الاقتصاد الزراعي المصري في خطر كبير والمسؤولون خارج نطاق الخدمة

أمطار غزيرة تنتظرها مصر هذا الشتاء ليس مبالغة، وإنما هذا ما سيحدث بالفعل خاصة بعد موجة الحرارة الشديدة التي شهدتها البلاد خلال فصل الصيف الماضي، فنظرًا إلى التغيرات المناخية على مستوى العالم توقع علماء البيئة والمناخ أن تشهد دول العالم اختلافًا واضحًا في درجات الحرارة بين الارتفاع والانخفاض، كما ينتظر العالم أمطارًا غزيرة نظرًا لارتفاع منسوب المياه في البحار نتيجة ذوبان الجليد بسبب الاحتباس الحراري، ولعل أبرز القطاعات المتأثرة بهذه التغيرات وخاصة الأمطار الكثيرة قطاع الاقتصاد الزراعي خاصة وأن إنتاج مصر من القمح تراجع خلال عام 2014- 2015 ليسجل 9 مليون طـن، مقابـل 9,5 مليـون طـن عام 2013-2014  نتيجة لانخفاض إنتاجية الفدان بنسبة 2.4% مقارنة بالعام السابق له، الذي يتوقعه الخبراء أن تقل الإنتاجية في الزراعة بنسبة 20% في حال استمرار سقوط الأمطار بغزارة في فصل الشتاء مما سيعمل على ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية ويؤثر على المواطن البسيط.

في البداية يقول أستاذ الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، الدكتور جمال محمد صيام، إن التغيرات المناخية ستؤثر بشكل كبير على الموارد الزراعية في مصر مما سيعمل على زيادة التصحر فمصر من أكثر بلاد العالم عرضة للجفاف، كما ستؤثر التغيرات المناخية أيضًا على المياه فسيحدث تقلبات في عنصر المياه نظرًا للجفاف والفيضانات فنحن لم نشهد معدلات الأمطار هذه من قبل لكن نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري سيزداد معدل الأمطار.

ويضيف أستاذ الاقتصاد الزراعي أن التأثير على مصر خاصة في مجال الزراعة تأثير سلبي حيث سيعمل على خفض الإنتاجية الزراعية في حدود 20%، حيث أنه هناك محاصيل لا تتحمل درجة الحرارة العالية ولا البرودة العالية وبالتالي ستتلف، فضلا عن أن الدلتا معرضة للغرق نظرًا لارتفاع منسوب البحر وانصهار القطب الشمالي فشمال الدلتا كله مُعرض للغرق وسيحدث تهجير للمواطنين وتبوير للأراضي الزراعية ويتأثر بها الفلاحين بصورة كبيرة، ولذا يجب على المسئولين الاستعداد من الآن للتصدي لذلك، مشيرًا إلى أن الثروة الحيوانية أيضًا ستتأثر بالتغيرات المناخية فعلى سبيل المثال الجاموس يتحمل درجة الحرارة العالية لكن الأبقار لا تتحملها، فضلًا عن قلة حصة مصر من مياه النيل نظرًا لبناء سد النهضة فكل هذه عوامل تأثر بالسلب على الزراعة في الفترة المقبلة.  

ويرى "صيام" أنه لمواجهة ذلك لابد أن تستعد مصر وتتخذ الاحتياطات اللازمة ومن أهمها إجراء أبحاث على المحاصيل لتغيير الأصناف بما يتناسب مع التغيرات المناخية حتى لا تقل الإنتاجية الزراعية والحيوانية، كما أننا لدينا مساحات شاسعة من الأراضي يمكن استغلال مياه الأمطار في زراعتها وتخزين مياه السيول للاستفادة منها، لكن المشكلة أن كل ذلك يحتاج لدراسات ومخصصات مالية والحكومة غير مستعدة لذلك حاليًا ولا تفكر حتى في الحد الأدنى للبحث العلمي فمخصصات مركز البحوث الزراعية 20 مليون جنيه وهذا لا يكفي شيء.

ويوضح أستاذ الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة في جامعة الأزهر، الدكتور على أبو ضيف أن التغيرات المناخية تؤثر على رُكني الموارد الاقتصادية الزراعية في مصر وهما موردا الأرض والمياه، وبالتالي على الأمن الغذائي المصري، ومن ناحية أخرى فإن تلك التغيرات المناخية ستؤثر بالضرورة على المعروض العالمي من الغذاء، مما يتبعه زيادة أسعار الغذاء العالمية، وحيث أن مصر من أكبر الدول المستوردة للغذاء في العالم فإن تلك الآثار على قطاع الزراعة ستؤدى إلى  زيادة فاتورة الغذاء المصرية، وبالتالي زيادة الضغوط على الموازنة العامة للدولة من ناحية أخرى.

ويؤكد أستاذ الاقتصاد الزراعي أن التغيرات المناخية ستؤدى إلى تَصحُر مساحات من الأراضي الزراعية وعدم صلاحيتها للزراعة وخروجها من دائرة الإنتاج الزراعي، أو اتجاه نوعية الأراضي إلى التدهور، والتي تتمثل في زيادة نسبة الملوحة لبعض الأراضي وارتفاع مستوى الماء الأرضي مما يودى ذلك إلى انخفاض إنتاجيتها، مشيرًا إلى أن  التأثيرات المناخية السلبية لا تنطوي على عنصر الأرض فقط، بل قد تؤدى السيول المدمرة في الأحيان إلى خسائر كبيرة في الإنتاج الزراعي، والذي يتمثل في تدمير بعض محاصيل الخضر وانخفاض الإنتاج المصري منها، مما يؤثر كثيرًا على ارتفاع الأسعار المحلية لتلك السلع، بالإضافة إلى تأثر محاصيل الأعلاف وخاصة البرسيم بتلك السيول المدمرة مما يتبعه ارتفاع أسعار الأعلاف الخشنة لقلة المعروض من الأعلاف الخضراء ، وبالتالي زيادة تكلفة الوحدة من الإنتاج الحيواني أكثر مما هو عليه وارتفاع أسعار اللحوم ، الأمر الذي قد يهدد الثروة الحيوانية بالكامل.

فيما يرى نقيب الزراعيين، الدكتور عبد السلام جمعة، أن التغيرات المناخية ستتسبب في زيادة كمية الأمطار هذا العام ستؤثر على الزراعة من عدة جوانب ولعل أبرزها تغيير مواعيد الحصاد وتغيير زراعة المحاصيل وبقائها في التربة وبالتالي فلابد من العمل على دراسة أصناف جديدة تتحمل درجات الحرارة العالية والمنخفضة، وإذا لم نفعل ذلك فسنتأثر بشكل سلبي بما يحدث في انخفاض الإنتاج الزراعي.