طربليس ـ أ.ش .أ
يحتفل المُسلمون في شتى بقاع الأرض اليوم اليوم الأثنين بذكرى مولد النبي محمد - صلى الله عليه و سلم باعتباره عيداً و ابتهاجا بمولد الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام.
و تبدأ الاحتفالات الشعبية في العاصمة الليبية طرابلس بدخول شهر ربيع الأول، و لا تنتهي إلا بنهايته سواء بإقامة مجالس ذكر تتلى فيها آيات من الذكر الحكيم أو تُنشد فيها قصائد مدح للنبي ، و يستعرض الحاضرون خلالها سيرته العطرة.
و يرجع المسلمون الذين يحتفلون بهذا اليوم تقديس اليوم إلى أن النبي عليه السلام و حسب ما ورد عليه كان أول من اعتنى باليوم إذ كان يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع و يقول "هذا يوم وُلدت فيه".
و للاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا خصوصية كما في بقية الدول الإسلامية ، حيثُ يشرع الشباب و الأطفال منذ دخول الشهر بإطلاق أنواع شتى من الألعاب النارية في الشوارع و الأزقة.
و بحلول يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول يخرج الأطفال بالشعل و القناديل إلى الشوارع و يقيمون التجمعات وهو يبتهجون بالمُناسبة عن طريق دق الطبول و إنشاد ألأغانٍ .
و في صباح اليوم التالي يتناول الليبيون أكلة تسمى "العصيدة" وتتكون من دقيق و ماء و ملح ويتم تليينهم بواسطة آلة خشبية تُشبه الملعقة الكبيرة و تُسمى "المغرف" و تُعد وجبة الإفطار الرسمية في يوم المولد ، و لطبخ العصيدة أيضا خصوصية أخرى حيثُ تعد الوجبة الرئيسية في ولادة أي مولود في ليبيا و منها أتت بدعة طبخها.
في كل عام تُعكر إصابات بعض المُواطنين جراء استخدام الألعاب النارية صفو الاحتفالات ، و بالرغم من التحذيرات الحكومية من استخدامها إلى أن بعض المُواطنين يُصرون على شرائها و استخدامها ما يُؤدي لوقوع عدد من الإصابات التي لا تُفرق بين الأعمار.
في السياق ذاته ذكرت "وكالة أنباء التضامن" نقلا عن فاطمة زيد البالغة من العمر 60 عاما و هي ربة بيت ، إن احتفال هذه السنة لا يختلف عن احتفالات السنوات السابقة ، مُعبرة عن أسفها لوقوع إصابات بين المُواطنين جراء استخدام الألعاب النارية وصلت إلي أكثر من 600 إصابة .
و أوضحت فاطمة أن إحياء ذكرى مولد الرسول عليه الصلاة و السلام يجب أن يكون بعيدا عن ارتكاب المعاصي ، حيثُ يجب أن تُتلى خلال اليوم آيات من الذكر الحكيم و قصائد لمدح النبي و تعريف الأطفال بسيرته و نشأته.
فيما أكدت مروة عبد الواحد و عمرها 27 سنة ، و تعمل معلمة ، أنها تقضي اليوم في تبادل الزيارات بين الأقارب و الأصدقاء باعتباره عيدا إسلاميا يشترك في الاحتفال به كل المُسلمين ، حسب قولها.
و أضافت مروة أن عائلتها و كثير من العائلات في طرابلس يصنعون الحلويات احتفاء بالمُناسبة و يُقدمونها لمن يزورهم في هذا اليوم تماما كما يحصل في الاحتفال بعيد الفطر المُبارك.
و يرى محمد التريكي البالغ من العمر 75 عاما ، و يعمل أستاذا جامعيا ، أن الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا لا يمت إلى الإسلام بالصلة ، و يعتبر أن استخدام الألعاب النارية و الأشجار البلاستيكية في الاحتفال تقليد سيئ .
و يعود التريكي بذاكرته إلى الوراء إذ يقول "لم نكن نحتفل بالمولد هكذا في طرابلس ، كنا نجوب الشوارع و نتلو الأذكار و نُصلي في المساجد و لم نكن نستخدم الألعاب النارية كما يحصل الآن على الإطلاق".
و يُضيف "أنا ألقي بلومي على أولياء الأمور الذين يمنحون لأبنائهم الأموال لكي يشتروا الألعاب النارية التي لا تحرق أموالهم فحسب بل حتى أجسادهم و ما شاهدناه من إصابات أدت لبتر أصابع بعضهم خير دليل" ، مُبديا في الوقت ذاته أسفه من الإصابات التي وقعت حتى بين الشباب ممن تصل أعمارهم إلى الثلاثين عاما ، لافتا إلى أنهم من المُفترض أن يكونوا رجالا يعون مثل هذه المخاطر لا أن يكونوا سببا في إيذاء أنفسهم و الآخرين بهذه الطريقة.
و يُوافقه في الرأي محمد مصطفى ، البالغ من العمر 32 عاما ، لكنه يعود و يقول إن استخدام الألعاب النارية في الاحتفال يُضيف طابعا مُتميزا عليه ، و يرى أن تجمع أهالي المنطقة لاستخدام الألعاب النارية و إشعالهم للشماريخ كفيل بالدلالة على ترابطهم و تمسكهم ببعضهم في يوم ذكرى مولد الرسول عليه الصلاة و السلام ، مُضيفا بأسف أن وقوع الإصابات جراء استخدام الألعاب يكاد يكون ركنا من أركان الاحتفال ، حسب تعبيره.
و أخيرا تمر ذكرى الاحتفال بالمولد هذا العام كغيرها من السنوات ، حيثُ يواصل آخرون ممن يُصرون على الاحتفال بطرقهم الخاصة عبر استخدام الألعاب النارية بكل أنواعها على مُمارسة طقوسهم ، بالرغم مما يُشاهدونه من مآسٍ حصلت جراء ذلك.


أرسل تعليقك