تجلى الاهتمام بذكرى عاشوراء هذا العام في الصحافة ووسائل الاعلام ووسائط التعبير بمصر عبر طروحات تناولت الذكرى العطرة للحسين "ابو الشهداء" ودروس وقفته الباسلة دفاعا عن الحرية والعدل في موقعة كربلاء الباقية في الوجدان العام للمصريين المحبين لآل البيت الأطهار دون تشيع او مذهبية تفرق ولاتوحد. وهذا الاهتمام والتدبر والتفكر في ذكرى استشهاد الحسين يعيد للأذهان ماتحمله ابداعات وكتابات ادباء ومفكرين مصريين من اهم رموز الثقافة المصرية حيث تسطع شخصية الحسين واسمه كما هو الحال في ثلاثية نجيب محفوظ ومسرحيتي عبد الرحمن الشرقاوي: "الحسين ثائرا" و"الحسين شهيدا" ناهيك عن كتاب "الحسين ابو الشهداء" لعباس محمود العقاد . واذا كان "كمال عبد الجواد" البطل الشاب في ثلاثية الأديب النوبلي المصري نجيب محفوظ قد شعر بحزن عندما سمع ان رأس الحسين في الواقع ليست في مسجده بالحي القاهري الشهير الذي يحمل اسمه فان جدلا ثقافيا تجدد هذا العام حول هذه المسألة التي لم تحسم بعد بصورة قاطعة. ومن قبل ذكر الكاتب الراحل انيس منصور ان جسد الحسين في كربلاء بالعراق اما رأس " سيد شباب أهل الجنة وحفيد سيد الخلق" فقد استقرت في دمشق بعد ان طافت عدة مدن من بينها كربلاء والمدينة المنورة والقاهرة وعسقلان وحلب والرقة . غير ان الكاتب الصحفي الكبير عبد الرحمن فهمي يؤكد استنادا على شهادة للشيخ منصور الرفاعي الذي شغل منصب الوكيل الأول لوزارة الأوقاف وكان مسؤولا عن المساجد ان رأس الحسين في ضريح مسجده الشهير بالقاهرة. ويتفق ذلك مع نتيجة خلصت لها عالمة الآثار الاسلامية الدكتورة سعاد ماهر وصاحبة كتاب "مساجد مصر واولياؤها الصالحون"وهي ان رأس الحسين نقلت من المشهد العسقلاني لمشهده القاهري. وبعيدا عن جدل لم يحسم تماما حول هذه المسألة فالمؤكد ان "رأس الحسين وثقافته" في قلب مصر وعقلها وثورتها وان قيم الحسين جزء اصيل من روح الثقافة العميقة في كيان الشعب المصري واجهزته المناعية المقاومة للظلم والبغي بقدر ماتعلي من الحرية. وفي ذكرى عاشوراء هذا العام تقف مصر في مواجهة قوى البغي مدافعة عن وسطيتها وتسامحها وتنوعها واسلوبها في الحياة البعيد في الأصل كل البعد عن التعصب والتطرف فيما كانت الأغلبية الساحقة من شعبها قد تلقت بغضب عارم جريمة قتل وقعت قبيل نحو اسبوع واحد من ثورة 30 يونيو وأودت بأرواح اشخاص قيل انهم من الشيعة .