ان الحركة الاصلاحية في الهند بالقرن التاسع عشر قد استلهمت من الفكر الاسلامي. وفي هذه الحقبة فان رؤى غاندي وسلوكياته مؤشر على تواصله الوثيق مع المسلمين ودراسة القرآن والنصوص الاسلامية. وفيما يلي مقال للدكتورة "ريتا باغجي" استاذة فلسفة الاديان بكلية الدراسات الاسلامية بجامعة همدرد، نشر في مجلة "غاندي مارغ" (صدرت في يناير ومارس 2000). في نيودلهي: قالت فاطمة رادان، كاتبة واستاذة جامعة "بيام نور"، ان الحركة الاصلاحية في الهند بالقرن التاسع عشر مستلهمة من الفكر الاسلامي. لقد ساهم مهاتما غاندي مساهمة كبيرة في تجديد ثقافة حياة الشعب الهندي. وفي هذه الدورة فان رؤية غاندي وسلوكياته مؤشر على تواصله الوثيق مع المسلمين ودراسته القرآن والنصوص الاسلامية. لقد كان مهاتما غاندي زعيما قويا بالنسبة للشعب الهندي. ان المبدأ الاخلاقي "الحقيقة" كان مصدر الهام لجميع افكاره واعماله. لقد وجد ان المبدأ الاخلاقي "الحقيقة" يحظى بالقدسية في جميع الديانات وهذه القناعة قادته الى الاحترام والمصالحة مع جميع الاديان والمذاهب. وكما اشار القرآن الى الخلقة الموحدة للانسان، فان هذه العقيدة موجودة في "الفيدا" بان جميع البشر قد خلقوا بصوة متساوية ولا فرق بينهما. وكان غاندي يؤمن بان الله تعالى خالق جميع الاشياء التي نراها ونسمعها، فهو خالق جميع الامور والاشياء. ان معرفته بالاسلام جاءت نتيجة دراساته الكثيرة حول الاسلام والعيش مع المسلمين. وقال في معرض تبيانه للدين الاسلامي: "لقد عشت طوال حياتي مع المسلمين واكبر درس تعلمته من الاسلام هو المساواة والاخوة بين جميع ابناء البشر". ان الاهتمام والميل نحو الاسلام يعود الى معتقدات اسرة غاندي. ففي اسرته كان المسلمون يتمتعون بمكانة مرموقة. لقد ادرك ان حرصه على الاتحاد والوحدة في المجتمع نابع من فترة حداثته. لقد شهد في هذه الفترة التمييز الجماعي بين الهندوس والمسلمين. لقد كان يميل في حداثته بالقضاء على هذا التمييز، وكان والده يشجعه دائما على حفظ هذا الحرص. دراسة الادبيات و النصوص الاسلامية لقد درس مهاتما غاندي الادب الاسلامي بصورة كاملة. وكان هدفه تقديم صورة حقيقية عن الاسلام للشعب الهندي. لقد تعلم اللغة الاوردية عندما كان في سجن "يراودا" من اجل درك ثقافة المسلمين. وقرأ كتبا حول حياة النبي محمد (ص) والمسلمين الشجعان والاحاديث. وقرأ غاندي كتاب "روح الاسلام" لامير علي، ووجد هذا الكتاب ممتعا ومفيدا وقرر حينها ترجمته وتلخيصه ونشره في مجلة "ايندين اوبنيون" للقراء من كجرات. كما قرأ كتاب "تاريخ الاسلام" للكاتب الايطالي برنس تيانو. كما طالع مقدمة من محمد محمود علي حول القرآن والتصوف الاسلامي من نيكلسون و "حياة محمد وخلفائه" لمؤلفه واشنطن اروينغ و"القرآن وحياة النبي" لمؤلفيه شبلي النعماني وسليمان ندوي وترجمة للقرآن الكريم. وبناء على توصيات من اصدقائه في جنوب افريقيا، قرأ غاندي القرآن عدة مرات. وتأثر بحياة النبي محمد (ص) لدرجة انه نشر في مجلته موضوعا حول النبي. وكان مهتما بشرح وبيان القيم الاسلامية. ان نظرته الى النصوص الاسلامية ودراستها، كانت نقدية. لقد كان يريد الحصول على افضل كنز ثمين للمعرفة. ان نظرة غاندي الشاملة تجاه الاسلام والقرآن والنبي ظاهرة في جميع اعماله وكلماته. نظرة غاندي الى النبي محمد (ص لقد كان غاندي ينظر الى النبي محمد (ص) كنبي كبير. لقد درس حياة النبي عندما كان في سجن "يراودا". لقد قرأ موضوعا حول محمد النبي في كتاب "الشجعان وعبادة الرجل الشجاع" لـ توماس كارليل. ووجد في هذا الكتاب، محمدا النبي بانه انسان ثوري وروحاني كافحَ قوى الجهل والظلام واصبح قدوة للناس الصالحين في كل مكان. ومن وجهة نظر غاندي فان النبي محمد لم يكن مجرد زعيم ديني بل سياسي ومشرع وامير. وقد تأثر غاندي كثيرا بحياة النبي محمد عندما قرأ كتاب واشنطن اروينغ، لدرجه انه نشرها في مجلة "معتقدات الهنود". كما كان لكتاب "سيرة حياة محمد" لشبلي النعماني اثرا عميقا عليه. غاندي وايمانه بالقرآ لقد كان غاندي يحترم القرآن بوصفه كتابا سماويا والهيا. لقد اقتنع من خلال قراءة القرآن بان القرآن يشير الى "دليل" و"استدلال" خلقة الانسان. لذلك فان الاسلام قابل للفهم من وجهة نظره. وكان يؤمن بان المسلمين قبلوا القرآن لا لكونه روحانيا فحسب بل بسبب استدلاله القوي والبديع. لقد تأثر غاندي بآیات القرآن. وكان يقول بانه منجذب لصلابة معتقدات الاسلام وجلال الاسلام وروعته. فالاسلام يعني السلام، وهذا السلام ليس للمسملين وحدهم بل لجميع المجتمعات والعالم بأسره.