حكومة فرنسا الجديدة

كشف الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون النقاب عن حكومته الأولى، وهي مزيج غير مسبوق من شخصيات الأحزاب اليسارية واليمينية والوسطى، بمن فيهم وزير الاقتصاد اليميني الذي خدم سابقًا تحت قيادة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي. وذكرت مصادر فرنسية أن التشكيلة الجديدة ستمكن الرئيس ماكرون من خوض الانتخابات التشريعية المقبلة بثقة كاملة في تحقيق نجاح كبير.

وقد حفز تعيين ماكرون ادوارد فيليب من حزب "لو ريبوبليكينز" (الجمهوريين) اليميني رئيسًا للوزراء في الأسبوع الحالي، شخصيات أخرى للانضمام الى لحكومة من اليمين. وعين برونو لو ماير (48 عاما) وهو وزير الزراعة السابق ووزير الدولة لشؤون أوروبا فيلا حكومة ساركوزي، وزيرًا للاقتصاد في حكومة ماكرون، وهو نفس المنصب الذى كان يشغله ماكرون بنفسه. وسيعمل جيرالد دارمانين، وهو حليف آخر لساركوزي من اليمين، معه كمسؤول عن المالية العامة. كما عين شخصيات أخرى من اليسار والوسط في مناصب بارزة، من بينها جان إيف لو دريان، وهو أحد الاشتراكيين البارزين وكان وزيرا للدفاع في الحكومة الأخيرة في حكومة فرنسوا هولاند. وقد عين وزيرًا للخارجية.

ونفذ ماكرون وعده بتعيين نفس العدد من النساء مساواة بالرجال. ومع ذلك، فإن واحدة فقط من أهم خمسة مناصب في الحكومة -وهي وزارة الدفاع - ذهبت إلى امرأة، وهي سيلفي غولارد. وكان أحد أكبر انقلابات ماكرون تعيين شخصية بيئية وشخصية تلفزيونية سابقة، هي نيكولا هولوت، وزيرًا للبيئة - ثاني أهم منصب في الحكومة. وكان هولوت قد رفض في السابق عروض الرئيسين السابقين ساركوزي وهولند للعمل في الحكومة. واعتبر تعيينه خطوة من قبل ماكرون لإسكات الانتقاد من اليسار أنه لم يكن ملتزمًا بما فيه الكفاية لقضايا البيئة.
وقد تكثفت هذه الانتقادات بعد أن عين ماكرون فيليب - وهو عمدة يميني عمل في العملاق النووي الفرنسي، أريفا - رئيسا للوزراء. كما ستشمل وزارة هولوت "التضامن". وقالت سيسيل دوفلوت، الرئيسة السابقة للحزب الأخضر، أن هولوت يجب أن ينظر اليه الأن على انه "تأثير" في خط ماكرون على البيئة. وقال هولوت، الذي تولى المنصب "إننا نقود معركة العقول ... البيئة هي حجر الزاوية في كرامة الأنسان".

وعين فرنسوا بايرو رئيس حزب "موديم" الوسطي الذي تخلى عن طموحاته الرئاسية وحشد لماكرون خلال الحملة، وزيرًا للعدل، ورأى أن حزبه سيأخذ ثلاثة مناصب مهمة بما فيها غولار في الدفاع وعضو أخر في البرلمان الأوروبي، ماريل دي سارنيز، وزيرة للشؤون الأوروبية.

وتوجهت مناصب أخرى إلى رجال الدولة من كبار السن من الحزب الاشتراكي. وتجدر الإشارة الى ان جيرارد كولومب، عمدة ليون، الذي سيبلغ الـ 70 عاما هذا العام، وظل فى السياسة منذ اكثر من 40 عامًا، سيصبح وزيرًا للداخلية، وهو اكبر منصب في الحكومة مع مسئولية الشرطة ومكافحة الارهاب.

وضمت الحكومة الجديدة عدد من الوزراء ذوي الخبرة والعلاقات في أوروبا والشؤون الأوروبية. فعين ماكرون مجموعة من الأشخاص الذين لم يشاركوا قط في السياسة الحزبية. وكان من بينهم أغنس بوزين، وطبيب "الهيموتولوجيا" ورئيس السلطة الصحية السابق، كوزير للصحة والتضامن. وعين فرنسوا نيسن، رئيس دار نشر فرنسية، وزيرًا للثقافة.

ومن المتوقع ان يتم الإعلان عن قائمة الوزراء يوم الثلاثاء، بيد أن مكتب ماكرون قال انه تم التراجع عن الاعلان لمدة 24 ساعة حتى يمكن فحص سجلات الضرائب المقترحة للوزراء والتضارب المحتمل في المصالح. وتعرَّضت الحكومات الفرنسية السابقة لفضائح مالية ظهرت بعد تعيين الوزراء. وجاءت الفضيحة الأكثر ضررًا لضرب رئاسة هولاند عندما كشف الوزير الذي عينه لقيادة حملة ضد الاحتيال الضريبي جيروم كاهوزاك أنه خبأ سرا ثروته في الملاذات الضريبية في جميع أنحاء العالم. وقد حكم على كاهوزاك فيما بعد بالسجن ثلاث سنوات. ودفعت القضية هولاند إلى تعزيز التدابير المتعلقة بالفساد المالي والأخلاق والشفافية للأشخاص في المناصب العامة.