ويرى الجهاز في منهجيته أهمية قياس السلع الاستهلاكية المتغيرة أسعارها، لذا يقوم برصد تلك الأسعار من 15 ألف مصدر بـ8 مناطق جغرافية على مستوى الجمهورية، فيما تخرج هذه السلع من منهجية البنك المركزي والذي يرى أن التغير في أسعار تلك السلع فجائي ومؤقت، ويتسبب في تقلبات حادة لمعدل التضخم العام، قد تؤثر على اتجاهات التضخم في المستقبل من ناحية، كما أن آثارها تتلاشى من ناحية أخرى.

إذن، وباختصار، يحسب البنك المركزي التضخم الأساسي فقط، مستبعدًا التقلبات الحادة في أسعار السلع المتغيرة بشكل مستمر، والتي تتمثل غالبًا في أسعار السلع الاستهلاكية والمنتجات الغذائية، خاصة في ظل حرص السياسة النقدية والتي يمثلها البنك المركزي، دائما التصدي للتضخم الناجم عن صدمات الطلب، وفي المقابل يدخل قياس أسعار هذه السلع بشكل أساسي في طريقة جهاز الإحصاء لاحتساب معدل التضخم.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قد أعلن الأحد الموافق 10 ديسمبر/كانون الأول 2017، معدل التضخم السنوي لشهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي سجل 26.7%، فيما أعلنه البنك المركزي المصري 25.5%.