صنعاء ـ عبدالغني يحيى
أكّد تحالف دعم الشرعية في اليمن استمرار العمليات القتالية في محافظتي صعدة والحديدة اللتين شهدتا تطورات ميدانية بارزة، ووقوع خسائر كبيرة في صفوف الميليشيات الحوثية في عقبة مران، وأعلن التحالف عن استهداف 41 عنصرا من الميليشيات، وتدمير عرباتهم ومعداتهم، موضحا أن من بين القتلى 8 من عناصر ميليشيات "حزب الله اللبناني" هم قائد و7 مسلحين.
وخاضت قوات الجيش الوطني معارك عنيفة مع ميليشيات الحوثي في عدد من أحياء مدينة الحديدة، واقترب الجيش من وسطها في أكبر هجوم منذ بدء انطلاق عملية التحرير، وقالت مصادر عسكرية إن معارك ضارية تدور قرب جامعة الحديدة على بعد نحو ثلاثة كيلومترات غربي وسط المدينة على الطريق الساحلي الذي يربط المطار بالميناء.
وبحسب المصادر فإن الميليشيات تنشر قوات إضافية في المدينة، وتواصل استحداث السواتر الترابية في شارع الربصة، بالقرب من جامعة الحديدة، فيما تركزت المواجهات في الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة الحديدة، في حين شهد المحور الشرقي لمطار الحديدة قصفا متبادلا بين المقاومة والميليشيات المسلحة.
وفي محاولة لتعزيز صفوفها في الحديدة، نهبت ميليشيات الحوثي الحواجز الخرسانية في محيط السفارات الأجنبية في صنعاء، ونقلتها إلى الحديدة لاستخدامها متاريس هناك، وأكدت مصادر محلية أن أكثر من 30 شاحنة وصلت إلى الحديدة محملة بالقطع الخرسانية المنهوبة، حيث بدأت ميليشيات الحوثي الإيرانية بوضعها في الشوارع والتمترس خلفها.
وفي وقت سابق، شدّد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس الأحد، على استكمال ترتيبات الإغاثة الإنسانية لسكان الحديدة، وتوفير الخدمات وصرف رواتب الموظفين، وذلك قبيل الاستئناف المرتقب لمعركة تحرير المدينة الساحلية ومينائها من قبضة الميليشيات الحوثية، التي تواصل تعزيز تحصيناتها بقطع الشوارع الرئيسية وحفر الخنادق ونشر مدفعيتها وعناصرها وسط الأحياء السكنية استعدادا للمواجهة الفاصلة.
وضاعفت الجماعة من عمليات البطش وترويع السكان واستقطابهم للقتال في صفها بالترغيب والترهيب، في الوقت الذي تحاول الجماعة الحوثية الاستثمار في الورقة الإنسانية لدى المنظمات الدولية، أملًا في تدخلها لوقف عملية تحرير الحديدة، كما أدت عمليات حفرها للخنادق إلى قطع إمدادات المياه عن أكثر أحياء المدينة.
وأفادت مصادر حزبية بأن الميليشيات الحوثية قامت باعتقال محافظها في الحديدة حسن الهيج، قبل نحو 10 أيام ووضعته تحت الإقامة الإجبارية في إحدى الثكنات العسكرية، على إثر شكوك ساورتها في قيامه باتصالات مع قيادات الشرعية للقفز من مركبها الآيل للغرق، وذكرت المصادر أن آخر ظهور للهيج كان صبيحة عيد الفطر المبارك، مع محافظي الميليشيات في حجة والمحويت وريمة، أثناء صلاة العيد قبل أن يختفي عن الأنظار، في حين أوكلت الجماعة بعض مهامه لنائبه علي القوزي، بينما منحت كافة صلاحياته لمشرفها العام في المحافظة المدعو أبو علي.
وأفادت المصادر الرسمية بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي، عقد في العاصمة المؤقتة عدن أمس اجتماعا للقيادات التنفيذية والأمنية بمحافظة الحديدة بحضور المحافظ الحسن طاهر ووكيل المحافظة وليد القديمي ومدير الأمن منير سليمان ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح ووزير المياه والبيئة الدكتور عزي شريم ووزير الصحة العامة والسكان الدكتور ناصر باعوم ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال.
وتناول الاجتماع "النجاحات والانتصارات المتوالية التي يسطرها الجيش الوطني المقاومة الشعبية بدعم وإسناد من دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة فاعلة من الإمارات لتحرير الحديدة الذي بات وشيكا"، حسبما أوردته وكالة "سبأ".
وشدّد هادي في حين ركز الاجتماع على أهمية استكمال الترتيبات لأعمال الإغاثة الإنسانية في الحديدة، قبيل استئناف عملية التحرير المتوقفة على الأبواب الجنوبية لأحياء المدينة، بعد استعادة المطار، على أهمية بذل الجهود المضاعفة من قبل قيادة المحافظة ومديري الخدمات الأساسية وبدعم ومتابعة وإشراف من الوزراء المختصين لتقديم الدعم اللازم لأبناء المحافظة على المستوى الميداني واللوجيستي والإغاثي والصحي وغيرها وأمر بصرف رواتب الموظفين، كما أثنى الرئيس اليمني على الدعم السعودي والإماراتي المقدم على المستوى الإغاثي والإنساني، في حين قدم المحافظ الحسن طاهر، والمسؤولون المحليون، إيجازًا عن أوضاع المحافظة واحتياجاتها الراهنة والمستقبلية على مستوى تطبيع الحياة وتلبية الاحتياجات العاجلة لأبنائها.كما قدم الوزراء المعنيون ملخصا عن أوجه نشاطهم لدعم الحديدة على طريق تطهيرها كاملة، حيث أشار وزير الإدارة المحلية إلى الجهود المبذولة لتأمين الإغاثة والإيواء لكافة مناطق الساحل الغربي بدعم من مركز الملك سلمان ودولة الإمارات والمنظمات الدولية، وقال "إن الأمور تسير بكفاءة وسلاسة دون أي عوائق أو منغصات تذكر".
من جانبه، أشار وزير الصحة إلى بعض الخطوات التي تم القيام بها في القطاع الصحي لمصلحة الحديدة ومنها نقل مستشفى ميداني بسعة خمسين سريرا للساحل الغربي مع عدد من سيارات الإسعاف بطواقمها إضافة إلى جملة من حاويات الأدوية والمستلزمات الطبية من المعونات الصينية والهندية.وأشار وزيرا المياه والشؤون الاجتماعية والعمل إلى جملة من التدابير لتأمين استمرار وتوفير الخدمات الأساسية من المياه والخيام؛ فيما يتوقع أن تصل إلى عدن طائرتان من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تحمل مواد إغاثية متنوعة.
وكانت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أفادت بأن قوافل مساعدات غذائية وطبية وصلت إلى مديرية المخا غرب محافظة تعز، مقدمة من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي إلى سكان محافظة الحديدة. وبحسب الوكالة تضم قوافل المساعدات 100 شاحنة محملة بعشرات الآلاف من أطنان المواد الغذائية والطبية المخصصة لـ1.7 مليون مواطن في الحديدة والمناطق المحيطة بها وذلك ضمن خطة شاملة وواسعة النطاق وضعها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة بما يسهم في استقرار الوضع الإنساني الراهن في محافظة الحديدة.
وقامت الميليشيات الحوثية أمس، بإغلاق كافة الطرق المؤدية إلى ميناء الحديدة بالكتل الخرسانية، كما عزلت الأحياء الجنوبية للمدينة، بإقامة الحواجز الترابية، غداة سماع مناوشات محدودة وأصوات انفجارات يرجح أنها لقصف جوي استهدف مواقع الميليشيات على طريق الميناء، وشمالي المطار، فيما ونجح السكان في حي غليل الشعبي الواقع جنوبي المدينة، في إجبار الجماعة على نقل مدفعيتها التي نصبتها وسط الحي لقصف المطار.
وقال شهود إن الجماعة رضخت لاحتجاج سكان الحي لكنها واصلت نشر آلياتها الثقيلة ودباباتها في أحياء شارع التسعين وعند أطراف حي الربصة وفي شارع المطار وجوار حديقة الشعب وجوار مقبرة الشهداء وجميعها مناطق سكنية وشوارع رئيسية".وأكدت مصادر طبية وحقوقية في المدينة، في سياق القمع والانتهاكات، أن عناصر الميليشيات قتلوا بدم بارد شابا في الأحياء الجنوبية يدعى عامر محمد ثابت، رفض تسليمهم هاتفه المحمول للتفتيش، في حين أدت أعمال حفر الخنادق، طبقا للسكان، لقطع المياه عن أغلب مناطق المدينة، في مسعى – كما يبدو - من قبل الجماعة لمضاعفة الأوضاع الإنسانية والمزايدة بها لدى المنظمات الدولية.وكثفت الميليشيات، بحسب شهود، من نشر نقاط التفتيش في شوارع المدينة وعند مداخلها، مع استمرارها في عمليات دهم المنازل واختطاف المناهضين لها، في الوقت الذي استحدثت نقاطا أمنية على طريق الحديدة المتجه إلى صنعاء، في مناطق باجل وخميس بني سعد وباب الناقة، للقبض على عناصرها الفارين من الجبهات.
ونهبت الميليشيات في وقت سابق مئات الحاويات من ميناء الحديدة، تضم سيارات مستوردة تعود ملكيتها لتجار، وقامت بتوزيع السيارات على عناصرها وعلى القيادات المحلية الموالية لها، من أجل استرضائهم للاستمرار في حشد المقاتلين.وأكد سكان في المدينة لـ"الشرق الأوسط" على صعيد المعارك، أن الحالة العامة تميل إلى الهدوء النسبي، في ظل ترقب لإطلاق معركة تحرير الميناء من قبل القوات الحكومية المسنودة بتحالف دعم الشرعية، ما عدا بعض القذائف الحوثية باتجاه المطار، مع سماع دوي انفجارات ضخمة يرجح أنها لقصف جوي يستهدف مواقع للميليشيات.وكان المتحدث باسم المقاومة الوطنية، العقيد الركن صادق دويد أكد في وقت سابق أن قوات الجيش والمقاومة المشتركة تسير وفق الخطة المرسومة لتحرير مدينة الحديدة، مع مراعاة حياة المدنيين والتي تحاول الميليشيات الحوثية استخدامهم دروعًا بشرية.
وقال دويد في تصريحات رسمية "إن العمليات العسكرية لتحرير الحديدة لن تتوقف إلا في صعدة (معقل الميليشيات الحوثية) وبعد تطهير كل شبر في أرض الوطن مع كل القوى الوطنية الحرة".وأضاف "إن تحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي مسألة محسومة وهي مسألة وقت"، إذ أن العمليات العسكرية، حسب قوله: "تمضي بخطة مزمنة ومدروسة وبما يجنب المدنيين أي خسائر في صفوفهم حيث إن الميليشيات الحوثية قد حولتهم إلى دروع بشرية، وألوية العمالقة المكلفة بالجبهة المتقدمة داخل الحديدة تدرك ذلك".وكشف العقيد دويد أن "ألوية العمالقة تتولى الجبهة المتقدمة داخل الحديدة في حين تتولى المقاومة الوطنية والألوية التهامية تأمين الخط الساحلي الممتد نحو 100 كيلومتر من مدينة الخوخة جنوبًا إلى داخل مطار الحديدة، كما تتولى وبمشاركة وحدات من العمالقة تمشيط أوكار الميليشيات الحوثية بين المزارع جنوب التحيتا وبيت الفقيه".