تتفاخر أركان وقرى مناطق المملكة المشاركة في المهرجان الوطني للتراث والثقافة " الجنادرية 29 " بمخزونها الثقافي وما توارثه أهاليها من عادات وتقاليد تمازجت في مجملها لتشكل هوية وطنية منسجمة على ثرى هذا الوطن المعطاء. ومع اتساع جغرافية المملكة برزت مكونات الأرث الثقافي والمكاني لكل منطقة ، إذ يرى الزائر للجنادرية تنوعًا للحرف والفنون وأساليب المعيشة وفقًا لبيئة ومناخ المكان . ففي منطقة الجوف استأثرت خيرات أرضها باهتمام الزوار فتجد الأقبال على زيت الزيتون الذي برز في مقدمة معروضاتها، فيما نال نبات السمح الذي يمر بعدة مراحل ليصبح دقيقًا ويضيف مذاقاً خاصاً عند تناوله مع التمر، لاسيما "حلوة الجوف". ومع الربابة وصوتها الذي ارتبط بحياة البادية يسامر ضيوف بيت الشعر الجوفي ، فما أن يحل الزائر حتى يجد الحفاوة وكرم الضيافة، في مشهد يبين جانبًا من حياة ابن البادية الذي توارثته الاجيال . أما في عسير فمعروضات العسل والخمير والحنيذ تجذب الزوار ، إلى جانب العرضة والقزوعي والخطوة كألعاب شعبية، يصيغها شدوًا قرع الدف والزير والزلفة لتنطق الألحان الجميلة والطروق المحببة لسامعها، التي كان للأرض سطوتها في ابتكاره وصناعته منذ قديم الزمان. وفي بيت المدينة المنورة الذي يسجل كل عام الأسبقية في استقطاب زوار المهرجان حسب إحصائيات إدارة المهرجان، يتفاخر بالمزمار والزفة والخبيتي والمجس كفنون شعبية اختصت بها، ويحضر المنتو واليغمش والفول والمطبق والسمبوسة وغيرها من الأكلات الشعبية المدينية التي تستوقف زوار الجناح. واستفادت قرية جازان التراثية من موقعها جنوب غرب المملكة لتجمع بين ثقافة جبال السروات بجانب البحر الأحمر، وهو الذي منحها التنوع والتعدد على مستوى الفنون والأكلات الشعبية والحياة الاجتماعية، وربما لا يمكن لمن يسمع عن"المرسة" و"زيت السمسم" تلك الأكلات الشعبية الشهية، إلا أن يتبادر إلى ذهنه منطقة جازان، تلك المنطقة التي كان لحياة الجبل والسهل والشاطئ عامل في تميزها.