يقبل الشباب الجزائري بشكل واسع في السنوات الأخيرة على تعلم ودراسة اللغة الألمانية. وبدأت لغة "نيتشه وغوته وشيلر" بالتوسع والانتشار خارج النطاق الجامعي إلى المدارس وسط تشجيع أولياء الأمور والمسؤولين على قطاع التربية في البلاد. قررت وزارة التربية الوطنية في الجزائر تعميم تدريس اللغة الألمانية في جميع ثانويات البلاد، وأوضح الأمين العام لوزارة التربية الوطنية خلادي بوشناق، ، بأن الجزائر وضعت من بين أولوياتها في المرحلة القادمة تمكين كل طلبة ثانويات البلاد من تعلم اللغة الألمانية، وأضاف بوشناق في تصريحات إعلامية أن "كل الإمكانيات ستوفر لتحقيق هذا الهدف"، وأكد الأمين العام للوزرة، في افتتاح دورة تدريبية لتكوين أساتذة اللغة الألمانية، وجود أكثر 400 أستاذ يدرسون هذه اللغة على المستوى الوطني. وتستقبل الوزارة سنويا طلبات التوظيف من مئات الخريجين الجدد في الاختصاص عبر كافة مناطق الوطن، منح ودورات لأساتذة اللغة الألمانية. وتعمل السفارة الألمانية في الجزائر على مساعدة وتمكين مصالح وزارة التربية لتحقيق هذا الهدف، حيث تشرف سنوياً على توفير دورات تدريبية لأساتذة اللغة الألمانية. وأشاد سفير ألمانيا بالجزائر غوتز لينغنتال، بالتعاون "الجزائري-الألماني" في مجال تدريس اللغة الألمانية، مشيراً إلى سعي السفارة إلى زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة لأساتذة اللغة الألمانية. وكشف الدبلوماسي الألماني أخيراً عن تنظيم أول دورة تكوينية لصالح مفتشين تربويين ومؤسسات تابعة لوزارة التربية الوطنية في مجال التسيير المدرسي ستقام لاحقاً في ألمانيا. قرار وزارة التربية الذي استحسنه الطلبة وأوليائهم أثار الكثير من الجدل داخل بيت الأسرة التربوية وكل المهتمين بالعملية التعليمية، بما في ذلك المعاهد الخاصة، حول قدرة الوصاية على تنفيذ هذا القرار، وخاصة في المناطق النائية والبعيدة عن المدن الكبرى. ويؤكد سمير.ب، أستاذ اللغة الألمانية في الجزائر العاصمة، أن "الوزارة بحاجة إلى مخطط وإمكانيات كبيرة لتعميم اللغة الألمانية في كل ثانويات الوطن، لأن عدد خريجي قسم اللغة الألمانية في جامعات الجزائرية قليل، وأغلبيتهم يتوجهون إلى القطاع الاقتصادي، وليس إلى التعليم". ومن جهتها، تسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية على تلبية رغبات ألاف الطلبة الناجحين في شهادة البكلوريا، للالتحاق بقسم اللغة الألمانية، حيث أرتفع عدد أقسام اللغة الألمانية من قسم وحيد في جامعة الجزائر إلى خمسة أقسام على المستوى الوطني في كل من وهران وسيدي بلعباس وتيزي وز وعنابة، ومن المنتظر أن تفتح أقسام أخرى في الموسم الجامعي القادم. ورغم الجهود المبذولة تبقى اللغة الألمانية في الجزائر بحاجة إلى دعم أكبر لإشباع رغبة الشباب في تعلمها ، وخاصة أولئك الراغبين في إتمام دراستهم أو السفر نحو ألمانيا، حيث يعتبر بدرالدين أن تعلم اللغة الألمانية هو مشروعه الذي سيحقق به أحلامه في الهجرة إلى بلد العلم والتكنولوجيا، فيما تقول صفية.ب، طالبة بقسم اللغة الألمانية في جامعة الجزائر، أنها اختارت العودة للجامعة، بعد تخرجها بشهادة مهندس في الإلكترونيك، من أجل إتمام دراستها في ألمانيا في الاختصاص، وتؤكد الطالبة صفية أن الإمكانيات المادية والبشرية لتعلم اللغة الألمانية "هزيلة جدا في الجامعة الجزائرية"، مقارنة باللغة الفرنسية والإنجليزية، وهذا، حسب قولها، بسبب هيمنة اللغة الفرنسية، باعتبارها اللغة الثانية في البلاد واللغة الانجليزية، وعدم تجرد مسؤولو الجامعات من خلفياتهم الفكرية واللغوية، وبذلك لا تزال اللغة الألمانية "مهمشة في الجزائر"، رغم تعاظم أهميتها في كل بلاد العالم، لما تمكن مكتسبها من فرص تحصيل المعارف الدقيقة والجديدة. ويرى الطالب، بوطفة عنتر، أن تدريس اللغة الألمانية في الجزائر لازال بعيداً عن الطرق التربوية الحديثة في التدريس في الثانويات وحتى في الجامعات، ويضيف عنتر "أن أغلبية الطلبة يعتمدون على اجتهاداتهم الشخصية في التعلم، وأن الجامعة لم توفر أدنى الإمكانيات المساعدة على ذلك، حيث تفتقر مكتبة الجامعة على كتب ومعاجم اللغة الألمانية، بالإضافة إلى انعدام مختبر وأجهزة السمعي البصري المساعدة في التعلم الجيد لأي لغة. وقال محمد مسلم، وهو إعلامي جزائري، درس قواعد اللغة الألمانية في ألمانيا التي أقام بها عدة سنوات، "إن تعلم الألمانية لا يحظى بتشجيع الدولة، بل لا توجد مسوغات ومحفزات لتدريس هذه اللغة، لما سار في الاعتقاد، أن اللغة الفرنسية هي مفتاح التقدم، والظفر بالمناصب، وبلوغ أرقى المسؤوليات في بلد، لا زال محكوماً بالتبعية الشاملة لفرنسا ولغتها.