العملية التعليمية

ازدادت في الآونة الأخيرة المشكلات المتعلقة بالتعليم والتعلم، حيث أصبحت العملية التعليمية تتم بصورة نمطية تقليدية في أغلب الأحيان، مما يترتب عليه نفور بعض المتعلمين أو قيامهم بالتحصيل الدراسي لتأدية الاختبارات فقط بدون وجود تحصيل علمي وتربوي فعال، كما صارت مهمة التدريس ثقيلة على كثير من المعلمين، لافتقارها إلى الحيوية والنشاط والتجديد من جهة، وعدم إقبال الكثير من التلاميذ على التعلم من جهة أخرى، لذا فلابد من اتباع عدة خطوات لإعادة الروح والبريق إلى العملية التعليمية، وجذب المتعلمين للإقبال عليها برغبة فعلية وصادقة في التحصيل الدراسي والتعلم. خطوات يمكن أن تكون بداية للتغير المنشود..

أ- مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ 
يختلف التلاميذ فيما بينهم من حيث مستوى فهمهم للمفاهيم العلمية المختلفة، وذلك بسبب اختلاف خبراتهم التي مروا بها. في حين نجد في الواقع أن الفاعل التربوي يتقبل -بشكل بديهي- وجود اختلاف في الأحجام والألوان والشخصيات والخاصيات الوراثية المتعلقة بالصحة والقوة الجسدية بصفتها حقائق، لكنه لا يتقبل حقيقة أن القدرات العقلية مختلفة، ولكن بما أنه حقيقيا ” قدرات الأفراد العقلية تختلف، وكذلك اهتماماتهم الفكرية، فمن الواجب تقبل جميع القدرات والمواهب ورعايتها، والتعرف على الفروق بين التلاميذ ومداها ومقابلتها بالكثير من الأمثلة والخبرات المتنوعة، وعدم الالتزام بحقائق معينة للوصول إلى فهم للمفاهيم العلمية[1]“.

اقرأ أيضًا:

كيف تعرف أن طفلك يعاني من صعوبات التعلم؟

والاختلافات بين التلاميذ ترجع أيضا إلى اختلاف الذكاء فيما بينهم، حيث يعرف جاردنر الذكاء بأنه: القدرة على حل المشكلات التي تواجه الفرد، أو تخليق إنتاج له أهمية في جوانب ثقافية متعددة مثل: الشعر والموسيقى والرسم والرياضة وغيرها من جوانب الثقافة. وبالتالي ومما سبق فإن الذكاء بمفهوم جاردنر ليس موحدا̋، وإنما متعددا̋، وأن كل فرد يمتلك ذكاءات متعددة، وهذه الذكاءات توضح الفروق بين الأفراد، وأن الاهتمام ليس بدرجة ما يملكون من ذكاء، بل بنوعية هذه الذكاءات. ويؤكد جاردنر على أن الأسوياء من الناس قادرون على الإفادة من توظيف جميع ذكاءاتهم[2].

وقد اقترح جاردنر وجود سبعة ذكاءات أساسية على الأقل وهي: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء المكاني، الذكاء الجسمي- الحركي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الاجتماعي، الذكاء الشخصي[3].

وعلى ذلك فإن الاختلاف بين الأفراد يحدث نتيجة اختلافات كيفية في قوة كل نمط من أنماط الذكاءات، وفي طريقة تجميع وتداخل وتحريك هذه الذكاءات عند حل مشكلة ما أو القيام بعمل من الأعمال[4].

ومن ثم يجب أن ينظر المعلم إلى وجود اختلافات في قدرات التلاميذ العقلية والنفسية والاجتماعية، وهذا لا يعني بالضرورة أن يتم توفير منهج خاص وطريقة تدريس مفردة ومعلم خاص، ولكن ثمة طرائق يمكن أن يلجأ إليها في المنهج وفي طرائق التدريس، يمكن أن تقرب ما بين التلاميذ من فروق، وذلك لأنهم في النهاية يجب أن يتعلموا ويعرفوا أشياء مشتركة تعتبر ضرورية لهم في حياتهم العملية والخاصة[5].

وإذا كانت التربية أداة نمو الأفراد وتحسين قدراتهم والطريق لأي نهضة حقيقية، والمحرك للتغيير والتطوير فيما إذا توافرت الأجواء الملائمة،  فإن العصر الحاضر والمستقبل يتطلب تربية وتعلىماً من نوع خاص متميز، تربية واعية وفاعلة مدركة لرسالتها، تربية تهيئ الناشئة لحقائق عصر جديد، هو عصر الثورة التقنية، وعصر التغير الاجتماعي المتسارع، وعصر الانفتاح الإعلامي والثقافي العالمي، عصر صناعة المعلومات وتوظيفها، وتمكّنهم في الوقت نَفْسِه من المحافظة على شخصيتهم الذاتية[6].

وهناك أسلوب جيد لجعل الطفل يكتسب المعلومات بصورة أفضل ويختزنها بذاكرته، وهو تقديم المعلومة للطفل بعدة وسائل: بصرية وسمعية ولمسية وحتى شمية حين يكون ذلك ممكناً. ذلك لأن استخدام الوسائل المتعددة في تقديم المعلومات يزيد من عدد العناصر المميزة في تجربة التعلم وبذلك يمكن مساعدة الطفل أكثر على استرجاع المعلومات فيما بعد، فالفرص التي يتاح فيها للطفل أن يلمس ويرى ويسمع ويشم الشيء، لابد أن تساعده أكثر على تسجيل السمات المميزة لهذا الشيء[7].

ب- تنويع التدريس
إن أفضل طريقة لتلبية احتياجات المتعلمين على اختلافاتها، هي أن يقدم محتوى المنهج بصورة متنوعة، فالتنويع هو القاطرة التي يصل من خلالها المتعلمون إلى المعلومات والمهارات والمفاهيم المطلوب تعلمها، حيث أن تنويع التدريس يتطلب مشاركة إيجابية من قبل التلاميذ في عمليات التخطيط، واتخاذ القرارات وعمليات التقييم، ومفتاح عملية تنويع التدريس يتمثل في استخدام المعلمين المرن للأنشطة التعليمية/التعلمية، ولطرق تنظيم الدروس، فتنويع التدريس هو فلسفة تربوية تُبنى على أساس أن على المعلم تطويع تدريسه تبعاً للاختلافات بين المتعلمين، ويعتبر تنويع التدريس نظرية تُبنى على فكرة أن طرق التدريس يجب أن تتنوع وأن تعدل لتتماشى مع تنوع قدرات وميول ومهارات المتعلمين في الفصل. بمعنى أن المعلم/المعلمة يغير ويعدل في عناصر المنهج لتتوافق مع خصائص المتعلمين وليس العكس،  فلا يجب أن يتوقع أن يغير المتعلمون أنفسهم للتوافق مع المنهج[8].

ووجود الاختلافات بين الطلبة في أساليب التعلم يدفع المعلمين إلى استخدام عدد كبير من الاستراتيجيات لتتناغم مع الذكاءات المتعددة التي يتمتع بها طلابهم مع التأكيد على تنويع توظيف المعلمين لهذه الاستراتيجيات في التدريس[9].

قد يهمك أيضًا:

هل ممارسة الرياضة تحسن قدرة الأطفال على التفكير؟

ماهي أهم مهارات اللقاء الأول بين المعلم والمتعلمين؟