السترات الجلدية

بالنسبة للكثيرين، يبدو العالم على وشك الانهيار، وبالتأكيد لا يستبعد المصممون هذا التصور، لا سيما أن صناعة الأزياء لها تأثير خطير على البيئة يتزايد مع نمو الصناعة، ولذلك احتلت القضايا البيئية جزءاً كبيراً من اتجاهات الموضة لخريف وشتاء 2019 - 2020. وقُدمت بعض الأزياء التي تتمتع بنوع من قوة البقاء، مثل الدنيم (الجنيز)، القمصان البيضاء، المعاطف المبطنة، وأيضاً السترات الجلدية الكلاسيكية، بتصاميم مبتكرة كنوع من الاستثمار في قطع تحقق النفعية.

جاءت موضة الخريف والشتاء مليئة بأزياء الجلد التي تبدأ من الرأس إلى القدمين، وركز المصممون على الجودة والحرفية التي تضمن بقاء الأزياء الجلدية لسنوات قادمة.

من ناحية أخرى، ساهمت روح موضة الثمانينيات والتي تهيمن على العام الحالي في صعود هذه الموضة كواحد من الاتجاهات المهمة لتنضم بذلك لصفوف السترات الواسعة والشورتات التي تعيدنا إلى إطلالات أيقونات الموضة في حقبة كانت معروفة بجرأة أزيائها.

قبل أن ترتبط أزياء الجلد بالثمانينات أو غيرها من الحقبات القريبة، منذ البدايات الأولى وحتى العصر الحديث، كانت الجلود سمة دائمة في كل عصور التصميم والأزياء تقريباً. يرجع تاريخ أقدم المصنوعات الجلدية المسجلة التي صنعتها المجتمعات البدائية إلى عام 1300 قبل الميلاد عندما بدأ الإنسان في اللجوء إلى جلود الحيوانات لتكون المأوى ضد الظروف القاسية.

بالنسبة إلى اتجاهات الموضة لهذا الموسم، تعامل العديد من المصممين مع الجلود كخامة مرنة، وكخيار يوفر الراحة والأناقة. فقد خرجت أزياء الجلد من تصميم جاكيت الدراجين الذي أصبح كليشيه، وقدمت خيارات أكثر عملية مثل الفساتين العصرية والتايورات والسراويل الواسعة وغيرها.

تقول منسقة الموضة ليلى يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن الجلد قطعة أساسية في خزانة الخريف، لكن تصاميمها أصيبت بالركود لسنوات، فلم يكن أمامنا سوى الجاكيت التقليدي أو تنورة قصيرة لا تناسب إلا الإطلالات المسائية، أما هذا العام، فالأمر اختلف كثيراً شاهدنا دور أزياء راقية، مثل «فندي»، تقدم تصاميم عملية من الجلود، خاصة المعاطف الفضفاضة المبطنة من الداخل لتوفر الدفء».

وبالإضافة إلى ما قدمته «فندي» فقد جاءت، فساتين جلدية سوداء وحمراء رائعة في تشكيلة دار أزياء «ألكسندر ماكوين»، امتازت بتصاميمها بنعومة تناسب إطلالات السجادة الحمراء. كما يمكننا كالعادة أن نثق في دار أزياء مثل «سلفاتوري فيراغامو» لتقدم قطعاً مثيرة ضمن تشكيلة الخريف. أبرزها فستان لامع من الجلد الأحمر الداكن، تم تنسيقه مع إكسسوارات أرجوانية.

تودز» علامة أخرى معروفة بإبداعاتها الجلدية، وطرحت ضمن تشكيلتها فستاناً بأكمامٍ طويلة مصنوع من الجلد الأصفر الغامق، لون خريف عام2020.

أما دار «زيمرمان» فقدمت فستاناً باللون العنابي الداكن، بأكمام وقصة ملفوفة على الخصر مع تنورة دائرية بطول يغطي الساق، اعتمدته النجمة العالمية، جينيفر لوبيز، في أغسطس (آب) الماضي.

لم تكن الفساتين العصرية هي الخيار الوحيد في تشكيلات هذا العام، فقد ظهرت تايورات أيضاً من الجلد تنوعت فيها التصاميم ما بين البنطلونات والتنورات العملية.

اللافت أيضاً أن الألوان لم تقتصر على الحيادية المعتادة مثل الأسود والبني، بل ظهرت ألوان ساطعة تكسر برودة الطقس مثل الأصفر والأحمر، والأخضر العشبي. وترى مصممة الموضة ليلى يوسف أن «دور الأزياء خرجت من نمطية الألوان لتقدم خيارات أكثر عصرية، مثل معاطف الجلد لدى علامة (ميوميو) بألوانها الأحمر والأزرق».

كان متوقعاً أن تنتقل هذه الموضة إلى الشارع في كبريات مدن الموضة، مثل نيويورك، وباريس، وميلانو. كما صعدت الجلود المستوحاة من الحيوانات، خاصة جلد الثعبان الذي ظهر بنمط يغطي الجسم من الرأس إلى القدم. تقول ليلى يوسف إن «احتضان موضة الشارع الجلود نتيجة طبيعية بعد أن قدمت الموضة خيارات متنوعة مثل الجمبسوت، والقمصان النسائية، وأيضاً السراويل بقصات واسعة توفر الراحة». من ناحية أخرى ترى ليلى يوسف أن «أزياء الجلد تساعد المرأة أن تبدو أنحف بفضل الظلال التي تخفي بها تفاصيل الجسم، مما ساهم في صعودها بهذا الشكل».

ورغم أن الجلود قُدمت هذا الموسم تحت شعار الاستثمار في قطعة تحقق مفهوم الاستدامة، فإن هناك بعض الأصوات ترى في هذا الاتجاه إهداراً لحقوق الحيوانات. أمر بادرت كبريات دور الأزياء بحله من خلال البدائل الصديقة للبيئة بدلاً من الجلود الطبيعية، مثل «ستيلا مكارتني» التي ذهبت إلى الجلود النباتية منذ عام 2001. وأفادت الدار في وقت سابق أن «الاعتماد على الجلود النباتية المصنعة بجودة وحرفية لم تكن بدافع المخاوف بشأن رفاهية الحيوان، ولكن أيضاً للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتلوث المياه الناجم عن صناعة الجلود». إنه موقف تشترك فيه الآن مجموعة واسعة من العلامات الراقية.

قد يهمك أيضا :  

قوانين قيد الصدور تقضي بحل حزب الإسلاميين وتفكيك نظام البشير