الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وونظيره السوداني عمر البشير

 تسبب قرار الحكومة السودانية بتسليم جزيرة سواكن لتركيا الإثنين الماضي، في إثارة ردود فعل سلبية من قبل العديد من الخبراء المصريين خاصة في ظل تخوف البعض من خطورة الأمر على الأمن القومي، بينما يري البعض الآخر أن السودان يحاول استفزاز مصر.

وقال الكاتب عطية عيسوي والمتخصص في الشؤون الأفريقية، إنه لا يعترض على أن يعزز السودان علاقاته مع مَن يشاء أو أن يؤجِّر جزءًا من أراضيه أو حتى يبيعها لمن يريد فهذه مسألة سيادية طالما لا تلحق ضرراً بجيرانه أو أشقائه،

وأضاف خلال مقالة في الأهرام :" الاعتراض على تحويل جزيرة سواكن الاستراتيجية بالبحر الأحمر إلى قاعدة عسكرية تركية تهدد الأمن القومي العربي خاصةً الأمن المصري والسعودي في ضوء تحالف تركيا مع قطر ضد السعودية والإمارات والبحرين ومصر فضلاً عن أن سودانيين كثيرين اعتبروا تسليم الجزيرة لأنقرة بطلب من اردوغان لتديرها لفترة زمنية غير محددة بمثابة عودة للاطماع التركية حيث لم ينسوا المجازر التى ارتكبها العثمانيون ضد أجدادهم خلال احتلالها منذ غزاها السلطان سليم الأول فى القرن السادس عشر.".

 وتابع:"  تركيا زعمت أن الهدف هو تأمين أمن البحر الأحمر لكن قول اردوغان عقب التوقيع على 12 اتفاقية خلال زيارته الخرطوم الأسبوع الماضى من بينها تعاون عسكري استراتيجي إن هناك ملحقاً لاتفاقية حق استغلال جزء من ميناء سواكن لن يتحدث عنه الآن،أثار الريبة والمخاوف فى الداخل السودانى ودول الجوار.وعزز المخاوف قول وزير الخارجية السودانى إبراهيم غندور:وقَّعنا على اتفاقية يمكن أن ينجم عنها أى نوع من التعاون العسكرى وهو ما يمكن تفسيره بموافقة الخرطوم على قاعدة عسكرية تركية أوتحالف عسكرى بين البلدين أوبينهما وبين قطر التى شارك رئيس أركان جيشها مع رئيسى أركان الجيشين السودانى والتركى على هامش الزيارة فى خطوة غريبة ومثيرة للقلق.

وقالت السفارة السودانية في السعودية إنه لا دخل لذلك بالخلاف السوداني المصري بشأن حلايب وشلاتين. وقال المسؤول الإعلامي بالسفارة السودانية المعتز أحمد إبراهيم، في بيان، إن "سواكن في حضن السودان وليس أي جهة أخرى"، وذلك ردا على تقرير لصحيفة "عكاظ" السعودية بعنوان "سواكن السودان في حضن أردوغان"، في إشارة إلى الاتفاق الذي جرى توقيعه خلال زيارة الرئيس التركي للخرطوم.

وأضاف إبراهيم أن "أول ما يجب الإشارة إليه هو أن المادة المنشورة وبالصياغة التي وردت تمثل إساءة واضحة للسودان ولسيادته ولحقه الطبيعي كدولة ذات سيادة في إنشاء العلاقات مع مختلف دول العالم بشكل سلمي وبما يحقق المنفعة والمصلحة له ولشعبه ودون مساس بالأمن الوطني العربي الذي يمثل الحرص عليه مرتكزا أساسيا في بناء السودان لعلاقاته الخارجية".

ويري السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن من القرار المفاجئ للرئيس السوداني عمر البشير"ليس ذا قيمة كبيرة؛ لأن الجزيرة عليها أثار من أيام الدولة العثمانية وكانت مهملة والمباني الأثرية على وشك الانهيار.  وأضاف العرابي، في تصريحات له، أن جزيرة سواكن كانت وقت الحكم العثماني تابعة لحكومة الحجاز ويحكمها حاكم مصري معين من حكومة الحجاز اسمه "الشناوي"، وهذه الجزيرة لا تصلح كقاعدة عسكرية برغم موقعها الاستراتيجي في البحر الأحمر.

وأكد السفير محمد الشاذلي سفير مصر الأسبق في السودان، أن السلطات السودانية تحاول الضغط على مصر من أجل ضالحصول علي حلايب وشلاتين، مشيرًا إلى أن مصر لن تترك جزءًا من أرضها حماية لأمنها القومي . وقال إن اثارة موضوع تيران وصنافير قبل تسليمها لجزيرة سواكن لتركيا أثار العديد من علامات الاستفهام .

يذكر أن سواكن سودانية على البحر الأحمر عبارة عن ميناء وجزيرة وتبعد عن العاصمة الخرطوم 560 كيلومترا ومساحتها 20 كيلومترا مربعا وترتفع عن سطح البحر 66 متراوكان ، يطلق في البداية على الجزيرة فقط وتوسع ليشمل مدينة سواكن الحالية، وتعتبر حاليا الميناء الثاني في السودان.

تتمتع هذه المدينة بأهمية استراتيجية فهو أقرب موانئ السودان لميناء جدة السعودي، واستخدمها الحجاج الأفارقة قديما في طريقهم لمكة

ووفقا لتقرير نشره "بي بي سي"، فان سواكن بلدة قديمة شهدت حضارات عديدة ومر بها المصريون القدماء في طريقهم لبلاد بنط كما دخلها اليونانيون. ورد اسم سواكن في مؤلفات الرحالة العرب مثل ابن بطوطة كما أنها كانت طريق هروب العديد من أمراء بني أمية من العباسيين.  غزاها السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر، وخلال الحكم العثماني كانت تابعة لولاية الحجاز، ثم مقرا لحاكم ولاية الحبشة العثمانية التي تشمل مدينتي حرقيقو ومصوع في إريتريا الحالية، ورفض العثمانيون تبعيتها لمحمد علي باشا والي مصر وأجروها له مقابل مبلغ سنوي ثم تنازلوا عنها بعد هزيمة الثورة المهدية أنشأ البريطانيون ميناء بور سودان بديلا لسواكن لانها في رايهم لم تكن صالحه لاستقبال السفن الكبيره.