تتطلع وزارة الثقافة إلى بلورة نموذج تدبيري جديد للمهرجانات الفنية والثقافية التي تشرف على تنظيمها عبر مختلف جهات المملكة، يقطع مع النقائص التي تطبع عددا منها ويؤسس لمردودية ثقافية وسوسيو-اقتصادية أفضل لهذه التظاهرات. وأبرز الكاتب العام للوزارة، محمد لطفي المريني، اليوم الجمعة بالرباط، في ورقة تأطيرية للقاء دراسي حول المهرجانات، أن بلورة هذا النموذج تقتضي اعتماد برمجة مدققة للمهرجانات، وإرساء شراكات مع مختلف الفاعلين على أساس دفاتر تحملات مضبوطة وفسح المجال أمام تمثيلية مختلف التعبيرات الفنية الوطنية تفاديا للتهميش والنمطية. وأشار المريني إلى أهمية خلق شبكة بين المهرجانات التي تنظمها الوزارة وباقي التظاهرات الأخرى، من أجل الاستفادة من التجارب الناجحة، وضرورة إحداث نظام تقييمي للمهرجانات يسمح بتشخيص وقعها الاقتصادي والثقافي، فضلا عن تطوير آليات التواصل وإعطاء الأولوية للتراث الفني الوطني والاحتفاء بالمبدعين المغاربة. وأقرت الورقة التأطيرية للوزارة جملة من النقائص التي تعتري بعض المهرجانات التي تنظمها، من قبيل تمركزها في جهات دون أخرى، إذ في مقابل احتضان جهة مكناس تافيلالت مثلا لأربع مهرجانات ثمة خمس جهات لا ينظم فيها سوى مهرجان واحد، بل هناك ثلاث جهات لا تتوفر على أي مهرجان تحت إشراف الوزارة. وانتقدت الورقة أيضا عدم تناسق المضمون الثقافي لبعض المهرجانات وتكريس النمطية في البرمجة وتداخل فترات التنظيم بينها بالإضافة إلى إخلال جهات شريكة بالتزاماتها، ما يؤثر على جودة عدد من التظاهرات الفنية والثقافية. يذكر أن وزارة الثقافة تنظم 24 مهرجانا عبر مختلف جهات المملكة، تتوزع بين 16 مهرجانا تراثيا وأربع مهرجانات دولية (مهرجان وليلي، ثقافات الواحات في فكيك، مهرجان العود بتطوان ومهرجان مسرح الطفل بتازة) وأربع أخرى تحتفي بالإنتاج الفني الوطني في المسرح وفنون الشارع والشعر والزجل. وتراهن الوزارة على هذا اللقاء الذي يحضره مدراء المهرجانات لإفراز توصيات تفضي إلى وضع نموذج المنظور الجديد الذي ينبغي اعتماده من قبل المشرفين على تدبير هذه المهرجانات، وذلك من خلال تقديم ثلاث تجارب نموذجية (مهرجان أحيدوس بعين اللوح ومهرجان فنون الشارع بفاس ومهرجان العيطة بآسفي)، وتعميق الاستفادة من التجربة والطرق الحديثة المعتمدة في تدبير بعض المهرجانات الثقافية التي بصمت على حضور متميز ضمن المشهد الثقافي الوطني وتحظى بدعم من القطاع الخاص ومؤسسات عمومية (مهرجان فاس الموسيقى العالمية العريقة، مهرجان البولفار بالدار البيضاء، مهرجان تيمتار بأكادير). وينتظر أن يتيح هذا اللقاء بالتحديد التعرف على طرق التدبير المعتمدة، وكذا الآثار الاقتصادية والثقافية لهذه المهرجانات ووقعها على الجمهور، وخصوصا الشباب منه، اعتمادا على مؤشرات محددة ومضبوطة تعتمد الحكامة في التنظيم وتطوير الأداء والوصول إلى نموذج موحد للتدبير يسمح بوضع الميزانيات وتأمين برمجة سنوية متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المادية وتراعي الخصوصيات المحلية للمناطق الجهوية المتنوعة.