الباحث المصري محمد عفيفي

  أكّد المشاركون، في ندوة علمية، نُظّمت، السبت، في إطار فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء، على عراقة العلاقات الثقافية بين المغرب ومصر.  وقال أستاذ التاريخ الحديث المعاصر في جامعة القاهرة محمد عفيفي، خلال مشاركته في الندوة التي نظمت تحت شعار "تاريخ العلاقات الثقافية المصرية المغربية"، إن المغرب ومصر تجمعهما علاقات قديمة يحكمها التاريخ والجغرافيا. وأبرز الباحث المصري أن المهتمين بأدب الرحلة يدركون تماما طبيعة هذه العلاقات خصوصا أن الكتابات في هذا النوع الأدبي كثيرة وذلك راجع أساسا لقوافل الحج، التي كانت تنطلق من الأندلس وتعبر البلدين.

وارتباطًا بالحركة الثقافية دائما، أضاف أن رواق المغاربة كان من بين أكبر الأروقة في جامعة الأزهر وأغناها، حيث كان السلاطين المغاربة يتبرعون بشكل مستمر لصالح مكتبة الجامعة ويغنونها بأهم الإصدارات، مبرزًا في هذا الصدد أن البعثات التعليمية الأولى التي انطلقت من المغرب في القرن 19 في عهد الخديوي اسماعيل كانت في اتجاه مصر. كما تطرق في السياق ذاته إلى مساهمة تاريخ الطباعة في تعزيز هذه العلاقات الثقافية.

ومن مظاهر قوة هذه العلاقات أيضا، ذكر أستاذ التاريخ المصري، بتأسيس المكتب الثقافي المصري في الرباط، لدعم حركة التعريب في المغرب والإسهام في تبادل المدرسين بين البلدين، مثيرا أسماء أبرز المصريين الذين درسوا بالمغرب أمثال حسن حنفي ونجيب بلدي وطارق حجي، ليعرج بعد ذلك على متانة العلاقات الفنية بين البلدين في المجال السينمائي والغنائي.

وأعرب عن ثقته في قدرة القاهرة والرباط على لعب دور مهم في النهوض بالعالم العربي على جميع المستويات الثقافية والاقتصادية والسياسية استنادًا للروابط التاريخية بين المغرب ومصر، دعا إلى الانفتاح على الثقافات الغربية بشكل يأخد بعين الاعتبار التراث والثقافة المحلية للبلدين.

وأما المفكر والأكاديمي المغربي سعيد بنسعيد العلوي فقد اختار أن يركز في مداخلته حول العلاقات بين المغرب ومصر، على الحقبة التاريخية السياسية الممتدة بين 1937 و1948 والتي اعتبرها مرحلة خصبة بالنسبة للبلدين، لأنها شهدت تحولًا ثقافيًا وسياسيًا كبيرًا راجعًا بالأساس للتأثيرات التي مارستها كل من انجلترا وفرنسا التي كانت تفرض نظام الحماية عليهما.

وربط العميد الأسبق لكلية الآداب في الرباط بين تقارب الحركتين الوطنيتين لمصر والمغرب واللتان أشرتا لبداية الوعي السياسي داخل البلدين، مبرزا دور الراحل عبد الكريم غلاب الذي عايش هذه العلاقة وساهم في تقويتها وترجمتها في كتاب حمل عنون "القاهرة تبوح بأسرارها".

ودعا من جهته إلى إحياء تراث عصر النهضة في شكل نهضة ثانية للأمة العربية وقاطرتاها الرباط والقاهرة، اعتمادا على كل المكتسبات والمراحل التي تم بلوغها في العلاقات بين البلدين، مركزا على دور المجتمع المدني لتقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون. وجرت هذه الندوة، بحضور ثلة شخصيات من عالم الديبلوماسية والفكر والثقافة والفن من البلدين.

وتستضيف الدورة الرابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء ، التي تنظم تحت رعاية محمد السادس، مصر كضيفة شرف حيث تم تخصيص جناح خاص بالبعثة المصرية، بالإضافة إلى تسمية إحدى قاعات الندوات تداخل المعرض بإسم العاصمة المصرية القاهرة، إلى جانب استقبال عدد كبير من الكتاب والباحثين والمفكرين المصريين لتأطير ورشات وندوات المعرض. وتتواصل فعاليات المعرض، الذي تنظمه وزارة الثقافة والاتصال بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات - المكتب الوطني للمعارض، إلى غاية 18 فبراير/شباط الجاري.