عم يحيى

يقف عم يحيى، في أحد شوارع قرية السيالة المعروفة كمثيلاتها من قرى محافظة دمياط بانتشار صناعة الأثاث، في ورشته التي لا تتجاوز مساحتها الـ 10 أمتار برفقة خامته الخشبية التي يعمل ليلاً ونهارًا على إعادة تصنيعها لتصميم أفضل قطع الأثاث التي اشتهرت بها المحافظة.

ويعمل عم يحيى، البالغ من العمر 47 عامًا، كميكانيكي أخشاب منذ فترة تجاوزت الـ35 عامًا، يقوم خلالها بتقطيع الأخشاب وفق مواصفات ومقاسات معينة لتصميم قطع الموبليات، باستخدام ماكينة القطع والنشر أو كما يطلق عليها الحرفيون "صديقة النجارين "، ولكنها لم تكن دائمًا صديقة وفية لجميعهم فهناك من أمثاله ممن تسببت إليهم في ألم منقطع النظير .

وروى عم يحيى حكايته، قائلًا: "بدأت العمل على ماكينة الشق من عمر 12 عامًا وبدأت تعلم فنون تقطيع الأخشاب بحذر، ولكنه قد لا يفلح في بعض الأحيان لقد فقدت 3 أصابع أثناء قيامي بشق الخشب منذ 27 عامًا تقريبًا، ولست الوحيد الذي فقد أطرافه خلال العمل على ماكينات الشق"، مشيرًا إلى انتشار ظاهرة فقد العاملين بهذه المهنة لأطرافهم خلال العمل على هذه الماكينة، ما جعل الأمر قد يبدو طبيعيًا لدى البعض غير مدركين لأبعاده .

وعلى الرغم من خطورة المهنة والضرر البالغ الذي أحلقتها به رفض عم يحيى تغيير مهنته، معللًا  "ماتعلمش إلا هي وماعرفش اشتغل شغلانة غيرها "، ولدى عم يحيى 4 أطفال هو العائل الوحيد لهم ويعتبرهم الدافع الأكبر له لاستكمال مسيرته في تلك المهنة، موضحًا "أحاول تجاهل الإصابة حتى لا تؤثر على إنتاجي، على الرغم من الألم الذي ينتابني من حين إلى آخر لكسب قوت أولادي بالحلال" .

وعما إذا كان يتلقى مساعدات مادية أو معاش حكومي، قال عم يحيى: "التأمينات كانت بتصرفلي زمان 300 جنيه معاش، ولكن زادوا دلوقتي ووصلوا لـ 1000 جنيه بس حتى الـ1000 جنيه يعملوا إيه في الزمن دة "، مضيفًا "لا توجد نقابة لنا ولا هيئة تهتم بشأن العاملين بالأثاث حتى النقابة التي أطلقوا عليها نقابة النجارين لا يوجد لها وجود على الأرض أو دور ملموس تجاه الحرفيون"، مردفًا "باختصار زي قلتها"، مختتمًا حديثه قائلًا: "نفسي المسؤولين يبصولنا بعين الرحمة، لأننا مهدور حقوقنا فكل حاجة " .