طلعت السادات

ارتكز دور مجلس الشعب المصري على تولي سلطة التشريع، وإقرار السياسية العامة للدولة، إلى جانب دوره الرقابة، لكن على مدار 159 عامًا، منذ إجراء أول انتخابات فعلية فى عهد الخديوي إسماعيل في 25 نوفمبر 1866، شهد البرلمان المصري العديد من المشادات والنقاشات الحادة التي تطور الأمر في بعضها إلي مشاجرات ، وضرب بالاحذية أحيانا 

وتعتبر مشادة وزير الداخلية الأسبق، زكي بدر، واحدة من أشهر تلك الشجارات تحت قبة البرلمان، ففي أثناء مناقشة استجواب حول التعذيب داخل السجون عام 1990، سبَ عددًا من أعضاء البرلمان المعارضين، وتلا بعض المكالمات التي قامت الداخلية بتسجيلها، ومنها مكالمة لفؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد آنذاك، ثم ضرب النائب طلعت رسلان على وجهه، حين حاول منعه من إكمال حديثه، ولم يفوّت الفرصة لتوجيه السباب لعدد من الأعضاء، وفي عام 2005 قام عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني حسن نشأت، بسبّ المعارضة واتهامهما بأنهم أعضاء يعملون ضد مصلحة مصر ويتعاونون مع أعداء مصر، الأمر الذي أدى إلى مشاجرة بين أحد الأعضاء ورفع الحذاء، كما نشبت مشاداة كلامية بين الدكتور محمد مرسي، عضو مجلس الشعب في برلمان 2005 آنذاك، وبين وزير الإسكان محمد إبراهيم سليمان وكمال الشاذلي عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني المنحل، بسبب مطالبته بمحاكمة المسؤول إذا أخطأ، وكان الحذاء بطل واقعتين في برلمان 2005، الأولى عندما سب عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني حسن نشأت، المعارضة واتهامهما بالعمالة والعمل ضد مصلحة مصر، الأمر الذي أدى إلى مشاجرة بين أحد الأعضاء ورفع الحذاء.

وحدثت الواقعة الاشهر في تاريخ البرلمان في عام 2006 حين رفع النائب المستقل الراحل طلعت السادات، الحذاء في وجه أمين السياسات بالحزب الوطنى المُنحَل المهندس أحمد عز قائلًا: "ممارسات أحمد عز جعلتني أخلع حذائي عليه في مجلس النواب، وذلك بسبب تلاعبه بالبورصة المصرية بالاستعانة بأحمد نظيف رئيس الوزراء السابق، حيث استولى بها على مبلغ تجاوز 2 مليار جنيه مصري، وهناك أيضًا المشاداة الشهيرة، بين نائب الحزب الوطني المنحل، أحمد شوبير والنائب الإخواني يسري بيومي، حين دافع شوبير عن رجل الأعمال  السعودي الذى اشترى شركة "طنطا للكتان"، فهاجمه بيومي، متهمًا إياه بأن له مصلحة، فما كان من شوبير إلا أن قال له "أنا مشبوه يا وسخ.. أنا وطني وأشرف منك.. وحياة أمك مش هسيبك"، كما نشبت مشادة بين علاء عبد المنعم ووزير المال السابق بطرس غالي بعد رفضه لطريقة حديث وزير المال، وايضا مشاجرة نائب الحزب الوطني، عمر هريدي والنائب المستقل علاء عبد المنعم، ففي إحدى المناقشات كان عبد المنعم يوجه انتقادات للحكومة، إلا أن النائب عمر هريدي ثار لكرامة الحكومة، وقال في كلمته إن عبد المنعم يتمايل يمينًا ويسارًا مثل "امرأة لعوب"، وهو ما اعتبره عبد المنعم كلامًا لا يصدر إلا عن "عاهرة".

وخلال برلمان 2012 شهدت الجلسة الافتتاحية للمجلس، هي أكثر الجلسات ازدحامًا وكثافة وإقبالاً من النواب للحضور بسبب حلف اليمين، وشهد المجلس العديد من المشاجرات بسبب المقاعد، وفي أول جلسة لبرلمان 2012، رفض أعضاء حزب النور الوقوف أثناء الجلسة الافتتاحية، مما أدى إلى مشادة كلامية بينهم وبين باقي الأعضاء لكنها لم تؤدّ إلى سب أو ضرب، عضو مجلس الشعب المصري ممدوح إسماعيل، المنتمي لحزب الأصالة حينها، برفع الأذان لصلاة العصر، خلال سير أعمال جلسة المجلس، وفي غضون ذلك، اعترضه رئيس المجلس سعد الكتاتني، قائلاً: "يا أستاذ ممدوح، لم أأذن لك بذلك، فيه مسجد تؤذن فيه"، إلا أن النائب إسماعيل استمر في إكمال رفع الأذان، ما دعا الكتاتني إلى مخاطبته بقوله "أستاذ ممدوح إسماعيل بعد أن تنتهي من الآذان سأتحدث معك حديثًا لأنك خالفت نظام الجلسة"، وعليه سادت حالة من الهرج داخل قاعة الاجتماع، وعقب انتهاء النائب إسماعيل من رفع الأذان، وجَّه الكتاتني كلامه للنائب قائلاً "السيد النائب ممدوح إسماعيل خالف نظام الجلسة، وأذن دون أن يأخذ رأي رئيس المجلس، هناك مسجد تؤذن فيه، هذه القاعة للحديث، لا تزايد، لست أكثر منا إسلامًا، ولست أكثر منا حرصًا على الصلاة، لا تزايد، ولن أسمح لك مرة أخرى، عايز تصلي اتفضل، عايز تصلي لم أمنعك".

وأثناء محاولة النائب إسماعيل الحديث ردًّا على الكتاتني، قال الأخير موجهًا كلامه للنائب إسماعيل "لا تعقب، لا تعقب، هذا المكان للمناقشة وليس للأذان، وإذا أردت أن تؤذن فلتستأذن، تذهب لتؤذن في المسجد، وهذا ليس وقت أذان، أنت محامٍ محترم، هل تحتاج إلى (شو) إعلامي (عرض) يا ممدوح، تخاطب من؟ كل النواب الحاضرين يريدون الصلاة، لن أسمح لك بالكلام مرة أخرى، اجلس، لا تعطل أعمال الجلسة، وإلا طبقت عليك اللائحة، اتفضل، اجلس، لا تعطل نظام العمل في الجلسة"، وسأل الكتاتني النائب بقوله: "هل أنت فقيه أكثر من هؤلاء، لا تزايد على الجالسين، لا تزايد على إخوانك في المجلس، لا تزايد على أحد".