مؤتمر "الجامعات الإسلامية" يطالب باستراتيجيّة إعلاميّة إسلاميّة لمكافحة التطرف

دعا المؤتمر الدولي لرابطة الجامعات الإسلامية وجامعة أسيوط بشأن "دور الإعلام في التصدي للتطرف"، إلى أهمية وضع استراتيجية إعلامية إسلامية لمكافحة التطرف، تتوافر لها الإمكانات البشرية والفنية، بما يضمن حضورًا فاعلاً في الحرب الشرسة التي تخطط لشنّها كل دول العالم وشعوبه لمواجهة خطر يهدد البشرية جمعاء مستترًا تحت شعارات دينية والدين منها براء.

ودعت الرابطة والجامعة إلى عقد مؤتمر دولي بمناسبة انعقاد المجلس التنفيذي للرابطة والذي عقد خلال الفترة من 23-25 جمادى الأولى 1437 هجرية الموافق 3– 5 مارس/آذار 2016 في جامعة أسيوط.

وعقد المؤتمر تحت رعاية رئيس الرابطة، الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي  وبحضور وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، ومحافظ أسيوط، المهندس ياسر الدسوقي، والأمين العام للرابطة، الدكتور جعفر عبدالسلام، ورئيس جامعة أسيوط، الدكتور أحمد عبده جعيص، ولفيف من أساتذة الجامعات الإسلامية وعدد كثير من الإعلاميين والخبراء.
وعلى مدى أربع جلسات ناقش المؤتمر ثلاثين بحثًا وورقة عمل قدمها مجموعة من أساتذة وخبراء الإعلام من دول عربية وإسلامية وأوروبية، ممن سعوا إلى تشخيص ظاهرة التطرف، والأدوار التي يمكن أن تقوم بها وسائل الإعلام لمحاصرته، وقدموا ملامح استراتيجية إعلامية طموحة للتصدي للتطرف ومجابهة مزاعم المتطرفين.

وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عبر التركي عن أمله بأن تجتمع الأمة على كلمة سواء؛ لنبذ كل أنواع الغلو والتطرف في الدين، ما يؤدي إلى شيوع العنف والتطرف، وطالب بضرورة تبني وسائل الإعلام في الدول الإسلامية المعايير المهنية الصحيحة لإبراز سماحة الدين الإسلامي الحنيف، ودعوته للسلام والتعاون؛ من أجل إعمار الأرض بعيدًا عن كل مظاهر العنف والقتل والإقصاء.

وأكد جمعة دور الجامعات ومراكز البحوث العلمية والتنموية في العالم الإسلامي باعتبارها منارة للتوعية والاستنارة  بالدين  الصحيح بلا تفريط أو إفراط، وأهمية تنمية ذلك الدور بالتنسيق بين شتى الجهات الرسمية والمجتمعية والعلمية، وأعرب عن ثقته بقدرة الأمة العربية على مواجهة ما يعترضها من مخاطر بما تمتلكه من قدرات.

وأشار عبدالسلام إلى المخاطر التي تحيق بالأمة الإسلامية نتيجة فكر التشدد والغلو، ودعا وسائل الإعلام في الدول العربية والإسلامية إلى اتباع المنهج العلمي السليم وإرساء مبادىء الحوار الصحيح والتسامح الديني بعيدًا عن الشطط والانغلاق الفكري، وأوضح المهندس ياسر الدسوقي أهمية المؤتمر في فتح حوار أكاديمي وعلمي حول التصدي لظاهرة التطرف الت سببت الفتن والتصدع في المجتمع العربي إضافة إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين لاسيما بعد أن استغل منفذوه وسائل الإعلام لترهيب الناس ونشر أفكارهم الهدامة.

وحذر جعيص من خطورة جرائم التطرف على المنطقة العربية بأسرها مما يتطلب العمل المنظم لحماية الشباب من تلك الجرائم وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام وقيمه، والاصطفاف للدفاع عن صحيح الدين ضد محترفي التطرف، وأشارت أ.د. سحر محمد عبدالجيد، مدير مركز دراسات المستقبل في جامعة أسيوط، إلى دور الإعلام المسؤول في ترسيخ القيم والتوعية بقضايا المواطن وهمومه وحقوقه، وحذرت في الوقت نفسه من الإعلام السلبي الذي يتناول الحوادث المتطرفة بشكل يثير التعاطف معهم ويغري بالاقتداء بهم.
وبعد المناقشات التي استمرت ثلاثة أيام، أشاد المؤتمر بالجهود الحثيثة التي تقوم بها جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ لمواجهة قوى التطرف، ويقدر جهود رابطة العالم الإسلامي في مكافحة التطرف من خلال المؤتمرات والأبحاث والبرامج المتنوعة في مختلف أنحاء العالم.

وأكد المؤتمر أن مسؤولية الإعلام يجب أن ترسخ منظومة القيم التربوية النبيلة التي تنطلق من صحيح الدين بوصفها الخطوة الأولى لبناء الإنسان المسلم القادر على مواجهة التطرف من خلال تعزيز برامج التربية الإعلامية في الدول العربية والإسلامية، وضرورة دعم حرية الرأي والتعبير وصيانتها شريطة أن تكون حرية مسؤولة ومنضبطة بقيم الإسلام وأحكامه، وأن تسعى إلى البناء لا الهدم، وأكد أهمية تنفيذ مواثيق الشرف الإعلامي التي تنصّ على مراعاة المعايير المهنية والأخلاقية عند نشر ما يتعلق منها بالعمليات المتطرفة، والحد من التجاوزات التي تقع فيها بعض وسائل الإعلام والتي تسهم في انتشار ظاهرة التطرف والغلو والإقصاء.

كما شدد على أهمية تكامل الجهود بين المؤسسات الإعلامية والثقافية والتربوية والدينية المختلفة في العالم الإسلامي؛ لوضع خطة استراتيجية لمكافحة التطرف والتصدي له، حتى لا تكون الحلول الأمنية "مع أهميتها" هي فقط التي تتصدر المشهد في المواجهة، وأهمية اضطلاع وسائل الإعلام بتبصير الرأي العام المسلم بأهمية دور الأسرة في حماية الأجيال الناشئة من السقوط في براثن التطرف والعنف.

وأوضح المؤتمر ضرورة قيام وسائل الإعلام بالمناقشة الواعية والدقيقة لمفاهيم الجماعات المتطرفة من خلال المتخصصين، والكشف عن أخطارها وتفنيد حججها والرد عليها من خلال توظيف القوالب والأشكال الإعلامية التقليدية والجديدة والتركيز في الرسائل الإعلامية الموجهة للغرب على التمييز بين حرية الرأي والإبداع والتي ينبغي احترامها والدفاع عنها، وبين مسؤولية الإعلام الغربي في ضرورة احترام أديان الآخرين وعقائدهم، وعدم الربط القسري بين الإسلام والتطرف، والتأكيد على أن الأخير لا دين له، وتنفيذ التوصيات التي خلصت إليها المؤتمرات الدولية بشأن التناول الإعلامي للرموز الدينية.

وأكد أهمية عدم إفساح المجال في وسائل الإعلام أمام الدخلاء ومدعي العلم ممن يشوهون الصورة الصحيحة والمشرقة للإسلام ويثيرون الفتنة والتعصب والكراهية، وتفعيل دور وسائل الإعلام بالدول الإسلامية في الجهود المبذولة لدعم الجاليات الإسلامية في الخارج للقيام بدورها في تجليه حقائق الإسلام والذود عنه والتعريف بمبادئه السمحة، وضرورة اهتمام أقسام وكليات الإعلام بالجامعات الإسلامية على إعداد الكوادر الإعلامية القادرة على المنافسة، وتزويدها بمناهج أخلاقيات الإعلام وآداب الحوار مع الآخر في ضوء تعاليم الإسلام الحنيف، وأوصى بضرورة التعاون بين مختلف المؤسسات في الدول الإسلامية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من ظاهرة التطرف الإلكتروني باعتبارها من أهم أدوات الجماعات المتشددة لنشر أفكارها.

وفي هذا الإطار سترعى رابطة الجامعات الإسلامية عقد ندوة يشارك فيها الإعلاميون وعلماء التكنولوجيا الحديثة؛ لإيجاد السبل الكفيلة لملاحقة المتطرفين عبر شبكة الإنترنت والإعلام الرقمي، بما يكفل مواجهة علمية صحيحة لهم، وفي الختام، دعا المؤتمر إلى أهمية وضع استراتيجية إعلامية إسلامية لمكافحة التطرف، توفر لها الإمكانات البشرية والفنية بما يضمن حضورًا فاعلاً في الحرب الشرسة التي تخطط لشنها كل دول العالم وشعوبه لمواجهة خطر يهدد البشرية جمعاء مستترًا تحت شعارات دينية والدين منها براء.