طارق عامر محافظ البنك المركزي

استدانت الدولة في الآونة الأخيرة قروض داخلية وخارجية، كسرت حاجز الـ 3 تريليون جنيه، وفقًا لما أعلنه طارق عامر محافظ البنك المركزي خلال الأشهر الماضية، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، موضحًا ارتفاع الدين الخارجي لـ 4.3 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، ليصل إلى 60.15 مليار دولار، في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، مقابل 55.76 مليار دولار في يونيو/حزيران العام الماضي.

وأرسلت وزارة المال خلال الأسبوعيين الماضيين نسخة من الموازنة العامة الجديدة للعام 2017-2018 إلى مجلس النواب بالتحديد للجنة الخطة والموازنة والتي جاء فيها، وصول العجز​ ​الكلي​ ​في​ ​مشروع​ ​الموازنة​ ​المقبل​ ​370​ ​مليون​ ​جنيه،​ ​مقابل​ ​319.460 مليون​ ​جنيه​ ​في​ ​موازنة​ 2016-​2017​ ​والذي​ ​وصل​ ​إلى 226.619​ ​مليون​ ​في​ ​الفترة​ ​من​ ​يوليو​​/تموز، شباط/فبراير​ ​2017​ ​ومن​ ​المتوقع​ ​أن​ ​يصل​ ​لـ​ ​365.633 مليون​ ​جنيه​ ​مع​ ​نهاية​ ​العام​ ​المالي​ ​الجاري.

ووصلت نسبة العجز الكلي في موازنة 2018 من الناتج المحلي 9.1%، مقابل 9.8% في موازنة 2017 ومن المتوقع أن تصل إلى 10.8% نهاية العام المالي الجاري. والديون الخارجية والداخلية لم ترتفع بمفردها فقط، بل اصطحبت معها فوائدها والتي مطالب من الدولة سدادها مع سداد مبلغ الدين الأساسي، وأفردت الموازنة العامة الجديدة 2017-2018 إجمالي فوائد الديون.. كالتالي "إجمالي الفوائد في الموازنة الجديدة 380.986 مليون جنيه مقابل 292.520 مليون في موازنة 2017، والتي بلغت 183.606 مليون في الفترة من يوليو/تموز –فبراير/شباط الماضي، وتوقعت الموازنة الجديدة أن تصل لـ 312.662 مليون مع نهاية العام المالي الجاري، لتسجل نسبة ارتفاع 21.9%. وإجمالي الفوائد الخارجية في الموازنة الجديدة 25.550 مليون جنيه، مقابل 7.759مليون في موازنة 2017، والتي بلغت 5.840 مليون في الفترة بين يوليو/تموز، فبراير/شباط الماضي ومن المتوقع أن تصل لـ 13.983 مع نهاية العام المالي الجاري. 

وسجلت فوائد القروض الأميركية 148 مليون جنيه في موازنة 2018، مقابل 91 مليون في موازنة 2017 ومن المتوقع أن تصل إلى 121 مليون جنيه مع نهاية العام المالي الجاري؛ أما فوائد القروض الأوروبية والآسيوية بلغت 707.7 مليون، مقابل 419.7 في 2017 والمتوقع 702.8 مع نهاية العام المالي.

وفيما يتعلق بـ الفوائد المحلية في الموازنة 2018 المطروحة الآن على البرلمان، أقرت حجم أن الفوائد المحلية 355.249مليون مقابل 284.659 في موازنة 2017، والتي بلغت 177.655 مليون جنيه في الفترة من يوليو/تموز، فبراير/شباط الماضي وتوقعت أيضا أن يصل حجم الفوائد لـ 298.478 مليون جنيه مع نهاية العام المالي الجاري. وأما فوائد الدين العام المحلي ستبلغ  353.514 مليون جنيه في الموازنة الجديدة، مقابل 297.911 مليون مع نهاية العام المالي الجاري 2017.

وتوضح الموازنة أن أكثر ما ساهم في نضج حجم الفوائد المحلية هي فوائد سندات البنك المركزي المدرجة تحت الدين العام المحلي، والتي بلغت في الموازنة الجديدة 52.353 مليون جنيه مقابل 68.066 في موازنة 2017، ومن المتوقع أن تصل لـ 49.026 مليون مع نهاية العام المالي الجاري، أما فوائد أذون الخزانة العامة في الموازنة الجديدة ستصل لـ 127.900 مليون مقابل 71.348 مليون، في موازنة 2017 ومن المتوقع وصوولها لـ 89.054 مليون جنيه. وأوضحت الموازنة أن الوديعة القطرية، سجلت 0% بينما الوديعة السعودية أحرزت فوائد ستصل في الموازنة الجديدة لـ 108.8 مليون جنيه، مقابل 57 مليون في موازنة 2017. 

وقالت النائب ثريا الشيخ عضو اللجنة الاقتصادية، إن حجم الديون التي أصبح على الدولة سدادها مضافة إليهم فوائد تلك الديون دليل على عدم شفافية من يعملون بالدولة، حتى الآن لم يخرج مسؤول واحد، لإيضاح كيف ستقوم الحكومة بسداد كل هذه المبالغ خاصة مع استمرارهم في الاستدانة داخليا وخارجيا. 

وبيّنت أنه من المفترض على دولة مثل مصر بعد الأوضاع التي مرت بها، أن تغلق أبوابها، وتعمل على زيادة الإنتاج وزيادة المعروض حتى تستطيع أن تنهض باقتصادها، قائلة "حرام نسيب ولادنا وولاد ولادنا مديونين"، مؤكدة أنه كان من الضروري اتخاذ بعض الإجراءات منذ 30 عامًا، مثل تحرير سعر الصرف حتى نجني ثماره الآن".

وأشارت إلى أن أهم أسباب زيادة الدين ولجوء الدولة إلى الاقتراض الدائم طرحها للعديد من المشاريع مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المشاريع التي أعلن عنها من دون معرفة كيف سيتم الإنفاق عليها؛ خاصة مع استمرار غلق العديد من المصانع واعتمادنا على الاستيراد في كل المجالات بما يشمل السلع الغذائية التي كنا ننتجها ونصدر الفائض منها.

وفيما يتعلق بطرح وزير المال لأذون وسندات الخزانة يطرحها بالإنابة عنه البنك المركزي، قالت الشيخ "وجهت لوم لوزير المال أثناء اجتماعه مع اللجنة الاقتصادية ولجنة الخطة والموازنة، إنه على مشارف بيع أصول الدولة، خاصة إنه سيطرح 20% من البنوك والمؤسسات في البورصة، فأجابها الوزير على حد قولها "ليس أمامي حل آخر" ولكن قاطعته النائب" لديك أموال الصناديق الخاصة"، موضحة أن المسؤولين لديهم تعتيم تام على أموال الصناديق الخاصة المتوافرة، بكل قطاعات الدولة ومنفصلة عن ميزانية كل مؤسسة.

وأحضر الوزير 3 بنود فقط فيما يتعلق بالصناديق الخاصة لوزارات معينة، بلغت 57 مليار جنيه غير مدرجة في الموازنة الجديدة، مشيرة إلى أن اللجنة الاقتصادية تقدمت بعدة طلبات للحصول على إجمالي أموال الصناديق الخاصة، وإدراجها في مشاريع تنموية، ولكن تم التعتيم على الطلبات كأنها أسرار عسكرية لا يصح إفشائها، مؤكدين أن اللجنة وضعت خطة زمنية محددة في حالة عدم توضيح الأمر بشأن أموال الصناديق سنقيم لجنة تقصي حقائق تحقق بالأمر.

وقال الدكتور فخري الفقي مستشار صندوق النقد الدولي، إن إجمالي الديون المقرر سدادها خلال العام المالي الحالي 12.5 مليار جنيه تم جدولتها وسداد 700 مليون دولار في أواخر عام2016 لنادي باريس. ويضيف الفقي، الدين المحلي وفوائده وصل لمرحلة غير مقبولة، والخطر يكمن في محاولة الحكومة لتسوية عجز الموازنة، من خلال الاقتراض بآجال قصيرة ومتوسطة من البنوك الحكومية بضمان أذونات خزانة وسندات يتم سدادها بعد 6 شهور أو 9 شهور مضاف إليها فوائدها، وبالتالي من يقترض اليوم يدفع أضعاف غدًا، ومن المتعارف عليه أن البنوك لا تمتلك سيولة مالية إنما تقرض الحكومة من ودائع المواطنين التي تتخطى 2 تريليون جنيه، والحكومة بتستلف من ودائع المواطنين لتسد العجز".

وطالب الفقي، الحكومة الامتناع عن الاستدانة داخليا وخارجيًا، والتماس الشفافية مع المسؤولين لمعرفة كيف سيتم سداد تلك الديون وفوائدها قبل نهاية العام المالي الجاري، حتى لا تتكتل الديون عام بعد عام، مشيرًا إلى المصادر التي يمكن أن تمول خزنة الدولة، ولا نعلم عنها شيء مثل الصناديق الخاصة وغيرها.