حافظو على مصر", "العلم نور", "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"..هذه نماذج لعبارات موجودة على أغلب جدران المدارس الحكومية في الإسكندرية. هذه العبارات ليست غريبة فتقريباً أغلب المدارس توجد عليها مثل تلك العبارات التي تدعو إلى مكارم الأخلاق وحب الوطن, إلا أن الغريب في مجمع مدارس منطقة "زيزينيا" هو وجود عبارات مسيئة كتبها مجهولون تسللوا في جنح الظلام ليتفاجئ بها سكان الحي "الراقي" لينزل عليهم كالصاعقة . العبارات المكتوبة تحارب ما يسمي بالعري والملابس الضيقة , مثل "حارب الاسترتش", "ألا تخافي الله", بالإضافة إلى بعض العبارات الأخرى البذيئة التي لا يمكن أن تخرج من شخص متدين وعرف تعاليم الإسلام السمحة التي لا تسمح بنشر مثل هذه الألفاظ. وتسببت العبارات في حالة من الضيق بين سكان المنطقة خاصة أنها تعدت أسوار المدرسة لتنتشر في أرجاء الشارع بشكل فج لما تحمله من عبارات مسيئة. تقف سيدة خمسينية ومعها ابنتيها في ذهول أمام تلك العبارات وعلامات الامتعاض على وجوهها, قائلةً:"ما هذا التخلف.. أهكذا تكون النصيحة.. ومن الذي نصبهم ليكونوا قضاة يحكمون على الملابس بأنها محترمة أو غير محترمة ". علامات الذهول أصبحت واضحة علي ابنتيها اللتان لم يتعدا عمرهما العشرين ربيعاً.. تتمتم إحداهن قائلة:"من الذي كتب مثل هذه العبارات .. وهل تكون النصيحة بهذا الشكل ؟". ردود الفعل المستهجنة لم تقتصر على هذه الأسرة فقط فأغلب المارة يلاحقهم نفس الشعور الذي وصلت إليه السيدة وابنتيها .. وسط همهمات تخرج منهم وكأن لسان حالهم يقول أين ذهبت الإسكندرية مدينة الحضارة والتاريخ الذي كان يستوعب كافة الأجناس والثقافات ليعيشوا في ود وسعادة . الأفكار الغريبة والمتطرفة لم تظهر إلا بعد إنطلاق ثورة 25 كانون الثاني/ يناير, إلا أن المتعمق في الأمر سيجد أنها كانت موجودة تحت جنح الظلام تنتظر اللحظة المناسبة لتخرج إلى الشوراع . هذه الواقعة ليست الأولى في الإسكندرية، فقد ظهرت مثل هذه العبارات على كورنيش البحر من فترة قبل أن يخرج أيضا بعض دعاة الظلام ليلون تمثال عروس البحر المواجه لمكتبة الإسكندرية في إشارة منهم إلى رفضهم لوجود مثل هذا التمثال. وأبدى مثقفوا " الثغر" إستيائهم تجاه هذا التصرف مطالبين الجهات المختصة بأهمية الحفاظ على تراث المدينة وفنها من يد المتطرفين الذين يكرهون الفن.