مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام

عبر مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن عميق شكر جميع المصريين للإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي صاغ من مؤتمر نصرة قضية القدس قلادة شرف لمصر تتوج فخرها بأزهرها الشريف.

وقال مكرم، خلال كلمته التي ألقاها في مؤتمر الأزهر لنصرة القدس اليوم الخميس، إن أزهر مصر لطالما كان منبرا يصدح بالقول الحق في وجه كل الطغاة وأدعياء الاستكبار، يرفض الافتئات على حقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين في دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ورباط وحدة ومحبة في الداخل يجمع مسلمي مصر وأقباطها في أسرة واحدة نسيجها واحد، يراعي التزام الجميع بحقوق المواطنة والوقوف سواسية أمام القانون، ورسالة سلام وتواصل إلى كل أرجاء العالم تؤكد على وسطية الإسلام وتسامحه وتنبذ العنف والإرهاب "وما أنزلناه إلا رحمة للعالمين".

وأضاف مكرم محمد أحمد: "لعل السؤال الخطير الآن، ماذا بعد، وما الذي ينتظرنا وقد ظهر واضحا حجم التربص الذي يتأبط شرا في عملية غدر مفاجئ، بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب الأحادي الجانب الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وقد كنا نحسبه شريكا في الحرب على الإرهاب ووسيطاً نزيهاً يمكن أن يحقق سلام الشرق الأوسط واستقراره، وينجز المصالحة التاريخية بين العرب واليهود على قاعدة كل الأرض مقابل كل السلام، ثم ظهر أن ذلك كان مجرد أضغاث أحلام سبقها ربيع كاذب ضيع العراق وسورية وليبيا واليمن، وكاد ينهش مصر المحروسة، لولا عناية الله ويقظة شعبها وقواته المسلحة التي أسقطت حكم المرشد والجماعة، لكنها مع الأسف لم تضع في حسابها أن خيوط المؤامرة لا تزال مستمرة".

وأعرب مكرم محمد عن أمله أن يتمكن المجتمع الدولي من فرض القانون الدولي من خلال مؤسساته الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة اللذين أصدرا منذ عام 1947 (867) قرارا للمجلس و(750) قرارا للجمعية العامة حتى الآن، لم يُنفذ منها قرار واحد، بما يؤكد حجم الخداع الضخم والديمقراطية الزائفة في مجتمعنا الدولي الذي تكاد تكون مهمته الآن أن يغلف شريعة الغاب بورق من السلوفان ليمكن السمك الكبير من أن يأكل السمك الصغير في سهولة ويسر.

وأوضح رئيس الأعلى للإعلام: "جربنا التفاوض المباشر لأكثر من 44 عاما لم نتمكن خلالها من استعادة بوصة واحدة من الأرض، لأن التفاوض المباشر في غياب حكم منصف، وقانون دولي نافذ، ومرجعية قادرة على تصحيح الخطأ، يكاد يكون نوعا من الضحك على الذقون، هدفه الأول تضييع الوقت وتبديد الفرص، ويمكن القوى من أن يخلق واقعا جديدا يفرض نفسه على الأرض.. وحتى عندما ترضى بالقليل، وتقبل بـ22% من مساحة فلسطين التاريخية وقد كان لنا 97% من مساحتها فقط قبل مئة عام، لا أمل في أن تستعيد بعض حقك، إلا إذا كنت قادرا على تصحيح النظام الدولي وتغييره بالكامل ليصبح عالما متعدد الأقطاب، لا مجال فيه لقطب أوحد، هو وحده صاحب الحق والقرار، ولا مكان فيه للفيتو يصادر على حقوق الجمع أو قوة القهر النووي أو غير النووي، نعرف جميعا أن ذلك اليوم آت لا ريب في ذلك، لكن متى يأتي وهل يمكن لأحد أن يتعجله وهل نظل أبداً في حالة انتظار؟ أسئلة صعبة بغير إجابات واضحة".

وتساءل مكرم "أين إذن ومتى تكون الإجابة الصحيحة وهل هي موجودة بالفعل، ربما لا تكون الإجابات موجودة لكننا باليقين نستطيع أن نصنعها، ولا أحد غيرنا يستطيع صنعها لأنها كامنة داخل إراداتنا، وأول شروط معرفتها أن نكون كما قال الشيخ الجليل الدكتور أحمد الطيب على يقين من أن كل احتلال إلى زوال وكل قوة متسلطة غشوم لا بد لها من نهاية، وإذا كان الاحتلال انقرض من العالم منذ زمن، ولم يبق سوى الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين فإن الإحتلال الإسرائيلي يظل حدثا عابرا إلى زوال كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وسوف ينتهى ويحمل عصاه على كتفه، ويرحل كما رحل الاستعمار الفرنسي عن شمال أفريقيا وشرق المتوسط، وكما رحل الاستعمار البريطاني عن الشرق الأوسط ولن يُبقي على الاحتلال الإسرائيلي هذا الثوب القديم المهلهل من الخرافة والخزعبلات، ومن ثم فإن المهمة المقدسة لنا إلا نفزع مثلما فزع جيل النكبة وغادر أراضيه خوفاً من عصابات اليهود، وإنما أن نثبت في أوطاننا ونتشبث بأراضينا دونها الموت والشهادة".

وأضاف: "في القدس 340 ألف فلسطيني يتحتم صمودهم وسوف يصمدون لأنهم منزرعين في أرضهم يصعب إقلاعهم، حتى لو اقتلعوا أسرة أو بضع أُسر، فإن علينا أن نجعل ذلك عملاً مستحيلاً، لا ينبغي إخلاء سكان القدس القديمة كما تم إخلاء مدينة الخليل القديمة لتصبح خاوية على عروشها، وأظن أن جزءاً من معركة القدس أن يعود سكان الخليل إلى دورهم في المدينة القديمة التي أصبحت خاوية على عروشها فارغة من سكانها هرباً من عمليات التفتيش اليومي للمنازل وغارات الأمن الإسرائيلي ومطالبه المستحيلة في الإبقاء على أبواب الدور مفتوحة دائماً جاهزة لتفتيش الأمن في أي وقت ، وواجبنا كعرب ومسلمين أن نعزز صمود سكان القدس ليبقوا في مدينتهم لا يغادرونها، وأن نذهب إليهم لا نتركهم وحدهم، نزورهم ونشد على أيديهم ونشجعهم على البقاء".

وأكد "هذا باليقين ليس تطبيعاً، ولو أننا نجحنا في تعزيز صمود المقدسيين لكان ذلك بداية نجاح حقيقي لأن صمود المقدسيين سوف يبقى على الجذوة مشتعلة لا تهدأ، أجيال تتبع أجيالاً، تحمي القدس حتى إن لم يكن في أيديهم سوى حجارة الشارع، ولست أشك في أنه مهما يكن تحوطات الإسرائيليين وحصارهم فإن الشعب الفلسطيني قادر على أن يخلق أنماطاً وصوراً جديدة من المقاومة الشعبية والعصيان المدني التي تنأى بنفسها عن الإرهاب والعنف".​