القاهرة - علي رجب
حذّر علماء الأزهر والأوقاف، المشاركون في القافلة الدعوية في محافظة الإسكندرية، من مغبة التجرأ على الفتوى بغير علم، مؤكدين أن خطر الإفتاء بغير علم عام، ولا يقتصر على إلحاق الضرر بأشخاص المستفتين، بل يتعداهم إلى المجتمع في أمنه، واستقراره، وعلاقة أفراده بعضهم ببعض، فكم من فتوى آثمة مضللة، دفعت بعض الحمقى إلى العدوان على الآخرين، على نحو يهدّد أمن المجتمع، واستقرار الأوضاع فيه.
وشدّد العلماء على أن "خطر الإفتاء يتعدى المجتمع الواحد، ليشمل الأمة بأسرها، فالفتوى الآثمة المضللة ربما أدت إلى بذر بذور الفرقة والشحناء بين المجتمعات، التي تنضوي في عموم الأمة الإسلامية، فتكون ثمرتها الخبيثة إشعال نار الفتنة العمياء التي تفرق بين أقطار العالم الإسلامي، وتؤجج نيران الكراهية بين بعض شعوب الأمة الواحدة".
وطالب العلماء بـ"وضع ضوابط لمن يعتلي المنابر، أو يتصدر للفتي، وأن يكون هناك عقاب لكل من يتجرأ على الفتوى، كما يوجد في بعض المهن الأخرى، مثل الطب، فلا يتصدر للجراحة إلا طبيب مختص".
وحذّر عميد كلية الدرسات الإسلامية والعربية للبنات في المنصورة الدكتور محمد أبوزيد الأمير، في ندوة "نادي سموح"، المجترئين على الفتوى بغير علم من مغبة ذلك، مؤكدًا أنهم مجترئون على النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم".
وأشار إلى أن "الكلمة لها خطورة كبيرة في هذه الأيام، إذا نظرنا إلى الواقع الذي نعيش فيه، فكل من ليس له علاقة بالدين، وهو غير مؤهل، يتحدث ويفتي الناس بغير علم"، موضحًا أننا "وصلنا لهذا الحال بابتعادنا عن منهج الله".
وأكّد أن "خطر الفتوى بغير علم عظيم، وضررها كبير على الفرد والمجتمع"، مطالبًا الإعلام بتحري الدقة فيمن ينقلون عنهم الفتوى.
وأكّد عميد كلية الشريعة والقانون في طنطا الدكتور سيف رجب قزامل، في ندوة نادي "سبورتنج"، أن "الكلمة أمانة ومسؤولية، وقد امتن الله على الإنسان بالبيان، وامتن على الأمة بمنهج قويم باق إلى يوم الدين، وهو القرآن الكريم، وقامت السنة النبوية بتبيان ما يحتاج إلى بيان".
وأضاف أن "المولى عزّ وجل أوكل إلى أهل العلم أن يبينوا للناس أمور دينهم، فالعلماء ورثة الأنبياء، يسعى إلى العلم كل من يريد التقرب إلى الله، لينعم في دنياه ومن هنا تأتي خطورة الكلمة والفتاوى بغير علم".
وأوضح أن "الشرائع الإسلامية لها مقاصد أساسية، ومنها حفظ الدين، والحفاظ عليه، ما يقتضي أن نقوم بإظهاره وتوضيحه وتبليغه، ومن هنا وجب على العالِم الذي يبلغ الناس، أو يفتي أن يعلم أنه يستمد تلك الولاية من رسول الله، وإذا لم يكن أهلاً لهذه المهمة، وتجرأ على الفتي فإنه يلحق الضرر بالمجتمع".
وطالب بوضع ضوابط لمن يعتلي المنابر، أو يتصدر للفتي، وأن يكون هناك عقاب لكل من يتجرأ على الفتوى، كما يوجد في بعض المهن الأخرى.
وبدوره، أوضح الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور رمضان محمد حسان أن "اقتحام ميدان الإفتاء من غير أهله يقضي إلى الكذب على الله ورسوله، وخطر الافتاء بغير علم عام، بل يتعداه إلى المجتمعات والدول، فضلاً عن الأفراد، لاسيما في الأمور المتعلقة بالعبادات، التي ترسم للمكلف معالم الطريق إلى الله".
وعدّد بعض المخاطر التي يمكن أن تصيب الإنسان جراء التجرأ على الفتوى بغير علم، مشيرًا إلى أنها "قد تستبيح الأعراض وتهدم الأسر وتضيع الحقوق المالية والعدوان على الآخرين"
وفي ندوة مسجد النصر، بيّن الباحث في الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الشيخ حمدالله الصفتي أن "العلم الشرعي يقوم على ثلاثة أركان، النصوص الشرعية، والكتاب، والسنة، والمنهج المنضبط في فهم هذه النصوص والمتأمل لاستنباط الحكم الشرعي يجد أن غياب أحد هذه الأركان يؤدي إلى أحد أمرين، غياب الحكم الشرعي فلا يعرف، وهذا هو الجهل، وأن يخرج حكم خاطئ لا ينتمي لدوحة الشريعة المحمدية الغراء".
وأضاف الصفتي أن "ما يظنه البعض من انحسار العلم الشرعي في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة فقط دون النظر إلى المنهج والعالم المتأهل خطأ كبير في التعامل مع أحكام الشريعة الغراء".
وعن أمانة الكلمة تحدث كل من وكيل كلية أصول الدين في طنطا الدكتور عبدالمنعم أبو شعيشع، ومدير عام الوعظ في الأزهر الشيخ أحمد موافي، حيث شدّدا على أهمية الكلمة وخطورتها، والترغيب في الكلمة الطيبة، والترهيب من الكلمة السيئة، وآداب الكلمة في الإسلام، لاسيما في المجال الدعوى، لأن الداعية مبلغ عن رسول الله.


أرسل تعليقك