توقيت القاهرة المحلي 22:21:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب وخاشقجى.. الأموال أم المبادئ؟!!

  مصر اليوم -

ترامب وخاشقجى الأموال أم المبادئ

بقلم - عماد الدين حسين

يوم الجمعة الماضى سأل الصحفيون فى البيت الأبيض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب: هل ستوقف المشتريات السعودية من الأسلحة الأمريكية، أو تمنع استثماراتهم على خلفية اختفاء الصحفى السعودى المعارض جمال خاشقجى؟.

إجابة ترامب كانت مباشرة وصادمة، حيث قال نصا: «السعوديون ينفقون ١١٠ مليارات دولار على شراء عتاد عسكرى من أمريكا، وعلى أمور توفر وظائف بالنسبة لبلدنا، لا أجد فكرة وقف استثمار بقيمة ١١٠ مليارات دولار فى الولايات المتحدة جيدة، لأنه هل تعلمون ما الذى سيفعلونه؟ سوف يأخذون هذه الأموال، وسينفقونها فى روسيا أو الصين أو أى مكان آخر، والأمر يشبه قرص دواء من الصعب على بلدنا ابتلاعه!!».

ترامب لم يحاول أن يزوق كلامه، ويريد أن يقول ببساطة: «ما يهمنى هو الأموال والاستثمارات وليذهب أى شىء آخر إلى الجحيم!».
لا أعرف ما الذى جرى لجمال خاشقجى، وعلى الرغم من اختلافى الكامل مع معظم أفكاره، القريبة من جماعة الإخوان، لكن اليوم أتعاطف معه كإنسان أولا وأخيرا، وأدين بأشد العبارات الممكنة أى استهداف لحياته، أو لحياة أى إنسان خارج نطاق القانون، وأتمنى أن ينتهى الأمر بمعجزة تظهره حيا، أو على الأقل تقدم تفسيرا صحيحا لما حدث له.

حديثى اليوم ليس عن واقعة الاختفاء، ومن هو المتهم ومن هو البرىء، فلا يوجد كلام رسمى نهائى حتى الآن، لكن أتحدث عن خطورة تصريحات ترامب التى يفترض أن تقدم لنا كيف تصوغ الدول الكبرى سياساتها، وما الذى يحدث حينما تتصادم المبادئ مع المصالح؟
هو حاول لاحقا التخفيف من كلامه الصادم، بقوله إنه سيبحث عن طريقة لمعاقبة السعودية، لكنه كرر أنه لن يوقف مبيعات الأسلحة لها.
ترامب قال أمس الأول: «فى هذه المرحلة يبدو أننا لم نجده بعد ولن نجده، وهذا محزن جدا». ويوم الأربعاء قال: «هناك احتمال أن يكون السعوديون قد قتلوه فى داخل القنصلية، وحدسى أن أمرا مثل هذا حدث، وسأشعر بالغضب إذا صح ذلك».

وبالتالى حينما يقول ترامب بعد ذلك بأيام أنه لن يوقف الاستثمارات أو مبيعات الأسلحة للسعودية على الرغم من إلحاح وغضب كبار المشرعين فى الكونجرس، فهذا يلفت نظرنا، خصوصا المثاليين بيننا، إلى كيف تفكر الدول الكبرى؟!.
بعض هؤلاء المثاليين يعتقدون أن الأمريكيين لا هم عندهم إلا قضايا الحريات وحقوق الإنسان وضرورة تطبيق قانون «ماجنتسيكى» الذى ينص على معاقبة مسئولين دوليين فى الخارج على علاقة بقتل أو تعذيب أو انتهاك كبير لحقوق الإنسان، وتقديم تقرير للكونجرس فى غضون ١٢٠ يوما مع قرار فرض العقوبات.
ترامب وهو رئيس أقوى دولة فى العالم، يقول عبر هذا التصريح الفج: «الأهم عندى هى المصالح الاقتصادية وفرص العمل والصفقات، وليس المبادئ أو الحريات أو حقوق الإنسان».

بالمناسبة بريطانيا فعلت الأمر نفسه قبل ١١ عاما حينما قرر رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير فى نوفمبر ٢٠٠٧ إيقاف التحقيق القضائى فى قضية الرشاوى فى صفقة الأسلحة الضخمة المعروفة إعلاميا باسم «صفقة اليمامة» وكانت بقيمة ٦٨ مليار دولار، وقال وقتها: «حتى لا تتضرر العلاقات مع السعودية لأنها شديدة الأهمية فى الحرب على الإرهاب وكى لا تفقد بريطانيا آلاف الوظائف». حدث ذلك لأن التقارير الصحفية، قالت وقتها إن الحكومة السعودية ستوقف الصفقة إذا استمر التحقيق البريطانى. ونتيجة لذلك أقرت أعلى هيئة قضائية فى بريطانيا فى مجلس اللوردات قانونية إيقاف التحقيق».
شىء من هذا القبيل حدث أيضا حينما طلبت الحكومة السعودية من الحكومة البريطانية، ترحيل المعارض السعودى المعروف محمد المسعرى وكذلك سعد الفقيه.
هل معنى الكلام السابق أن أمريكا وبريطانيا تتشابهان مع ما يحدث فى العالم الثالث والمتخلف بشأن حقوق الإنسان وحريات التعبير؟!.
بالطبع الإجابة هى: لا. لايزال فى هذه البلدان مجتمعات حية وصحافة حرة ومؤسسات مستقلة قادرة على التصدى لترامب شخصيا، لكن الحكومات ليست مثالية، كما يعتقد البعض عندنا. مصالحهم تأتى أولا، وإذا تصادمت هذه المصالح مع المبادئ فشعارهم الفعلى :«فلتذهب المبادئ إلى الجحيم».
وبالتالى فأغلب الظن أن أمريكا وغيرها من القوى الأوروبية وتركيا ــ وبعد تهديدات السعودية أمس بأنها سترد على أى عقوبات بإجراءات أشد ــ ستفكر فى كيفية الاستفادة ماليا واقتصاديا و«مصالحيا» من قضية اختفاء خاشقجى، ولا يوجد مانع من أن يتم ذلك تحت شعار حقوق الإنسان!!!

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وخاشقجى الأموال أم المبادئ ترامب وخاشقجى الأموال أم المبادئ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:21 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح
  مصر اليوم - مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح

GMT 03:33 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
  مصر اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن شِقو يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 13:37 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

افتتاح مطعم وجبات خفيفة أثري في إيطاليا

GMT 08:36 2021 الخميس ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خبير ديكور يوضح الفرق بين الحجر الطبيعي والحجر الصناعي

GMT 16:31 2021 الأربعاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"AZZI & OSTA" تطلق تشكيلتها الجديدة

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,18 آب / أغسطس

"Dior Baby" تكشف عن مجموعتها لموسم خريف شتاء 2021-2022

GMT 23:17 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

​المصري يبحث التعاقد مع حارس مرمى في كانون الثاني

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

فتاة توجه نصيحة للمصريين بعد إصابة 12 فردًا من أسرتها بكورونا

GMT 21:54 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

5 خطوات لاستخراج بدل فاقد لبطاقة التموين فى مصر إلكترونيا

GMT 22:12 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

الأسهم الباكستانية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 22:31 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 28 يوليو

GMT 09:35 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

غاريث بيل يضع شرطًا للرحيل عن ريال مدريد

GMT 10:49 2020 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

تعرف على عمر هالة فاخر في عيد ميلادها

GMT 06:42 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة إعداد الدجاج على الطريقة التركية

GMT 11:54 2020 الأحد ,17 أيار / مايو

بريشة : علي خليل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon