بقلم - عبير حمادة
أدرت لحاظي أتتبعه وهو يتلفت بوجل واحتراز عن يمينه وعن شماله في حركات متسارعة ومتلاحقة مراقبا لوحات إشارة المرور الرقمية، وكأنه يسجل ما تبقي من ثوان ليحسب معادلته ويحدد سرعته المطلوبة، ثم يشرع بكل قوته المستمدة من معاناته في دفع إطارات عجلات كرسيه المتحرك؛ ليحرز قصب السبق ويصل إلي الجانب الآخر من الطريق قبل أن تأذن الإشارة الصماء بمرور السيارات ويجد نفسه عالقا في زحام ﻻ يرحم. حمدت الله أن عافانا مما ابتلي به كثيرا من خلقه حين تخيلت كم يعاني في يومه كم مرة يعيش ذلك الترقب والتوتر والقلق حين يروح ويجيء من وإلي أي مكان لكن تخيلي ﻻ يعدو غيضا من فيض معاناة يومية يتكبدها كل ذي إعاقة وينوء بتحملها ذوو العزائم الفوﻻذية.
في تلك اللحظة تذكرت كيف انتفضت اليابان في السبعينيات ثأرا لامرأة عمياء لقيت مصرعها تحت عجلات قطار كانت قد خرجت بمفردها لتستقله. حينها أثار الحادث المفجع استياء اليابانيين إلي حد إعلان الحداد العام والمطالبة بالثأر لها فقامت الدولة ليس بإقالة الحكومة فحسب، بل بوضع خطة شاملة علي مستوي اليابان لخدمة ذوي الإعاقة جميعا وليس المكفوفين فقط وتخصيص مسارات وطرق خاصة بذوي الإعاقة تعينهم علي ممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون مساعدة من أحد، وكتب علي تلك المسارات »تخليدا لمن أيقظت ضمير الشعب الياباني».
هذا العام أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي عاما لذوي الاحتياجات الخاصة بعدما ظلوا عقودا طويلة خارج مدي رؤية الحكومات المتعاقبة ومسئوليها. تلك الشريحة العريضة التي تتراوح ما بين 11 إلي 14 مليون مصري قد تختلف إعاقاتهم ما بين سمعية أو بصرية أو حركية لكنهم يتكبدون معاناة واحدة يوميا ناهيك عما يعانونه من سوء وعي وتعامل مع حالاتهم في المواصلات والاماكن العامة وعدم تخصيص مسارات لهم أو وسائل انتقال تتناسب مع ظروفهم.
ذوو الاحتياجات الخاصة أحوج ما يكونون إلي تغيير جذري في منهجية التعامل معهم علي كل الأصعدة وأتمني ألا يمضي هذا العام دون تغيير حقيقي يتلمسه ذوو الإعاقة، يودعون به سنين التهميش والمعاناة خاصة في ظل رغبة حقيقية وأكيدة في تغيير أوضاعهم
نقلا عن الاخبار القاهريه