توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في رائعة باتريشيا جريس "تيو"لا شئ يعود كما هو بعد الحرب

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - في رائعة باتريشيا جريس تيولا شئ يعود كما هو بعد الحرب

القاهرة ـ وكالات

دخلوا حربا ليست حربهم ،  حالمين بالمجد و المساواة  ، دفعوا الثمن باهظا لنيل حقوق المواطنة و الشرف  فى بلدهم الأم ، فهل تحقق لهم ما أرادوا ؟ عن الكتيبة 28 الماورية نتحدث  ، و الماوريون هم السكان الأصليون لنيوزيلندا الذين أصبحوا مواطنين درجة تانية فى موطنهم الأم بعد القادمين من أوروبا ، وقد اعتمدت الكاتبة النيوزيلندية " باتريشيا جريس " على مفكرة والدها الذى كان عضوا بالكتيبة 28 و رحل للانضمام للحرب العالمية الثانية و هى فى السابعة  من عمرها  ، لتنسج لنا أحداث روايتها  " تيو " الحاصلة على جائزة مونتانا للرواية و ميدالية " ديوتيز " .تتحدث المؤلفة أن  الرواية كانت بمثابة رحلة بحث متعمقة و مروعة فى ذات الوقت ، بعد 20 عاما من وفاة والدها بالحرب ، شغفت باتريشيا بمعرفة كل ما يتعلق بهذه الكتيبة من المتطوعين ، واستعانت بكل مصدر متاح بشهداء عيان عايشوا الحرب و عائلات الجنود المتوفيين و كذلك المؤرخين و الباحثين و الصحفيين الذين أرخوا عن فرقة المتطوعين الماورية ، وأخيرا ضمنت باتريشيا روايتها بالتراث الشعبى و الموسيقى التي غنتها الكتيبة وسط التفجيرات و الأشلاء المتطايرة ! " الحرب فى هزائمها و انتصاراتها تحدث شرخا فى الحياة ، بحيث لا تعود مطلقا كالسابق " هذا ما أكدت عليه باتريشيا فى كل سطر وهذا ما سنراه لاحقا . .تبدأ الرواية من مصحة عقلية حيث يقيم البطل " تيو " الذى يرسل مذكراته ، إلى أبناء أخيه مؤكدا لهم أن هذه المذكرات لم تكتب ليقرأها أحد و أنه أراد إحراقها أكثر من مرة ، و لكنها بقيت ليتعرفا من خلالها على حقيقة والدهم الذى مات قبل أن يروه و يتعرفوا إليه . عم الجدل  نيوزيلندا ، هل على الفرقة الماورية الذهاب للحرب أم لا ، فيرى البعض أنه يكفى من ماتوا فى الحرب الأولى ، فهذة ليست حربهم على أى حال ، و كان يرى البعض الآخر  أن ربما هذة فرصة للمساواة مع " الباكيها "  النيوزلنديين من أصول أوروبية ، فالرجل الملون يجب ان يمتلك من القدرات ضعف ما يمتلكه الرجل الأبيض حتى يتساوى معه ، رغم أن المعاهدة تقول أمة واحدة !! ترك  " تيو "المدرسة مخيبا آمال أسرته التى ضحت بالكثير لتعلمه ليصبح ذو شأن ، و لكنه منذ رأى فى طفولته مسيرة الجنود و هو علم  إلى أين ينتمى ، أراد " تيو " دوما كونه الأخ الأصغر الذى يحاول الكل حمايته و مراقبته أن يخرج إلى العالم  و أن يعيش المغامرة و يكون مصدرا لفخر بلاده ،و يساهم فى إنهاء الحرب .  "بيتا" الأخ الأكبر كان يتمنى أن تنتهى الحرب خوفا على أخويه خاصة الصغير تيو ، و لكن تيو كان ينتظر بشوق متى ينطلق لساحة المعركة ." بيتا "  كان شخصية منطوية فقد شب قبل أوانه ، ليقوم بدور الأب و الراعى لأسرته و يطلق عليه الجميع " الأب الصغير  ، و رغم عودة والده من الحرب ، و لكنه عاد كومة مترهلة لا يظهر منه سوى رأسه المضمدة ، لا يشبه كثيرا صورة الجندى الضاحك المعلقة بالمنزل ، أما رانجى فكان يشبه والده كثيرا قبل ذهابه للحرب ثرثار كثير الضحك وكثير المتاعب .كنت الأم تقول دوما " عودة أبيكم المسكين إلى البيت من الحرب لا تعنى أنه لم يمت هناك "  ، كان الأب صامتا كئيبا يبدو كالتائه ، نادرا ما يشترك فى حديث أو يبتسم وجهه ، و بعد فترة أصابته نوبات  كانت تبدء بالنظرات الشاردة و الهمهمة ثم الصراخ ، و نوبة لتكسير كل ما حاوله حتى أنه كاد أن يقتل الأم فى مرة ، و جرى بيتا يستنجد بأعمامه ، و عندما كبر قليلا استطاع أن يثبته بنفسه حتى يهدء ،ترك بيتا المدرسة كان يخشى أن يصيب الأم مكروه فى غيابه ، لم يكن له أصدقاء لم يكن يلعب و عندما يخرج يظل فى محيط البيت مترقب صرخة قد تصدر.كانوا خمسة من الأخوة منهم بنتان و كان تيو الصغير يتم إبعاده ليمضى  العديد من الوقت مع خاله " جو" يتعلم  الصيد و فنون القتال  كان تيو الذى حموه من نوبات الهلع والغضب ، كان أملهم فى المستقبل ،مات الأب و حررهم جميعا ، ليقرروا الرحيل إلى " ولينجتون " إلى خالهم فى البرلمان ، تاركين ورائهم الذكريات الحزينة ، بحثا عن بداية جديدة ، ليجدوا أن فى انتظارهم شيئا آخر .بعد وصول الأخوة ايطاليا تنقلوا بين عدة مدن يواصلون التدريبات  و أصوات الحرب قريبة ، يمضون أوقاتهم فى الغناء و اللهو ، ينامون فى برد قارص و تحت سيول الأمطار ، فى انتظار دورهم للانضمام للمعركة ، حتى جاء دور الكتيبة 28 للإنضمام  . و فى أول احتكاك لهم لم تستطع الدبابات أن تلحق بالجنود لتوفر لهم الحماية و اضطروا للتعامل مع " الجيرين " الألمان كما يطلقون عليهم ، ووجدوا أنفسهم محاصرين من جميع الجهات ،و كان " رانجى " الأخ الأوسط كالظل بارع فى المعركة . فى ساحة القتال يصبح العدو بلا وجه ، لم يشعر تيو بالكراهية تجاه أحد من قبل ، و لا يعلم لماذا " الجيرى "عدوه ، قائلا ربما يكون عدو الإنسانية ، و لكن كل ما عليك فعله أن تحاول البقاء حياً ، يقول تيو : الحرب اشبه بلعبة القط و الفأر ، الحياة أو الموت بدون توقف " لا تعلم هل ستكون القط أم الفأر " . وسط ضجيج المدافع و الرشاشات و صرخات الرجال ، و اصوات الطائرات تحوم فوقهم تمطرهم القذائف من كل جهة ، و الشظايا تتناثر فى كل مكان ، اضطروا فى أول يوم لهم فى المعركة الاحتماء فى المقابر ، وسط عظام الموتى و الذى كان الأكثر هولا . كانت أكثر الصعوبات التى واجهتهم جبل أولمان " جبل الرجل العجوز " فيه يتربص بهم الألمان من كل صوب ، تعرض تيو لقذيفة كادت أن تودى بحياته ، ولاحقا عانت الكتيبة من خسائر فاضحة مما جعل الجميع يعانى من صدمات و  أمراض عصبية .رائحة الموت النتنة عالقة بالجو ، مدن كانت يوما رائعة الجمال هى الآن حطام  ، فى كل مكان يرون المدنيين نساءاً و أطفالاً و عجائز شردتهم الحرب ، يكسو وجوههم الرعب ، ينامون فى الخرائب و الكهوف .كان بيتا ساذجا فطريا  ، رجلا وحيدا فى وسط أسرة لم يتعلم الحديث عن الحكومة و الطقس و أسعار الأشياء ، لا يحبذ الحديث يخشى أن يحرج نفسه ،  ويشعر أن آلاف العيون موجهة حوله ، أحب جيس فتاة محل الحلوى ، و لكنها كانت بالنسبة له بمثابة الحلم الذى يعرف أنه لن يتحقق حتى و لو أصبح العالم حرا ، أحبته جيس أيضا رغم أنه لم يفصح لها أبدا عن مشاعره ، أحبته رغم أنها تعلم أنها لن تكون له فهى ليست ماورية و لا كاثولوكية  كما تريد له عائلته . تزوج بيتا من آنى روز و التحق بالحرب، و مات هناك قبل أن يعلم أن له طفلان قادمان للحياة ، " أن الشعور العميق بالحزن يشبه موتا داخليا يتجاوز الدموع " هكذا شعر الأخوان بفقدان أخيهم الأكبر ، رانجى لم يعد الشخص المرح كما كان ، انطفأ قلبه من هذة الأنقاض ، و تحول  لحارس تيو . اتفق رانجي وبيتا (قبل أن يرحل) على أن يرسلا أخوهما "تيو" للوطن؛ وفي الواقع كانا يريدا إبعاده عن ساحة الحرب والموت . لقد تمكن رانجي من إحداث جرح قطعي "غير مميت" لأخيه في ساحة الحرب عن عمد ، وبالفعل تم ما أرادا . لكن تيو حين يعلم بذلك أثناء وجوده بالمستشفى يشعر بأسى بالغ؛ فهو يشعر الآن كما لو خرج من الحرب بطريقة غير شريفة ليبدو وكأنه بطل في بلاده . انتهت الحرب و مات " رانجى " و شاعت الاحتفالات فى كل مكان بالنصر ، و تيو بالمشفى أصيب بالتهاب كبدى بسبب الجرح الذى لن يمكنه من الزواج و تكوين أسرة ،  فرح لأنه سينضم لكتيبته قبل الرحيل ، لم يشعر بالانتماء قط سوى للكتيبة 28 هى الوطن هى العائلة . بعد عودته آثر الابتعاد عن عائلته عن صور أخوته الأبطال .. سامحهما رغم حزنه .. واعتكف على كتابة كل شيء جرى .. الآن فقط بعد أن سلم المذكرات للطفلين شعر بأنه له دور حقيقى ، عاش ليحكى لهم عن أبويهما ليعرفا الحقيقة ، أنهما ليس أشقاء ، بل أبناء عمومة ، عاش ليلتمس منهما أن جاءت حرب أخرى و ستجئ إلا يشتركوا فيها . الآن فقط عندما ينظر للوراء يرى أن كل الخطط حمقاء إلهاء من أجل خطة أكبر ، تعبر عن عقم و فشل الأوامر العليا  ، كانت الحرب ثمنا باهظا للمواطنة و حلم المساواة ، أصابت  أمتهم الصغيرة بالعجز و الوهن .

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في رائعة باتريشيا جريس تيولا شئ يعود كما هو بعد الحرب في رائعة باتريشيا جريس تيولا شئ يعود كما هو بعد الحرب



GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon