مجلس الوزراء المصري

يعيش المواطن المصري، خلال الفترة الجارية، أزمات حادة لم يشهدها من قبل، من ارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية، حتى بلغ سعر كيلو اللحم البلدي 150 جنيهًا، إلى ارتفاع فواتير استهلاك الكهرباء والمياه، في ظل تدني الأجور والمرتبات والمعاشات، وصولًا  إلى ارتفاع أسعار الأدوية.

ووافق مجلس الوزراء المصري، برئاسة المهندس شريف إسماعيل، على المقترح الذي تقدمت به وزارة الصحة، بعد مشاورات عدة مع شركات الأدوية، على زيادة أسعار الأدوية، والتي من المُقرر أن تكون على ثلاثة آلاف صنف دوائي، تُمثل 25 % من حجم الأدوية المتداولة، بواقع 15 % للأدوية المحلية، و20 % للأدوية المستوردة.

وفي ظل الارتفاع الكبير، في أسعار الأدوية، وعدم قدرة قطاع عريض من المواطنين على الشراء، لم يعدّ أمام المواطنين، سوى اللجوء إلى "الطب البديل"، المُتمثل في العلاج بالأعشاب الطبيعية، وهي عادة طبية قديمة، عرفّها المصريون منذ قديم الأزل، إلا أن مع مرور الوقت والتقدم الكبير في صناعة الدواء، لم يعدّ له مكانًا، إلا في حالات بسيطة، كعلاج التهاب المعدة والقولون، غير أن ارتفاع أسعار الأدوية، أجبر المواطنين على اللجوء إليه مُجددًا، في محاولة منهم لمداواة ما يُعانون منه من أمراض، ويتمثل العلاج بالأعشاب، في ذهاب المريض إلى أقرب محل عطارة قريب من منزله، ويشرح  إلى العطار ما يعاني منه، ويقوم الأخير بدوره بإعطاء الوصفة الطبية المناسبة لحالته، والتي غالبًا ما تكون مزيج من الأعشاب الطبيعية.

ومرّت أزمة الدواء في مصر، بعدة مراحل، بدأت بامتناع شركات الأدوية عن بيع الأدوية المستوردة، بعد القرارات الحكومية الأخيرة، والتي شملت تحرير سعر صرف الجنيه المصري، ورفع الدعم عن المحروقات، وسط رفض الحكومة بتحريك أسعار الأدوية، لتتماشى مع سعر الدولار، فأدى الامتناع عن بيع الأدوية، إلى ظهور أزمة اختفاء ونقص، عانى منها المواطنون.

وتسبب القرار في أزمة حادة لدى الصيادلة في مصر، ووصفته نقابة الصيادلة بـ"الكارثة الكبرى"، مؤكدة أن عدم توفير أدوية المريض أو تقليلها أمر غير أخلاقي". ومع استمرار الأزمة، حذّر العديد من الصيادلة من خطورة هذا الأمر، مؤكدين أن هذا الوضع يشكل وضعًا حرجًا وخطرًا على المرضى، مناشدين مجلس النواب بضرورة التدخل لحل الأزمة، الذي أمر بدوره بتشكيل لجنة تقصي حقائق، مكونة من أعضاء لجنة الصحة في البرلمان وعدد من رؤساء شركات الأدوية، في محاولة لمواجهة الأزمة، ومع استمرار المعاناة، اجتمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، مع رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، ووزير الصحة، الدكتور أحمد عماد، ووجه بحل الأزمة في أسرع وجه، فجاء قرار الحكومة الأخير، برفع أسعار الأدوية.

ورصدت "مصر اليوم"، خلال جولة لها في محلات العطارة في وسط القاهرة وفي الأحياء الشعبية، إقبالًا كبيرًا عليها من جانب المواطنين، بعد ارتفاع أسعار الأدوية. ويقول أحد العطارين "في ظل الارتفاع الكبير، في أسعار الأدوية، أصبحت "الأعشاب الطبيعية"، هي الحل الأخير أمام المواطنين لمداواة أمراضهم، إذ نشهد خلال الفترة الأخيرة ، إقبالًا كبيرًا علينا من المواطنين، الذين يأتون إلينا، لشرح ما يُعانون منه، ونحن بدورنا نعد لهم الوصفة الطبية المناسبة لحالتهم". ويضيف "أن العلاج الذي يبلغ ثمنه 120 جنيهًا، يقابله وصفة طبية، عبارة عن مزيج من الأعشاب الطبيعية، لا يتجاوز ثمنها 10 جنيهات".

ويتفق معه عطار آخر، قائلًا "أصبحنا نعمل مثل الصيدليات ، طوال الـ 24 ساعة يوميًا، بعد الإقبال المتزايد من جانب المواطنين علينا، لإعطاء الوصفة الطبية المناسبة لحالتهم الصحية، بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأدوية، وأن أغلب المواطنين من البسطاء ذو الدخل المحدود الذي لا يقدر على الشراء". ويُحذر عميد كلية الصيدلة السابق في جامعة أسيوط، الدكتور مجدي خيري، من مخاطر العلاج بالأعشاب، قائلًا "الطب البديل، الذي يتمثل في العلاج بالأعشاب، كان سائدًا لفترة كبيرة في الماضي، لا سيما في المجتمعات البدائية، غير أن مع التقدم والتطور الهائل في صناعة الدواء، انتهى هذا الأمر ، ولم يعد له وجود إلا في استخدامات معنية.

وأضاف الدكتور مجدي خيري، "يتم استخدام الينسون والكراوية والنعناع، كمهدئ، إذ أثبتت الدراسات العملية والأبحاث، فعاليتها، لكن لا يمكن أن يعول عليها المريض لعلاج أمراض أخرى كالسكر وارتفاع  الضغط والقولون، وأن قطاع عريض من أصحاب محلات العطارة ، يقومون بإعطاء وصفات طبية إلى المواطنين، دون أي دراية أو حتى الاستناد إلى  حقيقة علمية، وإنما إلى افتراضات شخصية، وهو أمر شديد ت الخطورة على صحة الإنسان، فقد يكون المريض الذي يُعاني من التهاب في المعدة، يعطي له العطار، وصفة طبية، خاطئة، وبالتالي قد تؤدي إلى التسمم، وقد يصل ضررها في بعض الحالات إلى الوفاة".