إيمانويل ماكرون وتيريزا ماي

وقع إيمانويل ماكرون وتيريزا ماي، أمس، معاهدة جديدة حول بشأن الهجرة بين فرنسا وبريطانيا، وذلك خلال القمة الفرنسية - البريطانية الخامسة والثلاثين في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهورست قرب لندن، وأورد بيان صدر إثر الاجتماع بين الرئيس الفرنسي ورئيسة الوزراء البريطانية أن المعاهدة الجديدة تهدف إلى “تعزيز الإدارة المشتركة لحدودنا المشتركة مع تحسين معاملة القاصرين الذين لا يرافقهم طالبو لجوء”، وفي هذه القمة الثنائية الأولى منذ التصويت على بريكست، سعت لندن إلى تعزيز العلاقات مع باريس، الأمر الذي انعكس فيما أعلنته الحكومة البريطانية قبل بضع ساعات من وصول الرئيس الفرنسي، وفي هذا السياق، أعلنت رئاسة الوزراء نيتها زيادة مساهمتها المالية في مراقبة الحدود في مدينة كاليه بواقع 44.5 مليون جنيه إسترليني (50.5 مليون يورو)، وذلك تجاوبا مع مطلب باريس.

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن “هذا المال يجب أن يستثمر في تحسين الأمن على الحدود”، مضيفا: “كما نستثمر على حدودنا في بقية أنحاء بريطانيا، من الطبيعي أن يكون هناك مراقبة دائمة إذا كنا قادرين على تعزيز عمليات المراقبة في فرنسا وبلجيكا”، وبموجب اتفاقات “توكيه” السارية منذ عام 2004، تم تحديد الحدود البريطانية على الساحل الفرنسي حيث تقوم قوات الأمن البريطانية بعمليات تدقيق، وأوضح الإليزيه أن القمة ستتيح توقيع “معاهدة جديدة تكمل اتفاقات توكيه”.

وأعلنت دوائر ماي أيضا إرسال ثلاث مروحيات نقل من طراز “شينوك” إلى منطقة الساحل دعما للقوات الفرنسية، إضافة إلى طواقم غير مقاتلة، ووصف مصدر قريب من الوفد الفرنسي هذه المساهمة بأنها “ملائمة”، خصوصا أن الجيش الفرنسي يفتقر إلى إمكانات على هذا الصعيد، وقالت تيريزا ماي قبل انطلاق القمة إن “المحادثات التي سنجريها اليوم (أمس) تظهر أن علاقة متينة بين بلدينا تصب في مصلحة بريطانيا وفرنسا وأوروبا”، مكررة أن “هذه القمة تعقد فيما تستعد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن هذا لا يعني أنها تخرج من أوروبا”.

وشددت رئيسة الوزراء البريطانية على هذه النقطة في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون، لافتة إلى أنها تعتقد أن لندن ستظل مركزا ماليا عالميا رئيسيا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأوضحت ماي، أنّه “أظن أن (سيتي أوف لندن) ستظل مركزا ماليا عالميا رئيسيا، تلك مزية ليست فقط في مصلحة بريطانيا، إنها في الواقع في مصلحة أوروبا وفي مصلحة النظام المالي العالمي”، لكن ردود الفعل على هذه المواقف في بريطانيا جاءت متباينة سواء في الطبقة السياسية أو الصحافة، وسجلت انتقادات لما اعتبر تنازلات من جانب “داونينغ ستريت”، وكتبت صحيفة “دايلي ميل” في عددها ليوم أمس أن فرنسا تطلب 45 مليون جنيه إضافية للتصدي للمهاجرين في كاليه، وتعيرنا منسوجة “بايو” لعرضها في بريطانيا، في إشارة إلى قطعة نسيج الأثرية المعروفة باسم “نسيج بايو” التي يبلغ عمرها 950 عامًا والتي تعيرها فرنسا لبريطانيا.

ورحبت رئيسة الوزراء البريطانية بموافقة فرنسا على إعارة قطعة النسيج الأثرية حتى عام 2022، ووصفتها بأنها “جزء ثمين من تاريخنا المشترك”، وقالت ماي في المؤتمر الصحافي المشترك إن الإعارة “ستعني وجودها لأول مرة على الأراضي البريطانية منذ أكثر من 900 عام”، وأضافت: “إن إعارة النسيج ستكون جزءا من التبادل الثقافي الأوسع بين بريطانيا وفرنسا خلال السنوات الأربع المقبلة”، وتصور قطعة النسيج التي تبلغ مساحتها 70 مترا مربعا الأحداث التي أدت إلى معركة هاستينغز على الساحل الإنجليزي عام 1066 وغزو إنجلترا على يد الملك ويليام الأول، أو ويليام الفاتح، ويذكر أن أصول قطعة النسيج الأثرية ما زالت غير معروفة، ويعتقد بعض الباحثين أن تاريخها يعود إلى القرن الحادي عشر الميلادي، لكن أول تاريخ مكتوب لها يعود إلى عام 1476، كما أوردت وكالة الأنباء الألمانية، وكانت بريطانيا قد استنسخت نسخة من هذه المنسوجة في أواخر القرن التاسع عشر، وعرضتها في متحف القراءة بالقرب من لندن.

واعتبرت صحيفة “دايلي تلغراف” أن “عرض إيمانويل ماكرون إعارة هذه المنسوجة للمملكة المتحدة ينطوي على خبث فرنسي”، مضيفة: “ليس أفضل من تذكير رئيسة الوزراء بما حصل في المرة الأخيرة التي بدت فيها بلادها عاجزة عن مواجهة الغزاة”، وفي موازاة القمة، عقد ممثلون لخمسة أجهزة استخبارات في البلدين اجتماعا للمرة الأولى، وإذ تطرق إلى الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت أوروبا، أعلن متحدث باسم الحكومة البريطانية تعزيز أن “التعاون على صعيد الأمن والقضاء الجنائي” عبر تمديد الخطة التي وقعها البلدان في يونيو (حزيران) 2017 حول مراقبة الأنشطة الإرهابية الإلكترونية، والأكاديمية الملكية في ساندهورست التي تستضيف القمة هي مدرسة عسكرية معروفة، كان الأميران هاري وويليام من طلابها، وتأسست في العام 1947.