مسجد الروضة في العريش

فقد رئيس الوحدة المحلية في قرية الروضة، عيد شريفات، 17 من عائلته دفعة واحدة في الهجوم المتطرّف، الجمعة الماضي، والذي راح ضحيته أكثر من 305 أشخاص وجرح العشرات في العريش المصرية، حيث كشف عن تفاصيل اليوم المؤلم الذي عاشه والذي وصفه بـ"الجحيم"، عندما كان يجلس في الصف قبل الأخير داخل المسجد بين أهله وجيرانه، يستمع إلى الخطبة بانتباه شديد والتي تحكي عن النبي محمد، موضحًا أنّه "لم يكن يعلم أن هناك بركاناً من النيران سيتدفق عليهم كالمطر لسلب أرواحهم بشكل عشوائي، بفضل رصاص طائش لم يفرّق بين طفل وشيخ، ليجد نفسه منتفضاً من مكانه لا إرادياً نحو أقرب شباك للمسجد، كي ينجو من الموت المؤكد".

وأوضح شريفات في مقابلة خاصّة مع "مصر اليوم"، أنّه لم يجد أمامه خياراً سوى الصعود لأعلى المسجد عن طريق المئذنة ومعه طفلان تتبّعا سيره ليقفز أرضاً منكسر الساق، ظناً منهم أنهم سيفجّرون المسجد ككل، مشيرًا إلى أن اللحظات الصعبة التي مرت أمام عينيه أنسته إصابته التي مني بها، ليهرول نحو المصابين لمساعدتهم وإسعافهم"، مضيفًا أنّه "لم أستطع حمل أيّ أحد، لكن يادوب أتصل على عربيات تيجي تنقلهم إلى أقرب مستشفى، ولكن صدمت حين فوجئت بـ 17 شخصًا من عائلتي وسط الشهداء فقدتهم دفعةً واحدة، وهم شقيقي وأبناء إخوتي 14 ومن أولاد عمي اثنان، وأبناء أختي، بجانب عدد كبير من المصابين"، وتابع: "مفيش حد مات أو اتصاب ما أكلتش معاه عيش وملح حتى لو مش قرايب، تمنيت الموت مثلهم حتى لا أعيش بهذه المأساة طوال حياتي المتبقية".

ولفت إلى أنه نُقل في سيارة إسعاف إلى مستشفى جامعة قناة السويس في الإسماعيلية، جلس ينتظر دوره في العمليات، لكن العدد كان أكبر من الإمكانيات المتاحة، ليتبرع طبيب بإجراء العملية له في عيادته الخاصة متحمّلاً تكاليف العلاج: موضحاً: "حينما عرف الطبيب إنهم أجّلوا العملية لأسبوع كمان قال لي تعالى هعملهالك، ومخدش ولا مليم"، وأكد على عدم رغبته في العودة مرة أخرى إلى قريته وهي تفوح برائحة الدماء، متخيلاً حالها الذي تبدل ليتحول لسرادق عزاء يكسوه اللون الأسود والدموع، منوّهًا إلى أنّه "متخيل شكل النساء وهي مترملة والأطفال ده لو لسّه فيها أطفال بعد اللي ماتوا وهمّا بيعيطوا على أهاليهم، مش عايز أرجع"، ويوضح أن اتصالاته للاطمئنان على أهله وأصدقائه في كل مكان يتلقون فيه العلاج لم تتوقف، وأنه بالنسبة لهم حالته أفضل بكثير وقادر على التحرك حتى لو على عكاز.