سعد الحريري وميشال عون ونبيه بري أثناء الاحتفال بذكرى الاستقلال الـ74 للبنان

كاد وصول رئيس الحكومة سعد الحريري أن يسرق الأضواء خلال إحياء لبنان الذكرى الـ74 للاستقلال، وكانت الأنظار شاخصة إلى عقارب الساعة لتتوقف عند التاسعة إلا عشر دقائق حيث وصل الحريري وصافح وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزف عون، ومن ثم توجه إلى المنصة الرئيسية مصافحاً ومعانقاً عدداً من المسؤولين خلال العرض العسكري على جادة الوزان، الذي أقيم لإحياء عيد الاستقلال وترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث كان الاحتفال الوطني الكبير الذي أقامته قيادة الجيش اللبناني، وهو الاحتفال الثاني بعد انقطاع لعامين في 2015 و2014 بسبب الفراغ في سدة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في أيار/مايو عام 2014 نتيجة الشغور الرئاسي.

وقد حدث ما لم يكن متوقعا، حيث قال رئيس الجمهورية ميشال عون في رسالة الاستقلال إن "الأزمة عبرت لكن الاستقالة لم تكن عابرة"، ووجدت تفسيرها اليوم مع "تريث" الرئيس سعد الحريري في استقالته وحكومته. وبذلك تكون المساعي الديبلوماسية التي دخلت أكثر من دولة على خطها، حمت لبنان من أزمة مفتوحة، وجنبت المنطقة خضة جديدة. ولعل الولايات المتحدة الأميركية، وفق مصادر صحافية في واشنطن، عبرت عن رغبتها في المحافظة على الاستقرار في لبنان، وأيدها الامين العام للأمم المتحدة الذي أبدى قلقا كبيرا من التقارير التي رفعت إليه من ممثله في بيروت.

و"التريث" يشبه العودة عن الاستقالة، ولو مؤقتا إلى حين، في انتظار استكمال المساعي العربية والدولية، وإعطاء فرصة إضافية للداخل، وخصوصا للرئيس ميشال عون الذي كثف اتصالاته ومشاوراته الداخلية والتي أثمرت مواقف متقدمة نوعا ما من "حزب الله" تجاه الحرب اليمنية، والعراقية، ولاحقا السورية.

وقد تحققت للحريري عودتان في يوم واحد، إذ عاد إلى بيروت بعد غياب مشوب بالغموض استمر نحو ثلاثة أسابيع، وعاد عن استقالة اعتبرها البعض نهائية ولا عودة عنها، بعدما فسرها كثيرون خارجة عن إرادته، وتمثل إرادة سعودية، لا يمكن معها التفاوض، أو إبداء أي ليونة.
 
وقد فاجأ الرئيس الحريري الرأي العام المحلي والدولي بإعلانه التريث في الاستقالة، بعد خلوة عقدها مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري في بعبدا، ويمكن اعتبار النتيجة نجاحا للديبلوماسية التي انتهجها لبنان، وخصوصا لرفضها من رئيس الجمهورية وفتح المجال لدراسة أسبابها ومحاولة معالجتها.

وبعد الخلوة وقبيل حفل الاستقبال صرح الحريري: "في هذا اليوم الذي نجتمع فيه على الولاء للبنان واستقلاله كانت مناسبة لشكر الرئيس على عاطفته النبيلة وعلى حرصه الشديد على الوحدة الوطنية ورفضه الخروج عنها تحت أي ظرف من الظروف. واتوجه من رئاسة الجمهورية بتحية تقدير وامتنان إلى جميع اللبنانيين الذين غمروني بمحبتهم وصدق عاطفتهم، وأؤكد التزامي التام التعاون مع الرئيس لمواصلة مسيرة النهوص بلبنان وحمايته من الحروب والحرائق وتداعياتها على كل الصعد، وأخص بالشكر الرئيس نبيه بري الذي أظهر حكمة وتمسكا بالدستور والاستقرار في لبنان وعاطفة صادقة تجاهي شخصيا.

وأضاف "عرضت استقالتي على  الرئيس الذي تمنى عليّ التريث في تقديمها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها فأبديت تجاوبا مع هذا التمني، أملا في ان يشكل حوارا فيعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب. إن وطننا يحتاج في هذه المرحلة من حياتنا إلى جهود استثنائية من الجميع لتحصينه في مواجهة المخاصر، لذلك علينا الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن النزاعات الاقليمية وعن كل ما يسيء إلى العلاقات مع الأشقاء العرب".

وحضر الحفل إلى جانب رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس الحريري، ورؤساء الجمهورية والحكومة السابقون، والرئيس حسين الحسيني، ووزراء ونواب حاليون وسابقون وممثلو المقامات الروحية، وممثلو البعثات الدبلوماسية المعتمدون في لبنان، وممثلو الجسم القضائي، وممثلو الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، وممثلو الهيئات الاقتصادية والاجتماعية والنقابية والأهلية وقادة الاجهزة الأمنية وكبار الضباط والمدعوين.

وقائع الاحتفال

وعند الساعة التاسعة وخمس دقائق اكتمل وصول المدعوين، تلاه وصول علم الجيش. ووصل توالياً رئيس الأركان في الجيش اللبناني اللواء الركن حاتم ملاك، قائد الجيش العماد عون ووصل الوزير الصراف. ولدى وصول الرؤساء عزفت لهم الموسيقى وأديت لهم التحية وأخذوا مكانهم على المنصة.

وكان في استقبال الرئيس عون وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الاركان، وعزفت له الموسيقى لحن التعظيم والنشيد الوطني اللبناني، وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيباً، ثم توجه إلى النصب التذكاري لضريح الجندي المجهول حيث وضع اكليلاً من الزهر وعزفت الموسيقى معزوفة تكريم الموتى ولازمة النشيد الوطني ولازمة نشيد الشهداء. وبعدما حيا علم الجيش، صعد ووزير الدفاع سيارة جيب عسكري مكشوف وخلفهما قائد الجيش مستقلاً سيارة مكشوفة، واستعرض الوحدات المشاركة، ثم حيا المشاركين في الاحتفال واخذ رئيس الجمهورية مكانه على المنصة إيذاناً ببدء العرض العسكري. وخلال العرض العسكري شاركت طائرات "السوبر توكانو" للمرة الاولى، والتي قدمتها واشنطن للجيش .

العرض العسكري 

وافتتح العرض العسكري بتشكيل من الطوافات العسكرية التي حملت الأعلام اللبنانية وعلم الجيش فوق مكان الاحتفال، ثم أعطى قائد العرض الأمر ببدء العرض حيث استعرضت الفرق العسكرية بالتزامن مع إطلاق آلاف البالونات التي حملت ألوان العلم اللبناني. وفي ختام العرض توجه الرؤساء الثلاثة إلى القصر الجمهوري لتقبل التهاني بعيد الاستقلال.