أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن الزواج فى مصر القديمة كان بعقد كتابى ثابت وقد عثر على عقد زواج مصرى يعود لعام 231ق.م ويحفظ المتحف المصرى عقد زواج مكتوب على ورق بردى أبرم بين (أبى – أم – حتب) أمحتب وزوجته (تاحاتر) ، وفيه تعهد الزوج للزوجة بكفالتها تماماً ورعاية أبنائهم وإذا طلقها يعطيها خمسين قطعة من الفضة (نفقة الزوجة) ، وإذا تزوج عليها يعطيها مائة قطعة من الفضة ، وشهد على العقد 16 شخصا طبقاً لما جاء فى موسوعة الحضارة المصرية القديمة للدكتور سمير أديب وأضاف ريحان - في تصريح خاص للوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن المصرى القديم عامل زوجته باحترام شديد ، وقد حوكم أحد الأزواج بالجلد مائة جلدة لسب زوجته ، وكانت الزوجة الشرعية هى الزوجة المحبوبة وأطلق عليها (نبت بر) أى سيدة المنزل ، وقد أكدت صور ونقوش جدران المقابر المصرية على ما كانت تتمتع به المرأة من احترام. وأوضح أن الزوجة كانت تختلط بالرجال فى مناحى الحياة وتحرص على سعادة زوجها بكل السبل ، وكان جو الأسرة يسوده الصفاء والسعادة الحقيقية ، وكانت العلاقة بين الزوجين تصور على الجدران بصور تدل على الإخلاص والوفاء ومنها وقوف الزوج مجاوراً لزوجته أو الجلوس معاً على أحد المقاعد بينما تلف الزوجة ذراعها برفق حول عنق زوجها أو تضع يدها على إحدى كتفيه أو تتشابك أيديهما معاً رمزاً للحب بينهما . وأكد ريحان أن هذا الحب يستمر مدى الحياة وما بعد الحياة من خلال قصة مكتوبة على ورق البردى محفوظة بمتحف ليدن بهولندا جاء فيها أن زوجاً مرض بعد وفاة زوجته فأشار إليه أحد السحرة بكتابة خطاب لزوجته وقرأه بصوت عال أمام مقبرتها فى أحد الأعياد ثم ربطه بتمثالها حتى يصل إليها وقد جاء فيه " أى ذنب اقترفته نحوك أيتها الحبيبة حتى أقع فيما أنا فيه من بؤس وشقاء لقد تزوجتك وكنت أشغل منصباً صغيراُ وتدرجت فى المناصب ولم أهجرك وحافظت عليكى فى السراء والضراء وعندما مرضت أحضرت لكى كبير الأطباء ولم أقصر قط فى واجبى نحوك " وأفاد ريحان بأن الزوجة فى مصر القديمة كانت تساعد زوجها فى تدبير شئون المنزل وترافقه فى رحلات الصيد ، وكانت الزوجة تصّور على جدران مقبرة زوجها فى الأسرتين الثالثة والرابعة بحجم زوجها نفسه مما يدل على التماثل فى الشرف والمكانة ومساواتها للزوج فى الحقوق والواجبات ، وهذا لم يمنع حق الرجل فى القوامة على المرأة مع حفظ حقوقها وصون كرامتها ، وأنه منذ الأسرة السادسة وحتى نهاية الأسرة 12 كانت الزوجة تصّور فى منظر أصغر من زوجها لكنها استردت حقوقها فى عصر الدولة الحديثة ، وكانت للمرأة المصرية حظ موفور من الثقافة وكانت هناك سيدة تدعى " نفرو كابيث " لها مكتبة عظيمة فى منطقة دندرة وكانت مولعة بالعلوم والفنون. وأشار إلى أروع المناظر العائلية منظر إخناتون وزوجته جالسين متقابلين تحت أشعة قرص الشمس (آتون) يدللان بناتهما ، ومنظر على ظهر كرسى عرش الملك توت عنخ امون بالمتحف المصرى يصّور منظراً خلاّباً تتجلى فيه الحياة المنزلية بأجلى معانيها حيث يجلس الملك دون تكلف والملكة مائلة أمامه وفى إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه وباليد الأخرى عطر آخر تلمس به كتف زوجها برقة ولطف وتعطره به ، كما نراها فى صورة أخرى تقف أمامه لتقدم له الزهور وفى صورة ثالثة تقف جانبه وتسند عليه ذراعها كناية عن معاونتها له فى كل الأمور ، وتمثال القزم (سنب) وأسرته من الأسرة الخامسة بالمتحف المصرى وتتجلى فيه روح المحبة والعطف التى تسود الأسرة المصرية حيث تجلس الزوجة إلى جوار زوجها وتلف ذراعها حوله برقة ولطف على حين وقف الأبناء بجانب الأب والأم فى أدب واحترام .