قال الناقد الدكتور زياد أبو لبن ان تجربة الشاعر سعد الدين شاهين الشعرية تعد تجربة ناضجة فنيا، وهي تقوم على قاموس شعري خاص به . وأضاف خلال الأمسية النقدية التي نظمها نادي أسرة القلم الثقافي في الزرقاء مساء أمس، ان شاهين يعمد الى توظيف التراث الديني والتاريخي والأسطوري توظيفا عميقا، يحيل الى دلالات شعرية في غاية الادهاش والروعة ، مبينا ان ذلك لا يأتي الا من شاعر طوع الشعر بلغة جميلة تثير في المتلقي مشاعر وأحاسيس وعواطف حيث تثري معجمه اللغوي بتراكيب شعرية مدهشة. وأوضح ان قصائد ديوانه الموسوم بــ (ديوان البشرى) تحمل ثيمة واحدة تصور مراحل الشتات الفلسطيني وتراجع الخطاب القومي السياسي الذي يحرك الشارع العربي، اذ عبر عن هذا الهم بألم وحسرة وحزن وأسف . وأضاف ان المرحلة الثانية لدى شاهين تمثلت بصدور ديوانه المعنون بــ (على دفتر الحلم) اذ تمثل تجربة عميقة ذات حس انساني جمعي يفترق عن ديوانه (ديوان البشرى) على الصعيد الفني وعلى الصعيد المضموني، فتجاوز مراحل الشعر المقيد بانفعالات الذات والمناسبات الوطنية . ولفت الى ان طبيعة الايقاع في بعض قصائد هذا الديوان تعبر بطريقة دقيقة وحساسة عن التوازن ما بين القول الغريزي أو الانفعالي للقصيدة والعلاقات الاجتماعية التي تحقق الانفعالات عن طريقها جماعيا، مشيرا الى ان مجمل القصائد تتسم بعمق التجربة والمعاناة وتحمل الهم الجمعي في اتساع الرؤية لتستشرف العالم بلغة متماسكة فنيا . ولفت الى ان قصائد ديوانه (مرتفعات الظل) تكشف الاعتناء الشديد باللغة واشتقاق المفردة في سياقاتها الشعرية، اضافة الى الايقاع الشعري الذي حافظ على وحدة التفعيلة مع عدم الدخول في فوضى الشعر وليس التجريب، مثلما تميزت بتوظيف الأسطورة ضمن قصص شعري درامي حققته قصيدة (نون) . وقال " ان شاهين يستخدم المونولوج في قصيدة نون بطريقة مؤثرة ويمزج بين هذا الصوت وصوت الرواية، فيحمل شعره سمة جديدة تكشف عن النص الأسطوري التوراتي الذي يحفز على ارتكاب المجازر بأبشع صورها، حيث تتدفق الصور الشعرية والمتولدة من بعضها حتى تستكمل مقاطعها الستة، اذ يؤكد الشاعر ان نون الفلسطيني يرفض التوطين ويأمل بعبور جسر العودة للوطن ، مشكلا النقيض لنون الصهيوني " . وبين ان قصائد ديوانه ( وحيدا سوى من قميص الأغاني ) تظهر تعدد نبرة الشاعر وتجربته وصوته الشعري، فهو ينحاز الى حقيقة وجدانية متصلة بحركة الحياة ويتحلل من الصورة النمطية الى ابتكار صورة حديثة مركبة، فيما تعد قصيدة ( وحيدا سوى من قميص الأغاني ) ملحمة الحلم الفلسطيني عبر متاهات العواصم العربية . وقرأ الشاعر شاهين خلال الأمسية التي أدارها القاص سعادة أبو عراق وحضرها جمع من الكتاب والشعراء والنقاد والمهتمين ، العديد من قصائده.