إمساكية شهر رمضان المصرية

تعتبر إمساكية رمضان هي المنبه بالنسبة للصائمين خلال شهر رمضان المعظم، فهي تحتوي على أيام الشهر الفضيل مع مواقيت الصلوات الخمس وموعد الإفطار وبدء موعد الصيام.

تسمية إمساكية رمضان جاءت وفق ما يقوله الباحث في التراث ورئيس تحرير موقع "تراثيات" وسيم عفيفي، اشتقاقًا من الكلمة العربية إمساك، وهو ما يعني توقف الصائم عن الأكل والشرب والجماع في نهار رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

وقبل عام 1798 لم تكن مصر على إلمام كبير بتطورات علمية حدث في العالم وعندما جاء الاحتلال الفرنسي اكتسبت مصر من وجود الفرنسيين مميزات ومعارف كثيرة، فرغم قيام الحملة الفرنسية بضرب الأزهر، تأسس المجمع العلمي، وعرف المصريون من الفرنسيين تفاصيل الحضارة المصرية من حجر رشيد، وعرفوا أصول الكتابة والنشر ليدخلوا في الطباعة التي بدأها الفرنسيون بمطبعتهم في مصر.

في عهد محمد علي وقبل أن يفارق الحياة بعامين، عرفت مصر طريق إمساكية رمضان في العام 1262 هجري الموافق سبتمبر/أيلول من العام 1846 ميلادي ، وجاءت تلك الإمساكية من مطبعة بولاق وكانت تُعْرَف بـ"إمساكية ولي النعم"، وقد طُبعت على ورقة صفراء ذات زخرفة بعرض 27 سنتيمترًا وطول 17 سنتيمترًا، وكتب في أعلاها أول يوم رمضان الاثنين، ويرى هلاله في الجنوب ظاهرًا كثير النور قليل الارتفاع، ومكثه خمس وثلاثون دقيقة ومرفق صورة محمد علي باشا.

ويضيف وسيم أنه تواجد بالإمساكية جدول كبير به مواعيد الصلاة والصيام لكل يوم من أيام شهر رمضان بالتقويم العربي؛ وتم توزيع الإمساكية على كل ديوان من دواوين الحكومة، مع أمر لكل الموظفين بعدم الكسل والإهمال في العمل وعدم التراخي في توزيعها، وقد تطورت إمساكية رمضان من العشرينيات إلى الأربعينيات في القرن العشرين على صور وأشكال وأغراض مختلفة، فكانت أول إمساكية يتم توزيعها على سبيل الدعاية والإعلان إمساكية مطبعة تمثال النهضة المصرية لصاحبها محمود خليل إبراهيم في شارع بيبرس الحمزاوي في رمضان من العام 1347 هجري الموافق فبراير/شباط من العام 1929 ميلادي.

وأعلن في الإمساكية كما يقول –وسيم - إستعداد المطبعة لطبع الكتب كافة، ثم انتقلت لمرحلة الإعلان التجاري عن المنتجات والبضائع على يد رجل الأعمال اليهودي داوود عدس، الذي طبع أول إمساكية لسلسلة محلاته في رمضان سنة 1364 هجرية الموافق أغسطس/آب من العام 1945، لكن اختلفت إمساكية داوود عدس عن غيرها كون أنها كانت إمساكية مرفقة بمعلومات الصيام وفضله وأسباب فرضه؛ وأسفل كل هذه المعلومات إعلان دعائي لمحله وتوفر البضائع فيه.

ويشير وسيم إلى أن إمساكية رمضان التي طبعها داوود عدس تعتبر الملهمة لأغلب إمساكيات رمضان ذات الورق المتعدد، حيث طور إمساكية طُبِعَت من أحد تجار العطارة سنة 1356 هجري الموافق نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1937، والتي احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية وأذكار الصباح والمساء وأحكام زكاة الفطر وأجندة ومواعيد، فكان سر إمساكية رمضان المطبوعة من محلات داوود عدس، أنها كانت تُوزع على المارة في الشوارع والمصلين في المساجد، فضلًا عن تطور الإمساكية وشكلها عامًا بعد عام حتى وصلت إلينا بهذا الشكل.