توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صف واحد

  مصر اليوم -

صف واحد

بقلم - تغريد الطاسان

في كل مرة أزور فيها دبي أخرج بتساؤل: كيف استطاعوا أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ وكيف استطاعوا المحافظة عليه والاستمرار فيه، وتطويره متى لزم الأمر؟ من البدهي أن ما تم لم يكن في يوم وليلة، ولا في سنة ولا عقد من الزمن، هي خطة شاملة وضعت لتدوم وتستمر، وتكفل لها كل عوامل النجاح والتفوق. ما تمر به بلادنا الآن أشبه بما مرت به دبي من قبل، هناك إرادة سياسية للتغيير، وهناك مقومات اقتصادية لا بد منها، وهناك تشريعات تصدر لتكفل لكل خطة نموها واطرادها. من السهل اتخاذ القرار وإلزام الكل إياه، لكن من الصعب الحصول على التناغم المجتمعي والتعايش الفردي من دون الخوض في صراعات ومناكفات.

من المؤكد أن ما يحدث في دبي من تفاعلات اقتصادية واجتماعية وثقافية لن تنال الرضا من الكل، لكن في المقابل هناك إيمان بالقرار وتفاعل مع الرؤية، ووجود الخيارات لا يعني إلزامها، فأنت أعلم بحاجاتك، ولك هويتك وقناعاتك التي لن يخاصمك عليها أحد! وهنا التحدي العسير الذي تواجهه خطط التنمية في المجتمعات، وهي: كيف نضمن الحرية الخاصة من دون المساس بالحريات العامة؟ وكيف نسمح بالاختلاف من دون المساس بالنظام العام؟

ما يعجبني في دبي هو تسارعها في البحث عن الأفضل، والسماح للأفكار أن تتنامى وتتداعى وتتنافس في فرض نفسها وتقديم ما لديها للأفراد والمجتمع. من الظلم أن تكون هناك إرادة من القيادة ويقابلها فتور وجمود، بل وصد، من جهات معينة، ومن الخطأ أن تكون الحكومة وكأنها ليست بفريق واحد، لا بد لكل جهة أن تؤمن بالقرار وتعمل عليه وفق تخصصها، من دون الخوض في رماديات لا طائل منها.

في زيارات ولي العهد الأخيرة لبريطانيا وأميركا، هناك ملامح للمستقبل ترسم، وهناك خطط ومناخات وتضاريس لواقع لبلادنا مدهش، قد نكون تأخرنا كثيرا وفاتنا كثير، لكننا مانزال نملك الكثير لنحققه ونلحق به، لكن لا بد أن يواكب هذا كله رغبة اجتماعية وتفاعل للأفراد معه، لنضمن تحقيق الأهداف والغايات بسرعة.

الحكومات والدول لا تعمل لأجل اليوم ولا تنظر حولها، بل تفكر في الأجيال التي ستأتي، وتنظر إلى الركب والمستقبل، فتركض إليه وتفوز بالمراتب المتقدمة فيه.

الاستثمار الذي تم في طلابنا المبتعثين لا بد أن نجني ثماره، ولا بد للكل أن يجد له دورا، ويبحث له عن مكان في منظومة التطور المقبلة.

مهما نجحت الخطط الاقتصادية، ومها كانت الإرادة السياسية، فلن يكتمل النجاح من دون توافق اجتماعي يؤيد كل شيء ويسمح بكثير من سبل الحياة، من دون الركون إلى نص قديم أو البحث عن صوت نشاز يجعلنا نضيع الوقت في ما لا طائل منه.

وكعادة فطرة المجتمعات البسيطة والمتدينة، كمجتمعنا، أن تأنس إلى رأي العلماء ورجال الدين، فلا بد لهؤلاء النخبة أن تكون لهم كلمتهم العليا، وأن يطمئنوا الكل إلى أن كل شيء كما يجب، وكل شيء لخيرنا، وألا ضرر على ثوابتنا ولا معتقداتنا، وأن في ديننا من الفسحة والتيسير ما يسمح لنا بالحياة من دون الخوض في صراعات مللنا منها وحجبت عنا كثيرا من النور.

نحن في مرحلة الصف الواحد، والجسد الواحد، إيمان بما سيتم، وفرح بما تم، ونصرة له من على كل منبر وفوق كل صعيد.

دبي وصلت إلى ما وصلت إليه بالحرية المسؤولة والإرادة المنضبطة والقراءة الصحيحة للثوابت والمتغيرات، من دون الخوض في جدل بالعلن، فالأبواب مفتوحة للرأي والرأي الآخر، ويبقى القرار في يد القوي الأمين، الذي نثق به ونعلم علم اليقين أنه يفعل كل شيء لنسعد وتسعد البلاد معه وبه.


نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صف واحد صف واحد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon