توقيت القاهرة المحلي 00:43:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل أضحى «تويتر» مكاناً لحملات التضليل؟

  مصر اليوم -

هل أضحى «تويتر» مكاناً لحملات التضليل

بقلم - ليونيد بيرشيدسكي

استمرت عملية تشويه الذات المنظمة بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» التي جاءت نتيجة لتصيد الأخبار والفضائح لشهور طويلة، لكن التأثير المحسوس لذلك كان ضئيلا. ومؤخراً أعلن مؤسس موقع «تويتر» ومديره التنفيذي جاك دورسي أن شركته ستجرب مساراً مختلفاً، لكن نتائج نهج دورسي تبدو بعيدة المنال، بالمقارنة بما فعله نظيره مؤسس «فيسبوك» مارك زوكربرغ، حيث يسعى الأول لأن يظهر الفوضى الاجتماعية التي تسبب فيها «تويتر» على أنها مشكلة هندسية بحتة.
ففي عدد من التغريدات عبر «تويتر» مؤخراً، اعترف دورسي بأن الموقع أصبح مكاناً «للظلم والتحرش وجيوش المتصيدين، والاستقطاب من خلال الروبوتات، والتنسيق البشري، وحملات التضليل، وغرف الصدى الإعلامي التي لا تسعى سوى إلى بث روح الفرقة والانقسام» وأن «تويتر» ليس سعيداً بالطريقة التي تعامل بها مع ما يجري عبر منصته. ولهذا السبب، فإن إدارة «تويتر» ستسعى إلى إيجاد حل «شامل» من خلال محاولة قياس مدى «صحة» الحوارات التي تدور عبر منصته. فأدوات القياس التي صممت بالتعاون مع خبراء خارجيين من المفترض أن تساعد في تصميم خدمة للتخلص من كل ما يسيء من دون الحاجة إلى فرض رقابة.
لكن هذا النهج يختلف عن أسلوب معالجة «فيسبوك» لنفس المشكلة. بالنسبة للمبتدئين، لم يطلب الموقع النصيحة من أي شخص (وهنا يجب ألا نضع في اعتبارنا الجولة التي طاف خلالها زوكربرغ أرجاء الولايات المتحدة ليستمع لآراء المستخدمين، لأنه لم يوضح بدقة ما يبحث عنه، عكس ما فعل دورسي في «تويتر»).
فقد اخترع «فيسبوك» بعض الحلول الممكنة مثل العمل مع مدققي الحقائق لتحديد الأخبار الزائفة والتركيز على المحتوى الصادر عن الأصدقاء، لا الصادر عن الناشرين. كذلك حاول «فيسبوك» وضع المحتوى الصادر عن الناشرين في شبكة إخبارية منفصلة، وهو الاختبار الذي لم يستمر طويلا لأن الناس لم يرق لهم وجود شبكتي أخبار في موقع التواصل. وتطوع الموقع كذلك بالكشف عن المزيد من المعلومات عن مشتري الإعلانات السياسية.
ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات قد فعلت أي شيء لحل تلك المشكلات. وما زال لدي عشرات الآلاف من «المشتركين» المزيفين الذين ظهروا بعد نشاطي في احتجاجات عام 2011 في موسكو، وحسبما رأيت، لا يزال هناك الكثير من المحتوى المثير للتساؤل والوارد من مصادر ذات ميول سياسية حزبية. فبحسب تحليل أجرته مؤخراً مؤسسة «نيلسون» المختصة بأبحاث الإعلام بالتعاون مع شركة مجموعة «بيفوتال» البحثية، فإن الوقت الذي يقضيه المستخدمون على موقع «فيسبوك» أخذ في التراجع بنسبة 4 في المائة حتى ديسمبر (كانون الأول) 2017، وتراجع اهتمام مستخدميه بنسبة 16.7 في المائة، مقارنة بنسبة 18.2 في المائة قبل ذلك بعام. بالمقارنة مع «تويتر»، فقد تراجع الزمن الذي يقضيه المستخدمون على الموقع بنسبة 14 في المائة، فيما تراجعت نسبة اهتمامهم بمحتواه بنسبة 0.8 في المائة، مقارنة بنسبة 1.1 في المائة خلال الفترة ذاتها، وهو ما جعل مجموعة «بيفوتال» البحثية تصفها بأنها «منصة لائقة» تحتاج لأن تفعل شيئاً ما يجذب الناس إليها، لا أن ينفرهم منه. ولذلك من الممكن للمرء أن يتفهم احتياج مصمم البرامج دورسي لعملية إعادة التقييم من الصفر. جاءت نقطة البداية عن طريق شركة «كارتيكو» التي خرجت من معهد «ماسيتشوسيتس لاب» للتكنولوجيا الذي يعمل على عدد من «المؤشرات الصحية» للمجال العام استناداً إلى أربعة مبادئ أساسية هي الاهتمام، ومعناه إلى أي مدى يهتم الناس بموضوع معين؟ والواقع المشترك، ويعني أن مجموعة من الناس تتناول نفس مجموعة الحقائق، والتنوع، ويعني الناس المعرضين لتلقي آراء مختلفة، والتقبل، ويعني الاستعداد للاستماع لتلك الآراء المختلفة.
لو كان هناك عدد من الإجراءات الشفافة والمعلنة لتحديد «صحة المناقشة» على «تويتر» أو على غيرها من منصات التواصل الاجتماعي، كان من الأحرى بشبكات التواصل عدم التصارع مع المشكلات الصغيرة مثل «الأخبار الزائفة»، أو مشكلة «التحرش». وهنا كانت الشبكات ستقوم بتقسيم ردود فعلها إلى إجراءات صغيرة تتولى تحريك المقاييس ثم بعد ذلك يقوم الموقع بإبلاغ عامة المستخدمين (ومديري الموقع) بأن مستوى المحادثة قد تحسن.
المشكلة الأكبر فيما يخص هذا النهج هي أشبه ما يكون بما يفعله «البنك الدولي» من تقييم لمؤسسات الأعمال بصفة منتظمة، وهو الإجراء الذي يتلاعب به مسؤولو الأنظمة الفاشستية الذين يسعون إلى تغيير مؤشرات أدائهم لصالحهم. وبحسب هذا التقييم فإنه من الأسهل العمل بمشاريع تجارية في روسيا في عهد بوتين مقارنة ببعض دول الاتحاد الأوروبي، وذلك على الرغم من غياب الضمانات الحقيقية لعدم مصادرة المشروعات التجارية بقوة القانون من قبل مسؤولين ربما يروق لهم الاستيلاء على تلك المشاريع. فتلك المقاييس مفيدة للمديرين، لأنها تعطيهم هدفاً محدداً، وهو تحريك المقياس بأي وسيلة متاحة لهم. ولنفس السبب، ربما تكون هذه المقاييس عديمة الفائدة للمستهلكين الذين سيحصلون على ما يرونه، ولن يكون هذا بالضرورة هو نفس الشيء الذي جرى قياسه.
المشكلة الثانية هي أن المحادثة لا يمكن تصميمها حسابياً، ولا حتى قوانين «اتحاد أوكسفورد» تستطيع ضمان النجاح مائة في المائة لحوار مدني، خاصة إذا كانت الأطراف المتحاورة مجهلة كما هو الحال في أغلب الأحوال، ومجرد روبوتات.
اختار دورسي أن يتجاهل المشكلات الواضحة وذلك بتجهيل المصدر، وباستخدام شخص واحد لعدة حسابات، وباستخدام الروبوت، ومن ثم كان هناك سجل للملاحظات يُستطاع من خلاله ملاحظة تحسن الأداء في «تويتر». ويمكن أن تكون لوحة القياس تلك ذات تكنولوجيا عالية (ربما تكون بشرية أو نصف بشرية حسبما تقتضي الحاجة). مصطلح «التصميم الاجتماعي» هو مصطلح يعني استخدام التكنولوجيا المتواضعة للتلاعب بالناس بدفعهم إلى فعل شيء لم يكونوا ينوون فعله، مثل كشف بياناتهم الشخصية أو نشرها علانية ليشعروا بالخجل.
اليوم قمت بحظر العديد من الحسابات التي لم يكن لها أي متابعين تقريباً بعدما حاولوا إهانتي. أفعل هذا كل يوم تقريباً، فمن غير السار التعامل مع مثل هذه الحسابات. ووفق قوانين «تويتر» أيضا لا يمكن تجنب حدوث ذلك.
إن لم نتأكد من الشخص الذي يتحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما هو الحال في الإعلام التقليدي، وإلى أن نتمكن من فرض عقوبات على المخطئ والمتحرش، فلن تسير مواقع التواصل الاجتماعي على ما يرام.
العلاج هنا أشبه بالدواء المر لمهندسي الشبكات الذين يعتقدون أن التكنولوجيا وحدها بمقدورها حل أي مشكلة. لكن الواقع يقول إن المشكلة لن تحل إلا بوضع الناس في نفس المناخ الذي يضعهم وجهاً لوجه أمام محدثهم كما هو الحال في الإعلام التقليدي، وهو المناخ الذي يجعل من الكذب والإهانة جريمة وخيمة العواقب.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أضحى «تويتر» مكاناً لحملات التضليل هل أضحى «تويتر» مكاناً لحملات التضليل



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon