تصدير مصر"الغاز المُسال"

يُعد تضاعف إنتاج حقل ظهر للغاز الطبيعي، منذ بداية إنتاجه في كانون الأول /ديسمبر الماضي، سيساهم في تحقيق مصر للاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مع نهاية العام الحالي، ووفقًا لمراقبون، فإن ما يزيد عن حاجتنا المحلية سيستخدم في صناعة وإنتاج البتروكيماويات والغاز المسال وصناعة الأسمدة ورفع حصة الغاز المنزلي، بالإضافة إلى الأبعاد الاستراتيجية لتصدير مصر للغاز المُسال، ومدى التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة.

الثروة الغازية المتوقعة فى الصحراء الغربية

واتجهت الأنظار مع إعلان شركة "إينى" الأخير عن كشف بئر جديدة للغاز الطبيعى، بمنطقة امتياز شرق الأبيض والذى يقع على بعد 30 كيلو متر شمال غرب امتياز مليحة فى الصحراء الغربية، إلى الثروة الغازية المتوقعة فى الصحراء الغربية.

وقالت الشركة "إن إنتاج البئر الجديد يصل لنحو 25 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا، وأوضحت أنها بدأت في إجراء دراسات لتطوير احتياطيات الغاز من مناطق الامتياز لديها لزيادة إنتاج كميات الغاز من حوض الصحراء الغربية، وهو ما اعتبره خبراء أنه حجم إنتاج جيد جدا من بئر واحدة".

وشدد الخبراء على أن شركة إينى شهدت توسعات في عمليات الحفر مؤخرًا في الصحراء الغربية، ما يعد دلالة على وجود مؤشرات على وجود كميات كبيرة متاحة من الغاز، بخاصة أن الشركات لا تتجه إلى الحفر فى الصحراء إلا لوجود دلالات قوية على وجود ثروة من الغاز، وتسهم شركة إينى فى إنتاج نحو 55 ألف برميل من النفط المكافئ من الصحراء الغربية يوميا.

منطقة واعدة 

وكشف حمدي عبدالعزيز المتحدث الرسمي باسم وزارة البترول، في هذا الإطار، أن الكشف الجديد يؤكد أن حوض الصحراء الغربية إحدى المناطق الواعدة في إنتاج الغاز، مضيفًا أن شبكة نقل الغاز متوافرة في الصحراء الغربية ما يسهم في تسهيل استغلال الغاز المستخرج حاليًا ليضاف إلى إجمالي إنتاج مصر، الذي يصل حاليًا لنحو 6 مليارات قدم مكعب يوميًا.

كما قال المهندس شامل حمدي وكيل أول وزارة البترول السابق "إن الصحراء الغربية غنية بالبترول والغاز طبقا للدراسات، مشيرًا إلى أن إجمالي إنتاج مصر من الغاز حاليًا يصل لنحو 6 مليارات قدم مكعب يوميا، موضحًا أن إنتاج الصحراء الغربية يصل لنحو 600 مليون قدم مكعب يوميا منها.

وأوضح حمدي في تصريحات نشرتها صحيفة "المصري اليوم"، أن هناك إقبالاً من الشركات للعمل في مصر، نظرًا للدراسات الواعدة، مشيرًا إلى أن اللاعب الأكبر في المنطقة سيكون إنتاج الغاز في البحر المتوسط، متابعًا أنه طبقًا للدراسات فإن الغاز في المتوسط يقع في المياه العميقة، ما يعنى الحاجة إلى استثمارات كبيرة، مشيرًا إلى أن تكلفة الحفر والبحث في الصحراء أقل بكثير من البحث في المياه العميقة، وبالتالي المخاطرة أقل وإن كان العائد أكبر بكثير في البحر.

صناعة الغاز

وتعليقًا على ذلك، قال الكاتب العراقي، وليد خدوري، المتخصص في شئون الطاقة، أن مصر تستطيع أن تصبح المحور الأساسي لصناعة الغاز الشرق المتوسطية، وفي الوقت ذاته، تستفيد الدول الإقليمية المصدرة، أي إسرائيل وقبرص وغيرهما، لاحقاً من تصدير الفائض المحدود الحجم لإمدادات الغاز المتوافرة لهم التي تفيض حاجتها عن طلب السوق الداخلية، والتي سيكلف تصديرها إلى أسواق بعيدة، مثل أوروبا، أثماناً باهظة لا يمكن جني الأرباح الكافية منها، نظراً إلى أن سعر الغاز الواصل إلى أوروبا لن يستطيع منافسة أسعار الغاز من الدول المصدرة الرئيسة، أي روسيا وقطر والجزائر.

وتابع "خدوري"، في مقال له نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية، أن توافر إمدادات محدودة من الغاز لدول شرق المتوسط، سيفرض على هذه الدول التعاون في مشاريع مشتركة، على رغم الصراعات السياسية بينها، ويكمن وراء هذه الفرضية توفير تعاون اقتصادي واسع مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات الاقتصادية ليس فقط ما بين الدول المعنية، بل أيضًا مع الشركات الإقليمية الضخمة.

محاولات لترشيد استهلاك الغاز 

وأضاف، أن مصر تحاول جاهدة ترشيد كل من استهلاك الغاز وزيادة طاقتها الإنتاجية لتصبح مكتفية ذاتياً بحلول نهاية العام الحالي، وإلى جانب زيادة الإنتاج من حقل "ظهر"، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية القصوى نحو 29 بليون متر مكعب سنوياً، هناك زيادة الإنتاج من حقل "دلتا غرب النيل" الضخم، وذلك في ظل رفع الدعم وزيادة الأسعار المحلية للغاز الذي يزيد استهلاكه نحو 5 في المئة سنويًا، ويبلغ عدد سكان مصر نحو 105 ملايين نسمة، ويستعمل الغاز في توليد نحو 85 في المائة من الطاقة الكهربائية، إضافة إلى أنه الوقود المفضل للصناعات الثقيلة. 

وأوضح، الكاتب المتحخصص في شؤون الطاقة، أن الاستثمار في مصانع تسييل الغاز الجديدة يكلف عشرات بلايين الدولارات، وتشييد خط أنابيب بحري من شرق المتوسط إلى الأسواق الأوروبية يكلف أيضاً بلايين الدولارات، وبما أن اقتصادات دول المنطقة محدودة الإمكانات، فالاتجاه المتوقع هو المشاركة في التصدير عبر خطوط أنابيب مشتركة بدلاً من منفردة، ما سيؤدي إلى خلق تعاون اقتصادي ضخم بين إسرائيل والدول الغازية المجاورة، وتحديداً بين الشركات الكبرى في المنطقة التي لديها الإمكانات المالية والهندسية الضخمة، متوقعًا أن يؤدي هذا التعاون إلى خلق تطبيع سياسي واسع النطاق ملائم لتطوير صناعة الغاز الإقليمية ولإضافة عنصر جديد على عملية التطبيع الإسرائيلية - العربية الجارية حاليًا.

ثروة حقيقية

وبدوره قال الدكتور جمال القليوبي، خبير الطاقة، في تصريحات إلى موقع "مصر اليوم"، إن الغاز الطبيعي يعتبر بمثابة ثروة حقيقية بالنسبة لمصر وأننا في احتياج ضخم من الإنتاج للغاز الطبيعي، وإنتاج الكهرباء، موضحًا أن الإنجاز من قبل كوادر قطاع البترول المصري وتشجيع الجانب الإيطالي لإخراج المشروع العملاق لحفر سبعة آبار لحقل ظهر وإعداد تجهيز الآبار وخط الربط بالرصيف البحري بطول 203 كم واستقبال الغاز في الشبكة الأرضيّة في أقل من سنتين ونصف، جعل المردود العالمي لمصري إيجابيًا.

ولفت "القليوبي"، إلى أن مصر ستبدأ في تصدير الغاز الطبيعي بداية من شهر كانون الثاني /يناير المقبل، بينما ستوقف واردات الغاز بشهر تشرين الأول/ أكتوبر، وبذلك فإن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي بحلول عام، كما أن مصر تهدف إلى أن تكون مركز إقليمي لتجارة الغاز المسال، وذلك بعد سلسلة من الاكتشافات الرئيسية في السنوات الأخيرة بما في ذلك حقل غاز ظهر البحري العملاق.

إعادة تصدير الغاز

ويُذكر أن وزير البترول المهندس طارق الملا، أعلن في وقت سابق، أن مصر مستعدة لإعادة تصدير الغاز المسال في يناير المقبل، بعدما اضطرت لاستيراد الغاز المسال من الأسواق العالمية لمدة 7 سنوات لسد العجز المحلي،

وأضاف "الملا"، أن السياسة المصرية تعطي الأولوية للطلب في السوق الداخلية، بدلاً من التصدير، ولم يتم تحديد رقم معين لحجم الصادرات، ما يعني واقعياً أن مصر ستعتمد على استيراد الغاز في المستقبل المنظور للاستمرار في إعادة تصديره.